الأقباط متحدون - أخطأت «نيويورك تايمز».. ونحن أيضاً
أخر تحديث ٢١:٢٩ | الأحد ١٢ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ٢ | العدد ٣٣٥٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أخطأت «نيويورك تايمز».. ونحن أيضاً


بقلم   على السيد 
كثيرون تباروا فى سب واتهام صحيفة «نيويورك تايمز» بسبب افتتاحيتها عن مصر. قد يكون عندهم حق. الصحيفة أخطأت، ووقعت فى جملة من المعلومات المضللة. الذين سبوا الصحيفة ولعنوها لم يأخذوا غير شتائمهم.

لم يتحرك أحد ليصحح الصورة. مسؤول فى جهاز أمنى قال لى «طز فى نيويورك تايمز»، وزاد بحفنة من الشتائم المعروفة. رجل واحد تصدى لتصحيح المفاهيم المغلوطة، هو السفير الوطنى بدر عبدالعاطى. كانت النتيجة سريعة وعظيمة، فالصحيفة الأولى عالمياً لم تخجل من أن تنشر، فى صدر صفحتها الأولى يوم الخميس الماضى، موضوعاً رئيسياً عن الرئيس عبدالفتاح السيسى.

أعطى الرجل مكانته ووصفته بأوصاف إيجابية. هذا الموضوع الذى أخذ مساحة كبيرة من الصفحة الأولى، والصفحة الثالثة أيضاً، ونشرته «المصرى اليوم»، لم يكن نتيجة الشتائم التى تشبه البصق لأعلى، ولكنه كان نتيجة مجهود فردى من عبدالعاطى.
 
أجهزة كثيرة فى الدولة تصفق للشتامين وتتعامل بـ«طز» مع كل ما يحدث عالمياً. أتذكر أن نظام صدام حسين كان يلعن أبوالأمريكان، ويحيى صمود الشعب الذى يموت من قسوة الحصار، ومن تبقى بات مهدداً بالفتنة.. نتذكر طبعاً أن صدام كانت لديه أجهزة قوية تحولت إلى قبض ريح مع دخول الأمريكان إلى بغداد.
 
الصحيفة الأمريكة قالت الخميس الماضى ما لم يقله من تباروا على صفحات لا يتجاوز تأثيرها خطوة واحدة خارج مصر.. قالت: «إن الدبلوماسيين الغربيين الذين اجتمع معهم السيسى يصفونه بأنه (شخص مبتسم، وواثق من نفسه، ولكنه عنيد بهدوء)، فهو يبتسم، ويبدو مشجعاً لما تقوله، ولكنه فى الوقت نفسه يرفض بشدة أن ينصاع للضغوط الغربية، وأن لقاء الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، مع السيسى، فى نيويورك، كان بمثابة (اعتراف علنى) به من قبل الرئيس الأمريكى، وهو ما لم يحظ به مرسى».
 
صحيفة «نيويورك تايمز» على درجة عالية من المهنية والحرفية الصحفية. هذه الدرجة هى التى مكنت الصحيفة من أن تحظى بمكانة مرموقة فى التأثير على السياسة الأمريكية، وصناعة القرار هناك، ومع ذلك أخطأت وصححت.
 
أخطأت حين قالت إن «السيسى جاء بانقلاب عسكرى وانتخابات مزورة، ولم يكن مطلباً شعبياً». لكن أحداً لم يذكر الصحيفة الأمريكية بأن هناك ثورة شعبية قامت ضد حكم الإخوان. الصحيفة أنكرت نزاهة الانتخابات الرئاسية المصرية واعتبرتها مزورة. لم يقل لها أحد إن العالم أجمع شهد بنزاهة هذه الانتخابات، وإن المراقبين الدوليين أقروا بذلك «مع وجود تجاوزات لم تؤثر على العملية الانتخابية». أنكرت أيضاً وجود شعبية كبيرة للرئيس السيسى.. لكنها عادت الخميس الماضى لتقول فى صفحتها الأولى: «فى المائة يوم الأولى، منذ توليه السلطة رسمياً، اتخذ السيسى خطوات لم يجرؤ رؤساء مصر السابقون على اتخاذها، حيث وقف ضد حركة حماس الفلسطينية، وعرقل الضغوط الغربية، رفيعة المستوى، لإطلاق سراح الصحفيين الدوليين المحكوم عليهم بالسجن.. وقلل من دعم الوقود الذى كان بمثابة قضية لا تقبل النقاش، وكل هذا بدون أن يواجه أى معارضة شعبية»، فمن ذا الذى يقدر على فعل ذلك بعد ثورتين شعبيتين إلا رجل يملك شعبية كاسحة.
 
يحق للصحيفة الأمريكية أن تطالب قيادات بلادها بوقف المعونات العسكرية لمصر، لكن لا يحق لها أن تضع الأسباب دون تدقيق أو أن تستمع لطرف يعادى الدولة المصرية، كأن تقول إن «معركة الدولة المصرية ضد المتشددين انتقلت من سيناء إلى المناطق المأهولة بالسكان، وإن الجيش المصرى استخدم دبابات أمريكية الصنع لقصف مناطق مدنية». هذا كذب لا جدال فيه، فالمعركة فى سيناء لاتزال مستمرة ولم تقصف دبابة واحدة أى منطقة مأهولة، هل ثمة أحد فى الدولة قال للصحيفة: «نتحدى أن يثبت أحد وجود قصف لمناطق مأهولة» لم يقل أحد، فقط قرأنا شتائم على صفحات الجرائد.
 
قالت «نيويورك تايمز» أيضاً إنه «منذ تولى عبدالفتاح السيسى السلطة فى مصر، عقب ما وصفته بـ(الانقلاب العسكرى) فى عام ٢٠١٣، عادت البلاد إلى حكم المؤسسات السلطوية متمثلاً فى سجن المعارضين السياسيين وإسكات النقاد وتشويه صورة الإسلاميين السلميين» دون أن يسأل أحد الصحيفة: أى معارضين وأى سلميين؟ ألم تسجل كاميرات مصوريها كم العنف الذى يمارس فى أغلب المظاهرات، وأن معظم الشعب المصرى ينتمى للإسلاميين السلميين ولا يمارسون أى عنف ولا يعتقلهم أحد، وأن المعارضين، وليس الإرهابيين، يمارسون حقهم فى مصر بصورة جيدة.
 
فى تقديرى أن أخطر ما جاء فى المقال الافتتاحى هو ما ذكرته الصحيفة بوضوح عن القانون الخاص بالتمويل الأجنبى، حيث قالت: «هناك قانون جديد فى طور الإصدار، (مبهم الصياغة)، يشدد الرقابة على الأشخاص الذين يتلقون تمويلاً أجنبياً، وجعله جريمة يُعاقب عليها القانون بالسجن مدى الحياة»، هنا كان يمكن أن نسأل: ماذا لو أن هذه الأموال موجهة لمنظمات أمريكية؟ ألم تشدد أمريكا بعد ١١ سبتمبر حركة تنقل الأموال من وإلى أمريكا؟ ألم تراقب حركة التحويلات المالية عبر العالم لتتبع أوجه إنفاقها؟
 
نحن نفعل فقط مثلما فعل العراقى الذى رشق جورج بوش بالحذاء، وهو لا شك يستحق، لكن ما قيمة ذلك فى الواقع، فلا بوش تضايق، ولا العراق خرج من نهر الدماء.
 
نقلآ عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع