بقلم - ماجدة سيدهم
في مساء ذاك اليوم و كان الوقت متأخرا كنت أسلك على ضفاف الكلام ، طويت الصفحات بروية كي أتأكد من حقيقية الصوت الهائل والجلبة التي صارت فجأة بحيـّنا – حيـّنا راقي ويقطنه من الصفوة والرفعة - هكذا يصفون حينا - كان زفافا بالبناية الفخمة المجاورة، وقادني الفضول مثل سكان الحي لاستطلاع الأمر المدوي والتمتع بمشاهدة العرس في أوج بهجته.
لكن الصياح كان على غير العادة والطلقات النارية كانت متتالية بلا توقف ، وما بين حدة التصفيق المتصاعد والزغاريد المتواصلة بقوة ما لمحت عرسا ولا شاهدت عروسا لكنها ملاءة بيضاء مخضبة بأحمر الشرف تتداولتها الأيدي بعنف وتمزقها الأطراف بغلظة.
اشتدت حدة التصفيق الانتقامي وتعالت الأغنيات المتحدية بين كلتا الأسرتين وسط سيل من الطلقان المخيفة ، تداخلت الأصوات والصيحات وأقترب جمهور من هنا وهناك وتحول المشهد إلى تشابك وصراخ وتكالب الجمع صعودا على الدرج لبيت العروس في فراشها المنتهك والمبتل بالدماء –تهشم الكثير من زجاج السيارات والتي شاركت لتوها في موكب السعادة ، تهدلت وتمزقت بدل الرجال الفخمة وسقطت عن النساء والفتيات كل الأناقة والعطور ، من النافذة القي بالمزهريات م والأشياء الثمينة ، الصراخ لا أحد ينقذه والنزف لا أحد يضمده.
هكذا فضت أيضا بكارة هذا السكون الشفيف بغلظة البداوة والانتقام وهكذا اختلطت الدماء وتناثرت على الطرقات على السيارات على الدرج على السرير بينما حملوا العروس خارجا ولم أجد في فستانها أثرا للون الأبيض ، هدوء مخيف ، خلا الحي من الضجة بينما أخر صفحة بالكتاب بعنوان مساء يوم بارد : صفير الرياح بالخارج يبوح برجفة في أوصالها –وارتعاشه مبللة بطعم التشرد تركض وراء حلم قديم لعذراء تبحث في الوجوه ..في الزوايا .. عن متكأ لاضطرابها ..عن رفادة لنزيفها ..من منا يملك حقيقة النور والنار ليتقدم إذا في طقسي وثني.. يلقي بردائه إلى الأماكن الأربعة .. يخبئ الرياح في قنينتها.. وغبر النافذة يهدئ من عويلها ويجفف النزيف.. طويت الصفحات عانقت النعاس وفي الصباح كان الحي ساكنا بينما باتت حية كل الدماء .
ومازال البحث جاريا ..!