بقلم - هند مختار
في إحد قصص الكاتب الألماني باتريك زوسكيند تحت عنوان هوس العمق يدخل الناقد التشكيلي المهم معرض الفنانة التشكيلية الشابة ويتفحص اللوحات باعتمام وبعد ترقب من الفتاة يلوي شفتيه بأنها تفتقر للعمق في لوحاتها ، نهنم الفتاة البحث عن العمق فتحاول أن تقرأ عن العمق وتبحث عنه حتى يصيبها هوس  العمق قينتهي بها المطاف للانتحار لأنها بدون عمق ..

القصة رائعة فعلا فهي تتحدث عن هوس المصطلحات المطاطة والرغبة عند البعض في خلق هالة من الثقافة حوله ..
فتجد شخص يتحدث عن المجتمع الكوزموبوليتان طوال الوقت بدون أن يفهم معنى الكلمة ،و الآخر الذي يتحدث عن الإلحاد واللادينية باعتباره خبير في الأديان وأنه لمس جوهر الحقيقة (حلوة جوهر الحقيقة أنا كمان بقول كلام جامد)..

ومن مظاهر التظاهر بالعمق والفهم والثقافة ، أن تردد أبيات لمحمود درويش وأمل دنقل ، وأن تستمع لفيروز وتعلن ذلك بالطبع على الفيس بوك وتويتر ، بالإضافة لطقس شرب القهوة مع فيروز ..

يجب أن يمتليء فضائك السمعي بصوت منير حتى تكون مثقفا لا معا عميقا ، من المفضل لكي تكون عميقا أن تحكل كاميرا وتحاول أن تصور فيلم عن إنكسار الروح حينما فقدت آخر قطعة جبن رومي لأن الفار أكلها (حد فاهم حاجة؟)..

كي تكون عميقا تخدث عن آخر الروايات صاحبة أعلى مبيعات وأنك لا تقرأ إلا أدب أمريكا اللاتينية وتذكر أسماء ماركيز وساراماجو ،والواقعية السحرية ..
لا تنسى أن تعلن أنك تسمع لأغاني الصوفية وتكتب بوستات من أشعار الحلاج على وجه التحديد ، وأن موسيقى بيسكاليا هي فضائك السحري ..
أهم شيء علاقتك بالحشيش والمخدرات فأعباء الثقافة والعمق تحتاج لشيء ما يساعدك على الإنفصال عن الواقع قليلا (العمق متعب قوي) ..
عزيزي المواطن/ة العميق/ة كفاية حرام عليكوا لقد أهنتوا الفن والثقافة والأدب

وجعلتم الرموز الحقيقية رموز للتفاهة والقبح والادعاء فلكي تكون مثقف حقيقي وعميق بجد يجب أن تكون لك وجهة نظر حقيقة وإعجابك الشخصي بالأشياء ،وأن ترفض بعض الأشياء لأنها لا تروق لك ،فليس في الثقافة تابوهات ،ولا توجد وصفة تجعلك صاحب هالة ثقافية وعمق حقيقي إلا إطلاعك الشخصي وتجربتك الحقيقية ..
أعزائي العميقون أبوس إيديكوا كفاية عمق