الأقباط متحدون - هزائم الجيوش النظامية.. والركّاب الزُّرق
أخر تحديث ١٠:٣٩ | الخميس ٢٣ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ١٣ | العدد ٣٣٦٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هزائم الجيوش النظامية.. والركّاب الزُّرق

 مى عزام
مى عزام

لو كان يوسف بك وهبى يعيش بيننا الآن لسمعنا صيحته الشهيرة «ياللهول»، فالتطورات السريعة والمتلاحقة فى العالم العربى مخيفة، الخريطة يعاد ترسيمها وتوازنات القوى التقليدية تختل، وفى أتون هذ الخلل تتشكل ظاهرة جديدة، انسحاب جيوش الدولة أمام ميليشيات طائفية قليلة العدد والعدة، حدث الأمر مرتين فى غضون شهور قليلة، أولاً فى العراق حينما انسحبت فصائل من الجيش العراقى أمام «داعش» فى الموصل وتركت لهم الساحة لينتشروا كالجراد، وثانياً فى اليمن حين انسحب الجيش اليمنى أمام الحوثيين تاركاً لهم عتاده وعدته، ما أعطى تلك الفصائل قوة إضافية وجرأة لبسط نفوذها على مزيد من الأراضى التى كانت تحت سيطرة الجيش والدولة، هذه الميليشيات المسلحة لا تعرف معنى كلمة وطن ولكنها تعلى من شأن مصلحتها الطائفية على حساب المجموع.

الجيوش الوطنية فقدت روحها القتالية وانهزمت داخلياً قبل فرارها من ميدان القتال، ما نراه من صمود الجيش السورى أمام «جبهة النصرة» و«الجيش الحر» و«داعش» ما كان ليتحقق لولا الاستعانة بـ«عصائب أهل الحق» و«حزب الله»، وهذا الأخير هو الذى استطاع أن يجبر الجيش الإسرائيلى على الانسحاب من لبنان عام ٢٠٠٠، كما أننا لا يمكننا أن ننكر صمود «كتائب القسام» فى غزة أمام جيش الاحتلال الإسرائيلى، ولا أن نغفل ما يحدث فى ليبيا ومعارك الفصائل المسلحة.

حروب الفصائل المسلحة الطائفية والمتطرفة أمام الجيوش النظامية الوطنية وانتصارها لم تكن يوماً بمثل هذا الانتشار، خاصة فى منطقتنا العربية، لكن هذه الظاهرة سبقتها أوضاع سياسية خاطئة من الأنظمة الحاكمة فى هذه الدول، فهى نفسها سقطت فى فخ الطائفية والانحيازات المذهبية وتعاملت مع مواطنيها باعتبارهم شيعاً متفرقة وليسوا أبناء وطن واحد لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، الهزيمة التى لحقت بالجيوش الوطنية سبقها سقوط الأنظمة التى غرست بذور الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد والجيوش ليست سوى مرآة للأنظمة والشعوب.

ونحمد الله كثيراً على أن الجيش المصرى على قلب رجل واحد، يدافع عن وطن وليس عن نظام أو حزب أو طائفة، ولكن حتى نبقى على جيشنا قوياً عفياً لابد أن نبعده عن صراعات ومشاحنات الداخل ولا نجعله طرفاً فيها، وعلى الدولة ومؤسساتها المختلفة أن تسعى للوصول لحالة من التوافق والسلم الاجتماعى ولا تزيد من حدة الاستقطاب، وأن تستبعد أسباب الفرقة وتسعى لتأسيس شراكة مجتمعية وسياسية حقيقية وتتعامل مع العنف بالحكمة وليس بمزيد من العنف والإجراءات المقيدة للحريات.

الحقيقة أن الدولة لم تغير أسلوبها فى الحكم، مازالت تطبق الأساليب المباركية، فقط غيَّرت خطابها، تماماً مثلما فعل سائق أتوبيس أمريكى أبيض فى فترة التفرقة العنصرية، حيث كان يُجلس الركاب وفقاً للون بشرتهم، يجلس البيض فى المقدمة والسود فى المؤخرة. وفى أحد الأيام أوضح له رئيسه أن الأمور تغيرت وعليه أن يتغير وفقاً لها. وعندما رأى الرئيس أن السائق لم يستوعب الأمر قال له: «فلتنس وجود أشخاص سود وآخرين بيض، من الآن فصاعداً تصرف وكأن الجميع زُرق».. بعدها، وفى فترة عمله التالية، قال السائق على مسمع من الركاب: «يبدو أنه لم يعد هناك أناس بيض أو سود البشرة بعد الآن، لذلك فليجلس الزرق الفاتحون فى المقدمة، وليرجع الزرق الغامقون إلى المؤخرة».

العبر كثيرة، المهم من يعتبر.

ektebly@hotmail.com

نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع