حينما غادرت كلير بروندل العاصمة البريطانية لندن في عام 2005 للعمل في سنغافورة، كانت قد عملت في السابق في آسيا، كما تطوّعت للخدمة في جزيرة بورنيو بماليزيا، وجابت أنحاء أستراليا.
كانت بروندل واثقة من أن مؤهلاتها العلمية ساعدت في حصولها على وظيفة محررة في إحدى دور النشر.
وتمثلت خطوتها التالية في الانتقال إلى سيدني للعمل في مؤسسة هاردي غرانت ميديا، كبرى دور النشر المستقلة. كانت تلك نقلة جيدة لبروندل، كما كانت خبراتها وتجاربها في العمل خارج وطنها ميزة كبرى في نظر زملائها من أهل البلد المضيف.
وتقول بروندل، التي صارت الآن المدير العام للشركة، ورئيس دائرة النشر فيها: "أتاحت لي تجاربي في لندن وسنغافورة شبكة علاقات أوسع، ونقاط مرجعية أرحب يمكنني أن أشرك فيها فريقنا هنا."
ويقول كولين ريتشي، أحد مديري العمل في شركة بروندل: "مهارات كلير التي اكتسبتها خلال عملها في الخارج ظلت ذخراً للشركة ولأفراد فريقها. ففي أحيان كثيرة تساعدنا النظرة العالمية الواسعة النطاق في محتوى ما ننشره، وفي أسلوبه أيضاً. وحيث أن الكثير من مطبوعاتنا يقرأها الزوار الأجانب، فإنه من المهم أن نقيم صلتنا بزبائننا بصورة مألوفة لهم."
ووفقاَ لدراسة أجرتها مؤسسة بروكفيلد لخدمات إعادة التوطين فإن عدد العاملين في وظائف خارجية أرتفع في عام 2011 لأول مرة منذ عام 2006.
وفي حين ظل الوافدون يجدون التقدير بفضل مهاراتهم وفطنتهم العالمية، شرعت الشركات في الإعتراف بأن الوافدين قادرون أيضاً على إتاحة منظور جديد يمكن أن ينتفع به الزملاء من أهل البلد المضيف.
تقول كلير بروندل إن عملها السابق في لندن وسنغافورة ساعدها في عملها الجديد في مدينة سيدني
ولقد ظل الخبراء زمناً ينصحون الوافدين بالإندماج في الثقافة المحلية، والامتزاج بها، والسعي نحو تكوين صداقات مع الزملاء، ولكن ذلك الأمر لم يكن هينا على الدوام. ففي أحيان كثيرة، ينجذب الوافدون خلال اغترابهم إلى بعضهم البعض في ما ينكب أهل البلد على صون شبكات علاقاتهم وصداقاتهم.
بيد أن ذلك الوضع يشهد تغيراً الآن، في ما يبدو، رغم أن ذلك التغير يتم ببطء. وهكذا شرع أهل البلاد في إدراك قيمة تلك الصداقات أو حتى تكوين شراكات تجارية مع زملائهم الوافدين.
أرضية مشتركة
لن يتسنى لك قط أن تدرك أين تعثر على شريكك التجاري. ذلك هو الدرس الذي تعلمه إدوارد ماكميلان حين التقى بالوافد الأيرلندي، ريان ماكلينغان، خلال عمله في شركة أمادا أوشينيا لإنتاج الماكينات في سيدني.
وسرعان ما أدرك أن كليهما يحملان وجهات نظر متماثلة بشأن عملية إنتاج الماكينات رغم إختلاف مجال مهارتهما وتخصصاتهما. فقد اتفق الاثنان على أن الإنتاج الصناعي يزدهر في الخارج في ما يعاني انكماشا في استراليا. كما اتفق الاثنان على أنه يلزم العمل لمواجهة ذلك الوضع .
كان ماكميلان، باعتباره مواطناً من أهل البلد، يعرف السوق الأسترالي جيدا، كما كان قادراً على معرفة احتياجات صنّاع القرار في الشركات في ما يخص متطلبات المنتجات. أما تجارب ماكلينغان وخبراته المتصلة بالعمل في بلدان أجنبية فقد كان من شأنها المساعدة في التعرف على الأسواق الجديدة للمبيعات، وذلك تضافر رآه الاثنان مفتاحاً لنجاح أعمال الإنتاج الصناعي.
ويقول ماكميلان موضّحاً كيف كانت خبرات ريان في المملكة المتحدة واليابان مجدية لأنها سمحت لهما بتنفيذ فنيات وأساليب إنتاج متقدمة تطبق في الخارج: "عمل ريان في بلاد أجنبية، وسافر كثيراً، وهو بذلك خبير في التعامل مع الناس ويقيم علاقاته بيسر وسهولة."
أما ريان فيقول ضاحكاً: "معظم الناس يخشون من مجرد إقامة شركة إنتاج صناعي، لكننا رأينا الفرصة سانحة في أستراليا لتحدي بيئة الإنتاج الصناعي المتغيرة."
وفي عام 2012، أسس الاثنان شركة "مايكرون" للإنتاج الصناعي، وتبنيا تقنية تمزج بين أشعة الليزر وبرمجيات الكمبيوتر، وذلك للإسراع من عملية إنتاج قطع الغيار.
ولقد شهدت الشركة نموّاً مطرداً، وهو أمر يعزيه الاثنان إلى تضافر مجموع مهارات مختلفة، تتمثل في التجارب في سوق العمل، وخصوصيات الخلفية الثقافية.
التأثيرات الثقافية
هناك، بطبيعة الحال، الميول الثقافية الأكثر تقليدية، والتي يمكن أن تكون ذات قيمة لأهل البلاد من المواطنين أسوة بالوافدين التواقين إلى الاندماج.
تقول ريني سويني إنها تعلمت من تجاربها السابقة في نيويورك وألمانيا قبل أن تستقر حاليا في فيينا
قبل سنوات ثلاث، غادرت ريني سويني نيويورك إلى أوروبا، حيث انتقلت إلى ألمانيا أولاً، ومنها إلى فيينا في سياق مشروع للكتابة عن المدينة.
وتقول سويني هنا: "لقد وقعت في غرام المدينة، فانتقلت إليها لأكتب للصحيفة الصادرة بالإنجليزية هنا."
وتضيف سويني التي تعمل في مجال تدريب رجال الأعمال على الثقافات البينية، إنها تتعلم يومياً من أهل العاصمة النمساوية، ولكنهم، بالمثل، يتعلمون منها.
وتضيف أن هوياتنا القومية وخلفياتنا تؤثّر بلا ريب في طريقة عملنا، حتى إذا كنا بعيدين عن البيئة التي تشكلت فيها تلك الهويات والخلفيات.
ذلك أن ثقافتنا ستظل دوماً مرتبطة بالعمل، وكثيراً ما يعبّر الأشخاص الذين أعمل معهم عن تعجبهم من التفاوتات/ الإختلافات الأمريكية في مجال الأعمال، وكذلك ما يخص آداب المهنة والرسميات، وغير ذلك من العوامل."
وتقول سويني إنها تعلمت الكثير من أوجه التشابه والإختلاف، والطرائف المفاجئة التي تؤثر، في آخر الأمر، على موقفنا حيال عملنا.
وتضيف: "كثيراً ما يستوقف أسلوب الأمريكيين البعيد عن الصرامة أهل فيينا. كما أن ولعنا بالثرثرة حول الأمور الشخصية كثيراً ما كان يعتبر أمرا طريفاً."
وتتابع: "لقد تبادلت مكالمات هاتفية مع مسؤولين في أمريكا ممن يعملون في مكاتب قانونية، أو خدمات مالية، أو ضرائب، وتخلل ذلك أحاديث شخصية على الهاتف خلال التفاوض حول العمل. وقد بدا لي ذلك الآن غريباً بعد عملي هنا."
لكن سويني تقول إن أسلوبها المتساهل والبعيد عن الصرامة ساعدها في إقامة علاقات تتجاوز مجالات العمل.
وتضيف: "إن العالم متكامل جدا على مستوى الدول، وليس بوسعنا العيش في مجتمع معزول ثقافياً، وهناك نفع كبير في العمل المشترك بين مواطني البلاد والوافدين إليها."
كانت بروندل واثقة من أن مؤهلاتها العلمية ساعدت في حصولها على وظيفة محررة في إحدى دور النشر.
وتمثلت خطوتها التالية في الانتقال إلى سيدني للعمل في مؤسسة هاردي غرانت ميديا، كبرى دور النشر المستقلة. كانت تلك نقلة جيدة لبروندل، كما كانت خبراتها وتجاربها في العمل خارج وطنها ميزة كبرى في نظر زملائها من أهل البلد المضيف.
وتقول بروندل، التي صارت الآن المدير العام للشركة، ورئيس دائرة النشر فيها: "أتاحت لي تجاربي في لندن وسنغافورة شبكة علاقات أوسع، ونقاط مرجعية أرحب يمكنني أن أشرك فيها فريقنا هنا."
ويقول كولين ريتشي، أحد مديري العمل في شركة بروندل: "مهارات كلير التي اكتسبتها خلال عملها في الخارج ظلت ذخراً للشركة ولأفراد فريقها. ففي أحيان كثيرة تساعدنا النظرة العالمية الواسعة النطاق في محتوى ما ننشره، وفي أسلوبه أيضاً. وحيث أن الكثير من مطبوعاتنا يقرأها الزوار الأجانب، فإنه من المهم أن نقيم صلتنا بزبائننا بصورة مألوفة لهم."
ووفقاَ لدراسة أجرتها مؤسسة بروكفيلد لخدمات إعادة التوطين فإن عدد العاملين في وظائف خارجية أرتفع في عام 2011 لأول مرة منذ عام 2006.
وفي حين ظل الوافدون يجدون التقدير بفضل مهاراتهم وفطنتهم العالمية، شرعت الشركات في الإعتراف بأن الوافدين قادرون أيضاً على إتاحة منظور جديد يمكن أن ينتفع به الزملاء من أهل البلد المضيف.
تقول كلير بروندل إن عملها السابق في لندن وسنغافورة ساعدها في عملها الجديد في مدينة سيدني
ولقد ظل الخبراء زمناً ينصحون الوافدين بالإندماج في الثقافة المحلية، والامتزاج بها، والسعي نحو تكوين صداقات مع الزملاء، ولكن ذلك الأمر لم يكن هينا على الدوام. ففي أحيان كثيرة، ينجذب الوافدون خلال اغترابهم إلى بعضهم البعض في ما ينكب أهل البلد على صون شبكات علاقاتهم وصداقاتهم.
بيد أن ذلك الوضع يشهد تغيراً الآن، في ما يبدو، رغم أن ذلك التغير يتم ببطء. وهكذا شرع أهل البلاد في إدراك قيمة تلك الصداقات أو حتى تكوين شراكات تجارية مع زملائهم الوافدين.
أرضية مشتركة
لن يتسنى لك قط أن تدرك أين تعثر على شريكك التجاري. ذلك هو الدرس الذي تعلمه إدوارد ماكميلان حين التقى بالوافد الأيرلندي، ريان ماكلينغان، خلال عمله في شركة أمادا أوشينيا لإنتاج الماكينات في سيدني.
وسرعان ما أدرك أن كليهما يحملان وجهات نظر متماثلة بشأن عملية إنتاج الماكينات رغم إختلاف مجال مهارتهما وتخصصاتهما. فقد اتفق الاثنان على أن الإنتاج الصناعي يزدهر في الخارج في ما يعاني انكماشا في استراليا. كما اتفق الاثنان على أنه يلزم العمل لمواجهة ذلك الوضع .
كان ماكميلان، باعتباره مواطناً من أهل البلد، يعرف السوق الأسترالي جيدا، كما كان قادراً على معرفة احتياجات صنّاع القرار في الشركات في ما يخص متطلبات المنتجات. أما تجارب ماكلينغان وخبراته المتصلة بالعمل في بلدان أجنبية فقد كان من شأنها المساعدة في التعرف على الأسواق الجديدة للمبيعات، وذلك تضافر رآه الاثنان مفتاحاً لنجاح أعمال الإنتاج الصناعي.
ويقول ماكميلان موضّحاً كيف كانت خبرات ريان في المملكة المتحدة واليابان مجدية لأنها سمحت لهما بتنفيذ فنيات وأساليب إنتاج متقدمة تطبق في الخارج: "عمل ريان في بلاد أجنبية، وسافر كثيراً، وهو بذلك خبير في التعامل مع الناس ويقيم علاقاته بيسر وسهولة."
أما ريان فيقول ضاحكاً: "معظم الناس يخشون من مجرد إقامة شركة إنتاج صناعي، لكننا رأينا الفرصة سانحة في أستراليا لتحدي بيئة الإنتاج الصناعي المتغيرة."
وفي عام 2012، أسس الاثنان شركة "مايكرون" للإنتاج الصناعي، وتبنيا تقنية تمزج بين أشعة الليزر وبرمجيات الكمبيوتر، وذلك للإسراع من عملية إنتاج قطع الغيار.
ولقد شهدت الشركة نموّاً مطرداً، وهو أمر يعزيه الاثنان إلى تضافر مجموع مهارات مختلفة، تتمثل في التجارب في سوق العمل، وخصوصيات الخلفية الثقافية.
التأثيرات الثقافية
هناك، بطبيعة الحال، الميول الثقافية الأكثر تقليدية، والتي يمكن أن تكون ذات قيمة لأهل البلاد من المواطنين أسوة بالوافدين التواقين إلى الاندماج.
تقول ريني سويني إنها تعلمت من تجاربها السابقة في نيويورك وألمانيا قبل أن تستقر حاليا في فيينا
قبل سنوات ثلاث، غادرت ريني سويني نيويورك إلى أوروبا، حيث انتقلت إلى ألمانيا أولاً، ومنها إلى فيينا في سياق مشروع للكتابة عن المدينة.
وتقول سويني هنا: "لقد وقعت في غرام المدينة، فانتقلت إليها لأكتب للصحيفة الصادرة بالإنجليزية هنا."
وتضيف سويني التي تعمل في مجال تدريب رجال الأعمال على الثقافات البينية، إنها تتعلم يومياً من أهل العاصمة النمساوية، ولكنهم، بالمثل، يتعلمون منها.
وتضيف أن هوياتنا القومية وخلفياتنا تؤثّر بلا ريب في طريقة عملنا، حتى إذا كنا بعيدين عن البيئة التي تشكلت فيها تلك الهويات والخلفيات.
ذلك أن ثقافتنا ستظل دوماً مرتبطة بالعمل، وكثيراً ما يعبّر الأشخاص الذين أعمل معهم عن تعجبهم من التفاوتات/ الإختلافات الأمريكية في مجال الأعمال، وكذلك ما يخص آداب المهنة والرسميات، وغير ذلك من العوامل."
وتقول سويني إنها تعلمت الكثير من أوجه التشابه والإختلاف، والطرائف المفاجئة التي تؤثر، في آخر الأمر، على موقفنا حيال عملنا.
وتضيف: "كثيراً ما يستوقف أسلوب الأمريكيين البعيد عن الصرامة أهل فيينا. كما أن ولعنا بالثرثرة حول الأمور الشخصية كثيراً ما كان يعتبر أمرا طريفاً."
وتتابع: "لقد تبادلت مكالمات هاتفية مع مسؤولين في أمريكا ممن يعملون في مكاتب قانونية، أو خدمات مالية، أو ضرائب، وتخلل ذلك أحاديث شخصية على الهاتف خلال التفاوض حول العمل. وقد بدا لي ذلك الآن غريباً بعد عملي هنا."
لكن سويني تقول إن أسلوبها المتساهل والبعيد عن الصرامة ساعدها في إقامة علاقات تتجاوز مجالات العمل.
وتضيف: "إن العالم متكامل جدا على مستوى الدول، وليس بوسعنا العيش في مجتمع معزول ثقافياً، وهناك نفع كبير في العمل المشترك بين مواطني البلاد والوافدين إليها."