الأقباط متحدون - ثقـافــة التشوية!
أخر تحديث ٠١:٠٠ | السبت ٢٥ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ١٥ | العدد ٣٣٦٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثقـافــة التشوية!

د.ماجد عزت إسرائيل

التشوية يعنى فى قاموس المعانى إعوجاج أو تحوير وتحريف وتشوية الحقيقة،وللتشوية أنواع منها التشوية الجسدى وهو ما تمارسة بعض الجماعات عن طريق خدش جزء من الجسم أو حرق الجلد أو الـــوشم أو الختان، وفي بعض الحالات، قـــد ينطبق المصطلح على معــاملة الجثث، مثل تشويه الجنود بعد قتلهم من قبل الأعـــداء

أو استغلال بعض الرهـــائن من الكــتاب والصحفين وتشويههم أو قتلهم أو التمثيل بجثثهم، وبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة ونذكر على سبيل قتل الأمريكانيان  "جيمس فــولى" و الصحفى " ستيفن سوتلوف" فى 2 سبتمبر 2014م اعتراضاً على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية .

أما النوع الثانى فإنه التشوية الأخلاقى وهو تحويل الطبائع و الأخلاق الحميدة و الأفكار الحسنة البنـــائة، إلي  أفكار قبيحة وهدامة مثل تحـــويل الكرم إلى البخل، والأخـلاق الحسنة إلى سيئة، أو الفكر العقلى إلى فكر شرير هـــدفة التدمير، أو الصدق إلى كذب، أو الأشياء الحقـيقية إلى أشياء غير حقيقية (خيالية)
 وحيثما تكون هناك ثقافة  تشوية  وعدم تقبل الآخر،تولد فكرة كراهية بجانب الإبادة وممارسة العنف،والتطهير لاستئصال الآخر المختلف،جنـــسياً ودينياً،وثقـافياً، وفى رؤيــة لهـذه الكوارث الإنسانية التى تســــود بعض المجتمــــعات والمؤسسات الدوليــة والمحـــلية،لم تجد المؤسسات الحقوقية العالمـية والمحلية مخرجاً لهـذه الأزمات، وخاصة إذا كنت هـــذه المؤسسات الحقوقية العالمية تساند دولة ما،أوجماعة ما داخل دولة؛ من أجـــل مصالحها الخاصة ، ولكن يأتى هــذا على حساب مصلحـــة الشعب ذاته وبعض الأفــــراد من مشاهير المجتمع،وهـذا ما يتعرض له المجتمع الحالى فى وقتنا الحالى.

   وهناك بعض العوامل التى ساهمت  فى أنتشار ظاهرة التشوية فى عالمـنا الحالى، منها  تعدد وسائل الأعلام بشتى أنواعها المقروئة والمسموعة والـمرئية،وزاد من أنتشـــار التشوية ظهور  الأنترنت والفيس بوك وتويتر،وتعـــدد بعض مواقـــع وسائل التــــواصل الاجتماعى نذكر منها الرياضى والسياسى والثقافى وعالم الموضة والزواج والتسوق والدعاية والأعلام والأعــلانات لبعض المنتجات الخاصة بالمأكولات والمشروبات ولعب الأطفــــال،وأدى التـطور السريع فى عالم الأنترنت إلى وجـــود جــماعات أيضًا؛ تخصصت فى سرقة المواقع أوالـبريد الالكتروني الخاص ببعض المصالح أو المؤسسات أو الأفراد، واستغلالها لتحقيق مصالح لدول أو لجماعات أو لبعض الأفراد.

    وللتشوية  طرق ووسائل يمتلكها القائمون عليه وخاصة بمواقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك) منها الخديعة عن طريق كتابة تعليق  أو كلمة أو تلميح ثم بعد ذلك يتطور الأمر إلى كتابة  فقرة تحـــمل بين ثنايها أسلوب المدح والذم كما يعرف فى لغتـــنا العربية،حتى يصبح الـذم هو السائد من أجـــل التشوية،وهناك تشوية عن طريق الفــــوتوشوب باستخــدام الصور الشخصية لبعض الرؤساء أو الملوك أو المـــفكرين والمبدعين و المـشاهير من رجال السياسية والرياضة والفن والتشهير بهم ومحاولة تشويههم . وهناك تشوية صوتى أو تشوية تقليدى وهــو ما تعرض له الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك"(1981-2011م) بعد ثورة 25 يناير 2011م من طبيبه الخاص عن طريق التسجيل الصوتى لمــبارك فى أثناء توقـــيع الكشف الطبى عليه وبثـــه عبر وسائل الأعلام.

    على أية حال،تعرض البعض لحملات من التشوية ثم بعدها أكتشفنا أنهم أبرياء ونذكر على سبيل المثال ما تعرض له الأديب "نجيب محفوظ" على يد بعد الجماعات المتشددة  بعد كــتابة روايتــه "أولاد حارتنا" ،أو ما ما يتعرض له أقـباط مصر على لسان "ياسر برهامى"، وكلاهما بتهمة الكفر والخيانة،وهنــاك تشوية رياضى ونذكر منه على سبيل المثال ما يحـــدث ما بين رئيس نادى الزمالك المستشار"مــرتضى منصور" وبعــض جمـــاهير النادى،لدرجة وصلت لمحاولة تشويهه وقتله،وهناك تشويه لبعض المواقع و الجرائد الالكترونية والصحف والمجــلات الورقية منها ما يحدث بين موقع الأقباط متحدون أو موقع كل المصريين وأحــد كتابها،وما يحدث بين مجلة وجريدة روزاليوسف وأقباط مصر .

    وللتشوية أهداف تسعى إليها  الجماعات أو الأفراد من أجل تحقيق مصالح خاصة بها، ومن أوائــل قضايا التشوية  فى القرن الأول الميلادى ما تعرض له  "السيد المسيح " على يد بعض يهــود أورشليم ، فى محاولة لتشويهه من أجل الحفاظ على أوضاعهم ومكانتهم،حيث انكـــروا معجزاته وشفـــائه للأمراض ،وقـالوا عليه أنه يفسد الأمة،ويمنع الشعب من دفع الجزية لقيصر و يخالف الناموس. وعندما فشلوا لجأوا إلى الوالى الرومانى "بيلاطس  وقــالوا:" أنه يقــــول على نفسه أنه ملكا...." حتى سعوا  لدى المــــلك "هيرودس"  ليحكم على "الســـيد المـــسيح " بالصلب ، وخيرا دليل للظلم أن أخـــذ ماءً وغسل يديه أمام الجَمْع قـائلاً "إني بريء من دم هذا البار" فقال جميع الشعب: "دمه علينا وعلى أولادنـــا" ولكن كان لقيامته من بين الأمــوات  فى اليوم الثالث أكبر رد على هــؤلاء ،لدرجة أن بعضهم ندم على ما فعـــله. كما أن هناك تــشويه هدفه الإساءة إلى السمعة و بث الفتن و الحقد و الكــــراهية و الغيرة والحسد و الســعى لوظــــيفة أو منصب أو حفنة دولارات.
  وأنا شخصياً أومن أن الله لا يترك أبنائه فى أى مكان أو زمان، حسب وعده الصريح بالكتاب
المقدس "من يمسكم يمس حدقة عينى" (ذكريا 8:2)،وأيضًا "أنظروا إلى طيور السماء :إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن،وأبوكم السماوى يقوتها.ألستم أنتم بالحرى أفضل منها؟

  وأخيراً .. ليتنا نفحص نفوسنا ونحاول علاجها من الحقد والكراهية والغـيرة حتى لا نصل إلى مرحلة تشويه شخص ما من أجل الحصول على مكانه أو أمـــــواله أو موقعه أو أى شىء آخر،وحتى لا يصبح التشويه مرضاً مزمناً علينا العودة إلى تقاليدناً وقيمناً وثقافتناً. 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter