الأقباط متحدون - الأحلام والأعلام
أخر تحديث ١٧:٤٩ | الاثنين ٢٧ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ١٧ | العدد ٣٣٦٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأحلام والأعلام

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

مينا ملاك عازر
لا أحب ذلك الحديث الذي يتردد دائماً من أن أصغر مسمار في بيادة أصغر جندي في جنود قوانا المسلحة أو شرطتنا أشرف من أولائك الذين نفذوا التفجيرات والاغتيالات ضدهم، فلا شرف أصلاً لمن اختار التفجيرات وسيلة للقتل، ولمن قتل بني وطنه، ولمن يقتل أصلاً

إذن لا وجه للمقارنة، لكن ما أريدك صديقي القارئ أن تتأمله معي بحق هو أن كل بيادة من تلك البيادات اللواتي كنا يحتذيها رجال القوات المسلحة المصابين والمستشهدين كانت تحمل في الحقيقة شباباً يشبون ليصلوا لأحلامهم، حتى ذلك الانتحاري ينفذ عمليته لتنفيذ حلم طال حلمه به وهو الوصول للجنة، وقد يكون من ورائه هم الآخرون لهم أحلام في تأسيس دول على مقاسهم أو إسقاط دول ليس بقدراتهم إسقاطها.

وفي خضم هذه الأحلام المشروعة لشباب يعيش ليحلم، يأتي الصراع في وسيلة الوصول للحلم، فلا جدال أن الجميع يحلم بالوصول للجنة يوماً ما، لكن الخلاف الحقيقي هو في كيفية وصولك لذلك الحلم، وأثناء السعي الحثيث للوصول للجنة تحلم أحلام أخرى، أن تقترن بحبيبتك وأن تربي أبناءك، وأن ترى أمك، وأن تحتضن أبوك، وأن تشرف أخيك

وتحمي أختك، وتفدي وطنك، وهنا يكمن الفارق الحقيقي، فمن يفجر نفسه منتحراً لا ينتبه أن الانتحار وسيلة مرفوضة للوصول للجنة ورغم ذلك يعترف على نفسه أنه انتحاري. الفارق الحقيقي يا سادة، أن هناك من غسلوا العقل وأنسوا ذلك المضحوك عليه، أن الله استخلف الإنسان في الأرض ليعبده وليحيى إلى أن يحين أجله بإرادة الله وليس بإرادة الإنسان، أما وأن أراد الإنسان هذا فهذا انتحاراً وكفر بنعمة الله ألا وهي الحياة.

الاختلاف بين وسيلة تحقيق أحلام الشهداء والمنتحرين، تكمن في أن العقل صار فارغاً لا يملأه شيء آخر، صار موجهاً لتحقيق أحلام أهم لمن وراء منفذ العملية الانتحارية، تفجير الأحلام أعقبه هذه المرة تنكيس الأعلام، هذه الأعلام التي عاش الشهدءا يحيوها ويعملون ليحموها، تحزن الأعلام لفراق أصحاب أنقي الأحلام، ولايبقى في قلوبنا وقلوب أحباءهم إلا أشد الآلام.

يستلقي حاملي الأحلام، شهداء يصرخون لربهم يشهدونه على إيمانهم وحقهم، وذلك الانتحاري يقف هو الآخر أمام رب كريم عادل، وقد تكشفت أمامه الحقيقة، ويقول لقد كنت مغيباً، لقد أفهموني خطأً أن ما أفعله لرفعة الدين ولتحقيق الأحلام، والحكم لله العادل الرحيم في دماء سالت دون ذنب إلا أنها آمنت بأحلامها لكن بعضها ارتبط حلمها بعلمها، فما أن انتهى حلمها نُكِس علمها، وأخرى افترق حلمها عن علمها، فما ظنوا أن حلمهم يكاد يتحقق، تنكست أعلام بلادهم.

يا سادة، إن المأساة الحقيقية التي تخلق هذا التناقض البين بين الأحلام ووسائل تحقيقها هو العلم، نعم العلم، ذلك الذي لم يغذي عقل الانتحاري بعلم صحيح يجعله محصن من تعليم أصحاب الفحيح، وصار في مهب الريح، وعلم أصحاب الحلم الصحيح أن وطنهم يُفتدى بكل غال وثمين، فهل نحارب الإرهاب من جذوره بعلم نافع حتى نجفف نبعه أم نبقى نحارب طواحين الهواء؟ ونرعى السلفيون بين أيدينا، هل نقتص لدماء أصحاب الأحلام بالسلاح فقط أم نقتص لهم أيضاً بالقلم.

ثلاثية الحلم والعلم والقلم، ثلاثية إن توافقت نجحنا وصرنا من خير البلاد، وإن تفرقت رأينا آلاف التفجيرات، فهل يا ترى سنفعلها ونربط بين أحلام الفتيان ورفع الأعلام وامتشاق الأقلام، فنمحو الآلام، أم ماذا؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة بإذن الله.
المختصر المفيد تعازينا في كل من مات لأجل حلمه ووطنه ولكل أسرة تتألم لأجل أن لديها فقيد أو مصاب، والله في عون الجميع.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter