يمكن أن يكون الفقر أو القمع مبررًا للجريمة، لكنه لا يمكن أن يكون مبررًا للإرهاب. وبالطيع هناك علاقة بين الجريمة والإرهاب، الذى هو جريمة بغطاء سياسى، أو أيديولوجى. والإرهاب يختلف عن المقاومة، أو الثورة، لأن الأخيرتين تحمل كل منهما بعدًا إنسانيًا يبتعد عن القتل المجانى، ويعظم قيمة البشر. وأخطر أنواع الإرهاب هو ذلك التى يحمل غطاء دينيًا، لأنه يعتبر القتل طريقا للجنة، بينما هو يصنع جحيمًا على الأرض. وكما سبق وأشرنا، الإرهاب ليس له علاقة بالفقر أو القمع أو الجهل، وهناك الكثير من الدلائل، تحتاج بالفعل لإعادة نظر فى التفسيرات التى اعتبرت الإرهاب نتاجًا اجتماعيًا وسياسيًا فقط، متجاهلة تأثير الخطاب التحريضى والتفسيرات التعسفية للعقيدة.
ثم إن منظرى التنظيمات الإرهابية لم يكونوا فقراء أو مقهورين، فضلًا عن كونهم متعلمين وبعضهم تجاوز التعليم الجامعى إلى الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه. وآخر مثال لذلك هو ضبط طبيب امتياز بالمستشفى الجامعى متلبسًا بزرع قنبلة بجوار مركز شرطة كفر الزيات، وقبل ذلك تم ضبط أستاذ بكلية الطب، وطبيب فى كفر الشيخ يزرعان عبوات ناسفة أو يحملون أسلحة ويخربون شبكات الكهرباء، هؤلاء تم ضبطهم متلبسين، ومن قبل مواطنين شهود، بما ينفى فكرة التلفيق. والأهم أنهم ليسوا عاطلين أو فقراء، وإنما متعلمون بشكل جيد وفى كليات القمة.
وحتى لو كانوا لديهم مواقف سياسية أو غيره، لاكتفوا بالتظاهر ووسائل التعبير المعهودة، لكنهم يلجأون للعنف، ونرى مثلهم كثيرين يعلنون صراحة على مواقع التواصل، تأييدهم للعمليات الإرهابية أو شماتتهم فى مقتل مواطنين ينتمون لنفس الوطن، وربما جيران أو أقارب أو معارف. وقد رأينا مواطنًا اعترف فى فضائية أنه قاطع والده لأنه يختلف معه فى الرأى، وأنه، أى الابن إخوان، والأب ضد الجماعة. كل هذا يشير إلى أن الإرهاب الدينى ليس نتاجًا للفقر أو الجهل، أو القمع وحده، والدليل تورط أطباء ومهندسين وأساتذة فى العنف ضد مواطنيهم، وحتى الدول الأوروبية التى منحت بعض قادة الإرهاب الأمان عانت من إرهابهم، بل وهناك من بين اللاجئين من هدد هذه الدول ونتذكر الطبيب المنتمى للقاعدة قبل أعوام، والذى ضبط وكشفت التحقيقات أنه كان ينوى قتل عدد من البريطانيين بمواد ملوثة فى المستشفى الذى يعمل به.
ولدينا نموذج الشيخ عمر عبدالرحمن، الذى تمت تبرئته فى مصر ومنحته الولايات المتحدة اللجوء، وأدانته المحكمة العليا بتهمة التآمر والتحريض على تفجير مركز التجارة العالمى. ولهذا قصة تنفى ارتباط الإرهاب بالجهل أو الفقر.
نقلا عن اليوم السابع