قصـة: عـادل عطيـة
سمعت عن جمعية: "أصدقاء الحمير".. وعن أعضائها، ورتبهم، وألقابهم الحميرية!
استهوتني الفكرة حتى الإلهام؛ فقررت تكوين جمعية، مماثلة، اسميتها: "أصدقاء الذئاب"!
تمشياً مع موضة الحيوانية المنتشرة في قريتنا الكبرى، ولأن الذئب ـ في اعتقادي في ذلك الوقت ـ، أرقى من الحمار، وعظة واعتباراً للمثل السائر: "إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب"!
انضمت إلى جمعيتي هذه، ذئاب كثيرة، فاق عددها كل المنضمين إلى جمعيات حقوق الإنسان!
برع أحدهم في نهش عرض العذراوات، بكل وسائل الخداع، والإغراء، والإذلال، والترهيب.. وكنا نطلق عليه الذئب الديني؛ لأنه يقترف وحشيته بوازع ديني، معتقداً أنه بذلك يتقرّب بضحيته وأضحيته إلى الله.. وقد نال على مقدرته هذه، لقب: "الذئب الكبير"!
وآخر كان يعرف كيف ينهش في أعراض الناس بتلويث سمعتهم؛ فأطلقنا عليه: "ذئب المجتمع"!
أما أنا، فكنت أعتقد اني مجرّد ذئب صغير، لأنني أفكر فقط في الذئبية.. ولم ادرك وقتها أن الذئبية فكرة قبل أن تكتسي بالارادة والفعل؛ لتثمر كل أنواع الذئبية؛ حتى انني كنت أتعجب من الذين خلعوا عليً لقب: "ذئب الذئاب"!
كان لي صديق، بذلت جهدي للاحتفاظ به؛ لانني كنت أعتبره الجزء الحي والثائر لضميري المفلوج!
هذا الصديق، قال لي يوماً: "من كثرة ما تأكله من الحملان ستصير حملاً"!
ورغم اللامبالاه والسخرية التي بعدتني عنه، اعترف بأنني كنت أشعر بالندامة والاسى، شعور لا يشعره أي إنسان يمارس ابادة الحشرات بالمبيدات، ويذبح الطيور والحيوانات على مأدبة طعامه!
ادركت بفضل هذا الشعور، الحقيقة التي تجاهلتها طويلاً: ان الإنسان ليس نظير الحشرات والعجماوات؛ لأنه يحمل صوره خالقه، وروحاً خالدة!
وإذا بي أسرع الخطى إلى بيت صديقي، حاملاً إليه بشرى: "وجدتها"!..
وما أن رأيته، وقبل أن يتمكن من النطق بأي كلمة، اسرعت بمخاطبته، قائلاً:
هل تذكر يوم قلت لي: "من كثرة ما تأكله من الحملان ستصير حملاً"؟!..
أذكر.. وقد سألتني: كيف؟!..
هكذا اجابني صديقي، وأردف قائلاً: " عندما يصبح الإنسان ذئباً"!...