١- محاولات تحييد الرئيس السيسى ونجاحها حتى الآن:
من ينظر إلى معركة الانتخابات النيابية القادمة، التى تدور رحاها فى المجتمع، لا يجد فيها أى دور يلعبه الرئيس عبدالفتاح السيسى حتى الآن. وهناك بعض الأفكار التى يرددها البعض بحسن نية أو سوء نية، تقول إن الرئيس السيسى، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، ليس له أن يلعب دوراً فيها. وبتعبير آخر أكثر دقة، فإن هذه الأفكار تسعى إلى تحييد الرئيس، وحرمانه وحرمان الشعب من قيادته فى هذه المعركة. وقد نجحت هذه الأفكار التى من شأنها أن يتجه الشعب إلى صناديق الانتخاب دون زعيم يقوده ويوجهه، لدرجة أن الرئيس السيسى نفسه، فى حديثه إلى جريدة عكاظ السعودية، المنشور فى الصحف المصرية يوم ٣٠/١٠/٢٠١٤، قال بالحرف الواحد: «الأمر متروك لاختيارات الشعب، والعمل الوطنى المنظم الذى تقوم به النخب الواعية كفيل بتحقيق تطلعات المصريين.. ونحن كدولة لا نتدخل فى هذه التفاصيل.....الخ».
٢- كارثة عدم وجود قائد للشعب فى الانتخابات البرلمانية:
الرئيس السيسى فى حديثه المشار إليه، يكاد يخلط بين دوره كرئيس تنفيذى للدولة، وبين دوره الشخصى كقائد وزعيم منتخب حصل على أكثر من تسعين فى المائة من أصوات الناخبين، وقد فوضته الملايين التى صوتت له، فى أن يقودها، ويوجهها فى كل الأحداث المهمة القادمة. وليس هناك حدث قادم، أهم من الانتخابات البرلمانية. وبالطبع لا يجوز للدولة بأجهزتها التنفيذية، والإعلامية، أن تتدخل فى سير الانتخابات البرلمانية. ويجب عليها أن تلتزم بمبادئ الحياد والشفافية. ولكن هذا لا ينطبق على شخص السيسى، كزعيم للشعب، وقائد لمسيرته.
وفى كل الدول الديمقراطية العريقة، فى الدول الغربية، والولايات المتحدة، نجد رئيس الدولة أو رئيس الحكومة يلعب دوراً إيجابياً بشخصه فى تأييد مرشحى الحزب الذى ينتمى إليه، ويذهب بنفسه إلى دوائرهم الانتخابية، ويخطب فى جماهيرها لتأييد مرشحى حزبه. فهذه ممارسة ديمقراطية صحيحة، لأن الفرق بين دور رئيس الدولة أو الحكومة كسلطة تنفيذية، وبين دوره الشعبى والحزبى، لا يجادل فيه أحد.
٣- فشل الأحزاب القائمة فى الإعداد للمعركة الانتخابية:
يبدو الرئيس السيسى متفائلاً أكثر من اللازم، عندما يتحدث عن «العمل الوطنى المنظم الذى تقوم به النخب الواعية لتحقيق تطلعات المصريين». والحقيقة المحزنة أنه لا توجد فى مصر حالياً أحزاب تستطيع قيادة الجماهير، مثل حزب الوفد القديم تحت زعامة سعد زغلول، أو مصطفى النحاس، الذى كان يكتسح كل الانتخابات النزيهة، حتى قيل إنه لو رشح الوفد حجراً لانتخبناه. وبالطبع لم يكن الوفد يرشح أحجاراً، بل كان يرشح رجالاً شرفاء. بل لا يوجد بين الأحزاب فى مصر، من هو أقل بكثير من سعد أو النحاس، مثل الباجى السبسى فى تونس. وقد بلغ الفراغ وانعدام الزعامة الشعبية فى الأحزاب الكرتونية، أن موظفاً بيروقراطياً مثل الدكتور كمال الجنزورى، مع احترامى لشخصه، وجد لنفسه دوراً يلعبه فى الملعب الخالى من اللاعبين.
٤- يجب أن نعترف بالحقيقة، وهى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، هو الزعيم الحقيقى والوحيد، للشعب فى هذه المرحلة:
لقد بذلنا مجهوداً كبيراً لإقناع الرئيس السيسى بالترشح فى الانتخابات الرئاسية، فى وقت لم يكن قد اتخذ فيه قراره بعد. وأذكر أننى نشرت مقالين فى جريدة «المصرى اليوم»، يومى ١٤ و١٨ ديسمبر ٢٠١٣، تحت عنوان «المصير الوطنى للفريق السيسى». رددت فيها مقولة الرئيس الفرنسى الأسبق جورج بومبيدو بأن ليس له مستقبل سياسى، بل مصير وطنى. وقد استجاب الرئيس السيسى أخيراً لمطالب الشعب، ورشح نفسه، وحصل على أكثر من تسعين فى المائة من الأصوات، فى انتخابات حرة نزيهة.
والآن نعاود المحاولة معه مرة أخرى، ليتدخل بنفسه، بما له من زعامة شعبية، فى قيادة الجماهير وتوجيهها فى الانتخابات البرلمانية القادمة. وقد رفض الرئيس السيسى تكوين حزب سياسى، ونحن نؤيده فى ذلك، لأن فكرة الحزب أضيق بكثير من شعبيته الجارفة. ولذلك فمن الواجب عليه، وهو لن يتخلى عن القيام بهذا الواجب، أن يتدخل بوضوح وصراحة فى اختيار المرشحين الذين يرى أنهم يستحقون الفوز فى الانتخابات البرلمانية، لتمثيل الشعب أصدق تمثيل، «كفيل بتحقيق تطلعات المصريين إلى تأسيس برلمان قوى ومتجانس وفعال وأمين على مصالح مصر ومستقبل شعبها»، على حد قوله هو، فى حديثه إلى جريدة عكاظ، ولا يترك هذا الأمر الخطير إلى ما تقوم به النخب الواعية. فهذه النخب فشلت حتى الآن، وستفشل فى قيادة الشعب، لعدم وجود أى زعيم شعبى فيها، مع الأسف الشديد.
نقلا عن المصرى اليوم