الأقباط متحدون - العلاقات الدولية بين القيم والمصالح
أخر تحديث ٠٧:٠٣ | الاثنين ٣ نوفمبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش٢٤ | العدد ٣٣٧٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

العلاقات الدولية بين القيم والمصالح

فى إطار ما يسمى بالدبلوماسية الشعبية، نظمت الهيئة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية حوارات فى واشنطن بين فريقين مصرى وأمريكى، سارت الحوارات فى أول يومين فى نقاشات أكاديمية مع باحثين وخبراء ورجال دين، وفى اليومين التاليين كانت اللقاءات فى البيت الأبيض، وزارة الخارجية والكونجرس الأمريكى، وأيضاً فى مراكز بحثية وفكرية، مثل المعهد الأمريكى للسلام ومؤسسة كارنيجى للسلام الدولى.

الملاحظة العامة التى يمكن الخروج بها أولا هى تغير نغمة ومفردات الشخصيات الأمريكية بصفة عامة إلا قليلا، والقليل هنا تمسك بمواقف قديمة كشفت ارتباطه بجماعات تابعة للتنظيم الدولى للجماعة وأيضاً مجموعات تحصل على تمويل قطرى مباشر، ومن ثم تؤدى دورها حسب الممول. وتبدى تغير النغمة فى تأكيد الشخصيات الأمريكية التى التقى بها الوفد المصرى على نفى تعامل واشنطن مع ٣٠ يونيو باعتبارها انقلابا عسكريا، وقال مستشار لأوباما فى البيت الأبيض إن لفظ الانقلاب العسكرى لم يرد مطلقا على لسان أى مسؤول أمريكى، كما أن تقاليد رئاسة الولايات المتحدة أنها لا تلتقى مع من تعتبره انقلابيا، والرئيس باراك أوباما التقى بالرئيس السيسى.

حاولت الوفود الأمريكية المختلفة التى التقينا بها تفسير الموقف الأمريكى السلبى تجاه ثورة الثلاثين من يونيو، عبر ما سموه الوفاء للقيم الأمريكية التى تحض على الحرية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، وقد تم إسقاط هذا التفسير بعاملين، الأول هو أن علاقات واشنطن الخارجية، مثلها مثل أى دولة أخرى فى العالم، تقوم على المصالح لا المبادئ، فلا توجد دولة فى العالم تبنى سياساتها الخارجية على القيم والمبادئ، وإذا ما استخدمت دولة من الدول منظومة القيم والمبادئ فى تبرير قرار ما أو تسويق سياسة ما، فهى هنا لا تعدو أن تكون شعارات ومبررات جوفاء، فالسياسة تؤمن بالمصالح لا القيم. أما العامل الثانى، فهو أن تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية ومنذ خروجها من العزلة التاريخية بشكل نهائى خلال الحرب العالمية الثانية، وعلى أثر العدوان اليابانى على الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربور- هو تاريخ متخم بالتعاون مع حكام غير ديمقراطيين، بل إن واشنطن كانت وراء الإطاحة بزعيمين وطنيين جاءا بالانتخابات الحرة النزيهة، وهما مصدق فى إيران وسيلفادور الليندى فى تشيلى، وجاء القرار الأمريكى بالإطاحة بهما، بسبب تبنيهما سياسات اقتصادية واجتماعية لا تتوافق والرؤية الأمريكية. أكثر من ذلك فإن واشنطن دعمت، وساندتها نظم حكم عسكرية فى أمريكا الجنوبية والوسطى، وساندتها فى قمع شعوبها تحقيقاً للمصالح الأمريكية.

إذن لا مجال للحديث عن أن الموقف الأمريكى من ثورة الثلاثين من يونيو هو موقف مبدئى نابع من حزمة القيم الأمريكية، بل هو موقف مبنى على رؤية محددة للمصالح الأمريكية، ومن ثم فإن نجاح مصر فى ترتيب خارطة المستقبل ووضع دستور البلاد الجديد وتحريره فى استفتاء عام، ثم انتخاب رئيس الجمهورية فى انتخابات حرة، والترتيب لإجراء الانتخابات البرلمانية فى مطلع العام القادم، وأخيرا تجاوب الشعب مع مشروع قناة السويس- بعث برسائل قوية للإدارة الأمريكية، مفادها أن زمن المرشد والجماعة قد ولّى، وأن النظام القائم فى مصر يكتسب مزيدا من الدعم من شعبه.

كان واضحا أن الموقف الأمريكى تغير، وقد لمسنا هذا التغير فى كافة اللقاءات التى عقدت مع شخصيات أمريكية رسمية وغير رسمية، وكان لافتا للنظر أن التحفظات والمبررات التى سمعناها من شخصيات أكاديمية وإعلامية هى نفسها التى وردت على لسان المسؤولين، فواشنطن مهمومة بسجل حقوق الإنسان فى مصر، معنية بالإفراج عن شباب مصرى بالاسم، كما أن واشنطن لم تعلن الجماعة تنظيما إرهابيا، لأن الحكومة المصرية لم تقدم لها حتى اليوم دليلا ماديا أو ملموسا على ارتكاب الجماعة أعمال العنف والإرهاب، قالوا إن القضية هى فى إعلان المسؤولية، كما فعلت حماس وأنصار بيت المقدس، أو فى تقديم الأدلة من الحكومة المصرية، وهو ما لم يحدث حتى اليوم.

عموما، اتسمت اللقاءات بالجدية والوضوح، وتوقف الفريق الأمريكى بعدها عن تسويق رواية الأولوية للقيم على حساب المصالح، وأكدوا جميعا (ومن بينهم سفيرة واشنطن لدى القاهرة إبان ثورة الثلاثين من يونيو- آن باترسون) على أن العلاقات مع مصر سوف تشهد تطوراً كبيراً فى الفترة القادمة.

نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع