كل مرة أجلس لأشاهده وهو يتحدث ينتابنى شعور بأنه صادق فيما يقول، الرئيس السيسى فى كلمته التى ألقاها مؤخرا عقب حضوره مناورات بدر، تحدث عن عدد من الموضوعات التى شغلت الرأى العام، وكانت حديث الإعلام مؤخرا، سوء الخدمة فى المستشفيات والمدارس الحكومية، الحادث الإرهابى فى كرم القواديس وتداعياته الخاصة بإخلاء مساكن أهالى رفح، تصوره عن أداء المسؤول فى هذه الفترة، وضرورة التفكير فى حلول مبدعة لمشاكلنا، احتياج مصر لشبابها وحسن اختيار نواب البرلمان القادم.
الرئيس يؤكد فى كل خطاب للشعب أننا شركاء فى تنمية مصر، وعلينا أن نتكاتف جميعا لنهضة الوطن، كلام جميل، لكن كيف يحدث ذلك؟
السيسى يعرف أنه ليس هناك بناء دون رسم هندسى يسبقه رسوم مبدئية، لو بنى كل واحد وفقا لرؤيته لن يكون هناك انسجام ولا مسار وهدف، فما هو تصور الرئيس عن مشاركة الشعب له؟ التبرع بمزيد من الأموال للمشاريع؟، هل هو دهان الشباب لأسوار المدارس الحكومية وتغيير الزجاج المكسور، زيادة عدد الأسرة فى المستشفيات لتستقبل عددا أكبر من المرضى، كل ما نتحدث عنه مظاهر للمشكلات الحقيقية وليس حلولا، فجميعنا يدرك أن ما يقدم فى المدارس الحكومية ليس تعليما يسمح بنهضة أو إبداع، ولا ما يقدم فى المستشفيات الحكومية خدمة طبية حقيقية، الأمر أكبر من مشهد تأثرنا به من ولادة سيدة فى الشارع ووقوع بوابة على تلميذ، الأمور متشابكة ولا يمكن حلها منفردة ولذلك أتحدث عن «الخطة».
لقد تحدث الرئيس عن أهمية اختيار أعضاء البرلمان القادم، وعلى القيادة السياسية أن تضع قواعد أو قوانين تمنع تكرار دخول أمثال نواب الكيف والقروض والهاربين من الخدمة العسكرية، فلماذا لا تفكر فى إلغاء مكافآت النواب، ومنع توزيع تأشيرات الحج عليهم، وكذلك منع توقيع أى وزير على طلبات الأعضاء، فالشعب لا يمكنه أن يفعل ذلك حتى لو أراد، فهى قرارات سيادية.
مصر التى عرفت أول حكومة مركزية موحدة فى العالم، مازال الحاكم وحكومته لهما شأن كبير فى إرادة التغيير وتأثيرهم رغم التغيرات التى شهدناها فى علاقة الدولة بالثروة، كتب نابليون فى مذكراته عن مصر: «لا توجد فى بلد حكومة ذات أثر فى رخاء الأهالى بالقوة التى فى يد حاكم مصر».
السيسى أعلم منى، بأن مصر المركزية لا تسمح لأبنائها بالتمرد والخروج عن طاعة الكبار، لأنها ببساطة وطوال تاريخها تفضل الارتكان للقديم أكثر من الإبداع، الحفاظ على النظام والاستقرار له ثمن وهو غياب روح المبادرة وزمام المبادأة والنزوع إلى المغامرة، يعنى ما نطلق عليه التفكير الابتكارى والنظرة خارج الصندوق، فهل تحتمل الدولة المصرية ذلك؟ أم أن الأفضل هو الإبقاء على المصرى كجهاز استقبال وامتثال، إنها اختيارات الحاكم.
مصر دفعت الكثير من أجل الاستقرار السياسى ووحدة الوطن، حتى إن الشعب تغاضى عن حكم الفساد.
أما الآن فنحن نريد من الرئيس أن يضع المعايير التى تحدد أداء المعاونين والمسؤولين فى الدولة، ويتحرك بخطة تعتمد على توظيف الكفاءات وليس على أهل الحظوة والمقربين، لابد أن يسرع الرئيس بوضع الخطة، والضمانات، وعندها سنكون سنده فى التنفيذ بإذن الله.
ektebly@hotmail.com
نقلا عن المصري اليوم