بقلم: على سالم | السبت ٨ نوفمبر ٢٠١٤ -
٣٢:
١١ ص +02:00 EET
على سالم
يونيو (حزيران) 2013، جريدة «المصري اليوم» تقيم احتفالا في فندق سميراميس لتكريم بعض الكتّاب. كنت جالسا بجوار صلاح دياب مؤسس الجريدة، كنا نتحدث عن سياسة الجريدة في المستقبل القريب، فقلت له: هل تريد أن تعرف العنوان الرئيسي في جريدتك في صباح 5 يوليو (تموز) القادم؟ سيكون.. «نقل محمد مرسي إلى سجن العقرب شديد الحراسة». نظر لي في دهشة واستغراب ولم يعلق. حدث بالطبع أن نفذ حكم التاريخ في محمد مرسي وجماعته في 30 يونيو 2013، السؤال هو: هل هي القدرة على التنبؤ؟ أم أنني أتمتع بقدر من الشفافية أعطاني القدرة على التنبؤ بمصير الرجل؟ أم هو حدس قوي للغاية؟
الواقع أنه لا هذا ولا ذاك، في شهر يونيو ظهرت جماعة من الشبان قالوا إنهم يقدمون للمصريين فرصة للتمرد على حكم جماعة الإخوان، وإن المطلوب الآن هو عدم ممارسة أي شكل من أشكال العنف في تحقيق مطالبهم، وعلى رأسها أن تقوم حكومة مرسي بعمل انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، وعلى كل مواطن يريد الاشتراك في حركة التمرد هذه أن يحرر بذلك توكيلا في الشهر العقاري، وأن يتجمعوا في شوارع القاهرة. يبدو أن كمية القرف من حكم الجماعة تفجر في قلوب المصريين جميعا في لحظات بعد هذه الدعوة. اندفع الناس في كل مكان لتحرير هذا التوكيل. كان من السهل عليّ أن أتخيل المشهد التالي طبقا لقواعد الحتمية الدرامية؛ عشرات الملايين في 30 يونيو ستصل إلى القاهرة، سيرفض الرئيس مطالبهم، سيكون المشهد التالي هو الانفجار الكبير، ستشتعل مصر كلها بالعنف.. اختياران كانا أمام الجيش: أن تتفجر مصر كلها وأن يأخذ الجيش نصيبه من خسائر هذه الانفجارات، وهو الاختيار الذي لجأ إليه فيما بعد الجيش اليمني، أما الاختيار الثاني فهو أن يقولوا للنظام مع السلامة. هذا هو ما يحتمه تسلسل العمل الدرامي.
نحن لم نخترع قواعد الدراما، الحياة هي التي أهدتنا إليها، وهي تشبه إلى أبعد الحدود قانون نيوتن الشهير، أن «لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد في الاتجاه». ولكن المشتغل بالسياسة بالطبع ليست بداخله مخازن ممتلئة بالقواعد الدرامية والقوانين الرياضية، قبل ذلك كله لا بد أن يكون صاحب بصر وبصيرة تجعله يعرف طبيعة الفعل وما سينتج عنه من أفعال.
الحتمية الدرامية الآن تخبرنا بأن عدوانا وشيكا إسرائيليا سوف يحدث على قطاع غزة. لندرس المشهد الأول.. شاب يدهس جماعة من الإسرائيليين في القدس محدثا ببعضهم إصابات جسيمة، بعدها على الفور يصرح أحد زعماء حماس بأن الفاعل ينتمي لحماس (على عهدة الـBBC).. هذا هو المشهد الثاني.. وبتحليل كلمات هذا المشهد سنجدها تقول للطرف الإسرائيلي: «نعم.. نحن الذين قمنا بدهس مواطنيك.. ماذا.. ماذا تقول؟ إن في ذلك انتهاكا للاتفاقية التي وقعناها معكم برعاية المصريين.. وهو انتم بتراعوا اتفاقيات..! اعتبرها زي ما تعتبرها.. وأعلى ما في مدرعاتكم اركبوه». ماذا في تصورك سيكون المشهد التالي من الجانب الإسرائيلي؟
ويظل السؤال المحير هو: لماذا تطوع المسؤول في حماس بقول هذه المعلومة الخطيرة للغاية؟.. أقصد الخطيرة على أهل غزة.
نقلا عن الشرق الاوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع