على الرغم مما تشهده الجامعات المصرية من عنف سياسى من قبل طلاب الإخوان المسلمين، إلا أنه أحياناً تختلط الأمور ويقع عدد من الطلاب ضحايا لهذه الأحداث دون سوابق فى أى عمل سياسى، أو تجربة سياسية كانت فى مواجهة الإخوان وليس فى صفوفهم.
«المصرى اليوم» ترصد فى هذا الملف حكايات أربعة طلاب مفصولين من جامعات حكومية مختلفة وتعرض البدائل الصعبة التى أتيحت لهم بعد الفصل لاستكمال حياتهم بطريقة طبيعية.
حسن.. مريض لا يرى بديلاً عن العودة للدراسة
حصل على المركز الأول فى الثانوية العامة على مدرسته بكفر الشيخ، انتقل للعيش بالقاهرة بعد أن التحق بكلية الطب بقصر العينى ليحقق حلمه وحلم والديه بأن يصبح طبيب أطفال، طوال خمس سنوات هى الفترة التى قضاها متنقلا بين مدرجات كليته وغرفته بالمدينة الجامعية كانت تقديراته من جيد إلى جيد جدا، ويشهد سجله الدراسى وشهادة حسن السير والسلوك التى تضمها أوراقه المختومة بخاتم الكلية الرسمى بمسالمته، كما تشير لابتعاده عن النشاط السياسى الذى تحرم المشاركة فيه الطلاب من الحصول على مثل هذه الشهادة.
كل هذه المعطيات تشير إلى أننا نتحدث عن طالب مثالى، على مشارف إتمام دراسته فى كلية الطب لكى يخرج إلى سوق العمل، إلا أنه فوجئ فى يوم ١٣ يوليو ٢٠١٤ بعد أيام من إنهائه امتحانات الفصل الدراسى الثانى، بأنه مفصول نهائيا من كلية الطب، ليتصدر اسم حسن سعد أحمد ٢٢ سنة الطالب بالفرقة الخامسة بكلية الطب قائمة الـ ٩٤ طالبا المفصولين من جامعة القاهرة فى يوليو ٢٠١٤.
لم يتحمل حسن ووالداه خبر فصله من كلية الطب التى كان يحلم بها فهرع إلى الكلية ليتحقق من الأمر إلا أنه فوجئ أن الكلية تطلعه أنه تم فصله ومن حقه إجراء تظلم وسيتم الرد عليه خلال ١٠ أيام ولم يتم الرد عليه حتى الآن.
يتساءل حسن «٣ أسطر تضيع مستقبلى من كلية الطب بدون أى تحقيق ولا أدلة.
لم يكن لحسن سعد أى نشاط سياسى فى الجامعة فكل هدفه إتمام دراسته فقط، بالإضافة إلى أن حسن يعانى من مرض نفسى يمنعه من الدخول فى أى عمل يزيد الضغط النفسى عليه «كنت مريض وأعانى من مشاكل نفسية منذ سنة تانية فى الجامعة ويتابع حالتى طبيب من قصر العينى بقسم النفسى بمستشفى الطلبة، وأثناء الامتحانات فى مادة أمراض النساء تعرضت لنوبة من التشنجات نتيجة الضغط العصبى لم تمكنى من إكمال الامتحان ومعى شهادة طبية تثبت ذلك وحضرت سيارة إسعاف نقلتنى إلى مستشفى الطلبة لتلقى العلاج فكيف لطالب لديه مشاكل نفسية ولا يمكن أن يقع تحت ضغط يشارك فى أى أعمال تخريب؟».
يقول حسن سعد: «أنا من عائلة بسيطة كانت بتحلم بيوم إنى أكون دكتور. أنا بأشوف الحسرة فى عيون أبويا وأمى كل يوم وده جاب لى الضغط والسكر والاكتئاب واضطريت أسيب كفر الشيخ وآجى هنا عشان أتابع القضية لأنى مش شايف أى بديل عن رجوعى الجامعة».
محامى الطلاب: ننتظر رأى مجلس الدولة
يقول محمود عثمان، محامى عدد من الطلاب المفصولين بمركز حرية الفكر والتعبير المعنى بحقوق الطلاب، أنه بموجب هذه المادة أصبحت ممارسة الحق فى التعبيرعن الرأي وحق التجمع السلمى بالجامعة «مقيدة تماما»، وأى شكل من أشكال التعبيرعن الرأى أو التظاهر والاعتصام أو الانضمام لجمعيات أو توزيع نشرات وكتابة جرائد حائط، أمور كلها مخالفات تستوجب التأديب.
وأكد أن هذه المادة تخالف المادة رقم (٦٥) من دستور ٢٠١٢ المعدل فى ٢٠١٣، التى تنص على أن «حرية الفكر والرأى مكفولة، ولكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر».
وأيضا تخالف حكم المحكمة الدستورية العليا فى الطعن رقم ٦ لسنة ١٥ قضائية دستورية لسنة ١٩٩٥.
وأشار محمود عثمان إلى أن القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٢، المعروف بقانون تنظيم الجامعات وتعديلاته، يعطى الحق للطالب فى الخضوع لتحقيق أمام لجنة محايدة، خلال أسبوع من الواقعة، وذلك بعد إخطاره رسميًا، وأثناء التحقيق يمكن للطالب الإطلاع على أدلة الاتهام وذلك فى حضور محام، وبعد ذلك يكون قراراً بجزاء أو تحويل الطالب إلى مجلس تأديب. وتبدأ الجزاءات بالتنبيه الشفوى والكتابى، ثم الإنذار والحرمان من حضور المحاضرات شهراً أو الفصل شهراً، وتأتى أخيرا عقوبة الفصل النهائى وتكون بعد مرور الطالب على مجلسي تأديب ابتدائى واستئنافى.
أما بعد صدور المادة ١٨٤ مكرر فأصبح لرئيس الجامعة الحق فى فصل الطلاب بعد التحقيق دون العودة إلى مجالس التأديب أو الخطوات السابقة، وهذا ما يعانى منه الطلاب المفصولين. وأيضا فتحت هذه المادة الباب لزيادة أعداد المفصولون بشكل كبير. وبالتالى تم اللجوء للقضاء الإدارى بمجلس الدولة لإعادتهم إلى مقاعدهم الدراسية إلا أن القضية تستغرق فترة طويلة تتجاوز العام، والغريب أن جامعة الأزهر تستند إلى هذه المادة فى فصل الطلاب على الرغم من كونها مادة بقانون تنظيم الجامعات الحكومية ولا يشتمل عليها القانون المنظم لشؤون جامعة الأزهر.
«س».. خرج بسبب «فيس بوك».. فدرس الحقوق فى بولندا
بعد حادثة مقتل الطالب بجامعة القاهرة محمد رضا، نظم عدد من الاتحادات الطلابية والحركات السياسية بجامعة القاهرة مظاهرات للتنديد بمقتله على يد قوات الأمن، وللمطالبة بالإفراج عن زملائهم المقبوض عليهم، كان «س.ن» ٢١ عاما- طالب بكلية الحقوق جامعة القاهرة- أحد المشاركين الفاعلين فى هذه التظاهرات، وخاصة فى المظاهرات المنددة بمقتل محمد رضا.
لا ينتمى «س»- تم حذف الاسم والاكتفاء بالأحرف الأولى بناء على طلب المصدر- إلى أى تيار سياسى، إلا أنه قرر المشاركة فى التظاهرات تضامنًا مع زملائه ورفضًا لقتل طالب داخل الحرم الجامعى، وهى الواقعة التى تكررت بعدها كثيرًا. لم يكتف «س» بالتظاهر، واستخدم حسابه على شبكة التواصل الاجتماعى فيس بوك لينشر وقائع يقول إنه شهدها بنفسه لتعدى قوات الأمن الإدارى على الطلاب المشاركين فى التظاهرات ممن لديهم توجهات سياسية معارضة.
فوجئ أثناء تأدية امتحانات الفصل الدراسى الأول فى يناير ٢٠١٤ بخطاب تخطره فيه إدارة الجامعة بأنه مطلوب للتحقيق. وجهت له الجامعة اتهامات بالاشتراك فى أعمال عنف وتخريب، وسب الجامعة على صفحات الفيس بوك.
«أنا كنت داخل على مرحلة الليسانس، فجأة ألاقى نفسى محروم من دخول الجامعة ثلاث سنين كاملة»، بهذا القرار انقطعت علاقته بالجامعة، «خبر الفصل ده كان نقطة فاصلة فى حياتى لما استلمت القرار عرفت إن حياتى فى مصر انتهت تماما.
وبعد عدة محاولات قرر السفر إلى الخارج لاستكمال دراسته: «لحسن الحظ لم يتم فصلى بشكل نهائى من الجامعة فتمكنت من الحصول على بيان نجاح وتأجيل الخدمة العسكرية، وبالتالى قدمت أوراقى على الإنترنت لجامعات فى ماليزيا وتركيا وإندونيسيا وبولندا والأخيرة هى التى قبلت أوراقى من على الإنترنت.
لم يكن القبول فى جامعة بالخارج بالشىء السهل، لذا يرى «س» أنه «حسن حظ» على حد وصفه، خاصة أن الكثير من الطلاب المفصولين حاولوا اللجوء لحل الدراسة بالخارج، ولكنهم لم يوفقوا فى القبول.
على الرغم من مرور أكثر من ٣ أشهر على بدء حياته الجديدة فى بولندا إلا أنها «حياة صعبة مليئة بالوحدة والغربة، الدراسة أفضل كتير من مصر ولكن أنا فقدت أصحابى وأهلى، أنا عايش هنا بطولى ومحدش معايا». وأضاف أن مصاريف الدراسة تتجاوز ٥٠٠٠ يورو سنويا، بالإضافة إلى أن السكن بـ٦٠٠ يورو شهريا وهذه التكاليف تمثل عبئا كبيرا على والده، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض المواد يتم دراستها بالبولندى، وبالتالى يعكف على دراسة البولندية حتى يتمكن من التواصل من خلال دورات لتعليم اللغة، كل هذه المصاريف جعلته يبحث عن أى عمل بجانب الدراسة حتى يتمكن من استكمال دراسته واستكمال حياته فى بولندا؛ لأنه قرر عدم العودة إلى مصر مرة أخرى «أتمنى أرجع مصر تانى عشانى وعشان أهلى، بس مش هرجع مصر تانى إلا لما أحس إنى ممكن آخد حقى واكسب القضية».
مجدى علاء.. عضو «تمرد» اتجه إلى العمل حتى يتخطى الصدمة
عضو لجنة مركزية بحركة تمرد سابقا، مسؤول حركة مقاومة، عضو بالتيار الثالث، يصنفه زملاؤه بأنه ينتمى إلى حركة ٦ إبريل، إلا أنه يرى أنه طالب معارض ويرى أن الجامعة مكان يجب أن يمارس فيه حقه فى حرية الرأى والتعبير، التى يكفلها الدستور.
مجدى علاء-٢١ سنة - طالب فى الفرقة الثانية بكلية تجارة بالقسم الإنجليزى بجامعة عين شمس، من عائلة لديها نشاط سياسى وانظم للجنة المركزية لحركة تمرد التى سعت لإسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين. ورغم قراره بعدم المشاركة فى التظاهرات التى شهدها حرم جامعته طوال العام الدراسى ( ٢٠١٢ – ٢٠١٣)، إلا أنه عاد للمشاركة فى ديسمبر ٢٠١٣ عندما حدثت مظاهرة كبيرة وراح ضحيتها فى الحرم الجامعى أحد أعز أصدقائه وهو عبدالرحمن يسرى، الذى لقى مصرعه بطلق رصاص حى، نتيجة اقتحام قوات الأمن للمرة الأولى لجامعة عين شمس أثناء المظاهرات وبالتزامن مع امتحانات الفصل الدراسى الأول.
حول كيفية فصله من الجامعة قال «بعد هذه المظاهرات فى يناير ٢٠١٤ حدث نقاش بينى وبين عميد الكلية بناء على طلب منه عبرت فيه عن رأيى». عقب هذه المحادثة قررت إدارة الجامعة التحقيق معه بتهمة الاعتداء على الأمن الإدارى واستخدام خرطوش فى المظاهرات ولم تقدم إدارة الجامعة دليلا واحدًا أو شهودًا لإثبات تلك الوقائع وتم اتخاذ قرار بفصل مجدى لفصلين دراسيين كاملين. تلقى مجدى قرار الفصل بقوله «قدر الله وما شاء فعل»، كما أن دعم عائلته له وسعيه لإيجاد عمل خلال فترة الانتظار ساعداه على التعامل مع الأزمة.
يرى مجدى أن قرار الفصل أثر عليه بشكل سلبى وجعل حياته كلها «مؤجلة» إلا أنه على الرغم من ذلك لم يفكر فى السفر خارج مصر إطلاقا «الفصل أجل كل حاجة فى حياتى حتى الارتباط وأجل أحلامى اللى كنت مخططها بعد التخرج ولكن أنا قررت أركز فى السنة اللى أنا مفصولها دى فى الشغل، وإنى أحقق دخل مادى كويس واتعلم فى شغلى وبالتالى أصبح والدى هو من يتابع القضية وأنا مشغول فى عملى.
«أحمد نورالدين».. طالب إعلام ينتظر حكم القضاء
أحمد نورالدين- ٢١ عاما- من محافظة البحيرة، لم يكن من الطلاب المشاركين فى مظاهرات جامعة الأزهر أو المحرضين عليها، ولكن كل دوره فى هذه الأحداث كان تصوير المظاهرات والأحداث فى جامعة الأزهر لصالح موقع إخبارى يعمل فيه.
الطالب يعمل صحفيا تحت التمرين بأحد المواقع الإخبارية، وهذا كان السبب الرئيسى فى فصله بشكل نهائى من الجامعة.
روى ما حدث لـ«المصرى اليوم» فقال: أغلب الاشتباكات بجامعة الأزهر كنت أقوم بتغطيتها بالصوت والصورة كجزء من التدريب العملى لدىّ فى الجامعة، وجزء من عملى فى الموقع الإخبارى.
وأوضح أن التهمة التى تسببت فى فصله هى «المشاركة فى المظاهرات»، وقال إنه قدم ورقة رسمية من المؤسسة التى يعمل بها بأنه يقوم بتغطية أخبار الجامعة لصالحها، إلا أن ذلك لم يفلح مع إدارة الجامعة، وظل الفصل قائما ولم يتم النظر فى التظلم، مما ألجأه لرفع قضية أمام محكمة القضاء الإدارى حتى يتمكن من العودة إلى الجامعة.
«بعد الدراسة الفترة دى كلها للوصول للجامعة يبقى مصيرى الفصل النهائى من الجامعة، ده حكم قاسى علىّ خصوصا إنى مخدتش حقى فى التقاضى أو التحقيق أو مجلس التأديب».
لم يقف أحمد مكتوف الأيدى، وحاول التقدم للدراسة فى عدد من الجامعات الخاصة، إلا أنه فوجئ بقرار من المجلس الأعلى للجامعات بمنع قبول الطلاب المفصولين من جامعات حكومية، وحتى جامعة الأزهر، بالجامعات والمعاهد الخاصة.
بحث أحمد عن بديل آخر للدراسة من خلال عدد من المنح الدراسية خارج مصر، وحاول بالفعل استخراج أوراقه من الجامعة إلا أنه فوجئ بأنه مطلوب للخدمة العسكرية.
بعد أن فقد الأمل فى الدراسة فى الداخل والخارج أصبح أمله الوحيد هو القضية التى قام برفعها للمطالبة بعودته إلى الجامعة، وهو متمسك بهذه القضية إلا أنه يشغل وقته بالعمل والدورات التدريبية فى مجال الإعلام، وذلك بدعم من والديه.
أرقام
الطلاب المفصولون من الجامعات الحكومية خلال العام الدراسى٢٠١٤- ٢٠١٥ ٨٤ طـالبـاً
فصل لمدة أسبوعين
٣
فصل لمدة شهر
٢
فصل لمدة فصل دراسى
٤
فصل لمدة عام دراسى
٣٤
حرمان عام من النشاط
٧
فصل نهائى
٣٤
الطلاب المفصولون من الجامعات الحكومية خلال العام الدراسى٢٠١٣- ٢٠١٤ ٤٤٢ طـالبـاً
إخلاء من المدينة الجامعية
٢٦
فصل أسبوعين
٢٠
فصل ثلاثة أسابيع
١٠
فصل شهر
٤٠
فصل لمدة فصل دراسى
٢١
فصل لمدة عام دراسى
٤٤
فصل عامين
٢٠
فصل نهائى
٢٦٠
حرمان القيد بالماجستير
١
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.