الأقباط متحدون - لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة؟
أخر تحديث ٠٣:١٤ | الجمعة ١٤ نوفمبر ٢٠١٤ | ٥هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٨٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة؟

بقلم : د. أحمد الخميسي 
 
أظن أننا نحن الكبار قد فقدنا الثقة في بعضنا البعض. فقدنا الثقة في أحزابنا. في أقوالنا. في نشاطنا. أحيانا في نزاهتنا. وعامة في قدرتنا على تحقيق شيء عظيم، وملهم، كأن نقوم معا بمحو أمية شعبنا بالكامل. 
 
يتطلع كل منا للآخر، يزنه، يمعن النظر إليه، فلا يرى كل منا في الآخر سوى سفينة مغروزة في الرمال، قد يكون فيها شيء ما مازال صالحا للاستخدام، لكن ليس مكتوبا لها أن تبحر ولا أن تفرد أشرعتها بجسارة في العاصفة. 
 
تراخت قبضات الفرسان المتعبين وأمسى السيف وحيدا. وعندما تجوب ببصرك فيما حولك لن تجد أملا إلا في الأطفال الصغار. تنظر إليهم، وهم يتعثرون في سيرهم، ينكفئون، وينهضون، يضحكون ويلثغون، يكركرون بالضحك، فتصفو أحلامك. تهمس في سرك للطفل الصغير، تتوسل إليه   " لاشيء سواك، اكبر، كن أملا لي وللوطن". 
 
الصغار الذين لايعرفون بعد أنهم كل آمال الآخرين في محو أمية هذا الشعب، وإطعامه، وإسعاده، وتعليمه، وعلاجه. تتطلع إلي زهرة الطفولة النابتة وتدعو الله اللهم احفظها وإرعاها إلي أن يفوح عطرها. لكن الأيادي تمتد لتدوس الآمال صغيرة، وتقتلعها قبل أن يجري رحيقها. وحادثة أتوبيس البيحرة في 5 نوفمبر الحالي نموذجا لذلك.
 
قتل فيها 18 طفلا بريئا. سبقتها عام 2012 حادثة قطار منفلوط وراح ضحيتها خمسون طفلا.
آمال كانت تضحك لنا ثم انطفأت. وإذا لم تقتلع الأماني بحوادث الطرق فإنهم يضربونها ويعذبونها كما وقع في دار" مكة المكرمة" لرعاية الأيتام بالجيزة في يوليو الماضي، أو يغتصبونها مثلما عرفنا عن حضانة منطقة العمرانية الشهر الحالي. علما بأن في مصر عشرة آلآف دار حضانة كتلك لاتخضع لرقابة. ووفقًا لدراسة أعدتها الدكتورة فادية أبو شهبة فإن عشرين ألف حالة تحرش واغتصاب تقع سنويا في مصر 85% من ضحايها أطفال. 
 
وإذا لم تقتلع الزهرة أو تداس بالضرب والتعذيب والاغتصاب فإنهم يطوقونها بالجوع والتشرد. وحسب معطيات منظمة اليونسكو يعيش في الشوارع بمصر نحو مليون طفل مشردا. 
 
والأطفال الذين أتحدث عنهم يشكلون – حسب الجهاز المركزي للإحصاء- أكثر من ثلث السكان، أربعون بالمئة منهم محرومون من التعليم بسبب ارتفاع النفقات وأكثر من خمسة وعشرين بالمئة منهم ( أي 8 مليون) فقراء. وإذا نجا الأطفال من الضرب والاغتصاب والتشرد فإن حوادث التسمم تتربص بهم. وقد شهد العام الحالي وحده سبع حوادث تسمم كبيرة بدءًا من مارس حتى نوفمبر الحالي، وبلغ عدد ضحايا تلك الحوادث وحدها مائة وأربعة وثلاثين طفلا ! 
توالت حوادث التسمم في سوهاج، والاسماعيلية، وبني سويف، وكفر الشيخ، وأسوان، وغيرها. بعضها بسبب وجبات فاسدة وبعضها بسبب أدوية منتهية الصلاحية! إنهم يدوسون آخر ما لدينا من آمال. يدوسون الضوء الأبيض، ويخمدون العطر في الزهرة قبل أن يفوح. 
 
أتذكر الآن الغارة الاسرائيلية على مدرسة بحر البقر في أبريل 1970، كان عدد ضحاياها من الأطفال ثلاثين طفلا فقط ! 
لكننا في عام واحد فقط  قتلنا بأيادينا مائة وأربعة وثلاثين طفلا بالتسمم غير ضحايا حوادث الطرق! 
كم طفلا نقتل كل عام؟! كم أملا ندوس بغلظة ووحشية؟ هل صرنا قتلة أنفسنا؟. أصبح بقاء الأمل على قيد الحياة معركة حتى أنني صرت الآن إذا نظرت إلي طفل أشفق عليه وأهمس له في سري" ربنا يصونك. اكبر. فقط  اكبر". 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter