الأقباط متحدون - استثمار الخوف
أخر تحديث ١٤:٣٨ | الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤ | ٧هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٨٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

استثمار الخوف

 استثمار الخوف
استثمار الخوف

جاءت واقعة استهداف لنش البحرية المصرية لتزيد من حالة الاستقطاب الواقعة فى المجتمع المصرى، ما بين من ازداد إصراراً على الضرب بقوة لأى صوت مختلف أو معترض أو مطالب، وبين من يرى أن مواجهة الإرهاب وتزايد حدته لا يعنيان الإطاحة بالحقوق والحريات وإغلاق المجال السياسى والمدنى.

المشكلة أن تصاعد وتيرة الضربات الإرهابية، ثم خروجها عن كونها عمليات داخلية لتغدو أقرب إلى أن تكون حرباً تخوضها البلاد ضد عدو موزع ما بين الداخل والخارج، يدفعان إلى المزيد من الإحساس بالخوف أو بالقلق إن لم يكن بالرعب مما يجرى ومما يمكن أن يجرى فيما بعد، مما يدفع إلى مزيد من المطالبة بقوة حديدية تتحكم بالأمور لتتمكن من مواجهة الخطر المحدق بنا والمتمثل فيما يجرى لمعظم من هم حولنا، بينما توافر الاثنين معاً ليس مستحيلاً، لكن عبارة «ليس هذا وقته» هى الرد المتكرر لدى من يؤمن بالحريات من ناحية، لكن الخوف والرعب يدفعه إلى تأجيل المطالبة بها أمام الخطر الأكبر الماثل فى الأفق من ناحية أخرى، بينما هناك من لا يؤمن أصلاً بمسألة ضرورة توفر الحريات، وهؤلاء ينضمون لمعسكر تخوين الثورة والثوار المنصوب فى عدد من القنوات الفضائية من مدفعية الأمنجية، الممولين من أصحاب هذه القنوات لحماية مصالحهم التى ضربت فى ثورة يناير والذين يستقطبون المزيد من الأنصار عبر خطاب فاشى يخون ويتهم، ويثير أسوأ ما فى البشر بتحريك نوازع الخوف بداخلهم، وبيع فكرة أن الأمان لن يتوفر إلا عبر القضاء على العملاء والخونة الذين يضمونهم فى قائمة تزداد طولاً يوما بعد يوم وتضم إليها العديد من رموز الأمة وأصواتها العاقلة، وبدلاً من أن تتم محاكمة هؤلاء نجد أن هؤلاء الأمنجية يهددون بتقديم هذه القائمة بكل رموزها إلى النائب العام عبر جمع التوقيعات من أسرى الخوف والخطاب الفاشى للمطالبة بإعدامهم.

ما جرى للصحفى الفرنسى الكبير، آلان جريش، فى الأسبوع الماضى، يذكرنى بحالة الهستيريا الجماعية التى أصابت المجتمع فى حرب ٧٣، عندما كان المواطنون الشرفاء يستهدفون أى شخص يشتبهون فى كونه أجنبياً، خوفاً من أن يكون جاسوساً، ويعتدون عليه.

نحن الآن فى حالة هستيرية أقرب إلى تلك الحالة وإن تفوقت عليها بأنها لا تستهدف من تظنه غريباً بل تستهدف من هو منا، لتنهال عليه تخويناً واتهاماً، ونحن إذ ننساق إلى هذا نهدر قيمة أشياء كثيرة، نهدر معنى الاختلاف، كما نهدر قيمة الرأى الآخر ونهدر دور المجتمع المدنى، ونصبح أسرى لحالة مرضية تدفع بالمجتمع كله لإظهار أسوأ ما فيه تحت ضغط الخوف والرعب مما يجرى، وتستطيع أن ترى حالة المجتمع عبر ما يكتب على مواقع التواصل على النت لتدرك كيف بات المجتمع قاسياً، بل أقرب إلى أن يكون مريضاً، ويكفى للتدليل على ما أقول التعليقات التى وردت على حادث انتحار فتاة شابة خرجت عن الإخوان وكانت ضمن حملة أبوالفتوح وتعرضت لبلبلة فى الانتماء وخلعت الحجاب، والتعليقات من كل الأطراف المتصارعة لم تترحم بل كانت تنهش فيها.. هل نحن فى احتياج إلى مجتمع كهذا لمواجهة الأخطار التى تترصدنا؟ أم نحن فى حاجة إلى مجتمع سليم ليقوى على المواجهة؟ الإجابة عن هذا السؤال تأتى فى الصمت على الأصوات الفاشية التى تتصاعد أو فى التصدى لها بخطاب عاقل يعمل العقل بدلاً من استثمار الخوف.

نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع