الأقباط متحدون - المرور.. ما أشبه الليلة بالبارحة
أخر تحديث ٠٣:٣٦ | الاربعاء ١٩ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٠هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

المرور.. ما أشبه الليلة بالبارحة

حبيب العادلى
حبيب العادلى

 طالعتنا الأنباء والصحف فى نهاية الأسبوع الماضى بنية الحكومة تشديد أو تغليظ العقوبات فى قانون المرور، وهى المرة الثالثة فى هذا المجال، فقد سبق أن عُدل قانون المرور فى عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى لتصبح غرامة السير العكسى فى المرة الأولى ١٥٠ جنيها، وفى الثانية الحبس لمدة ٦ أشهر، فبصدور القانون تغيرت الأحوال فى الشارع المصرى كما لو كان المستهدف هو استباحة السير عكس الاتجاه وغيرها من مخالفات، ولم تُتعب وزارة الداخلية نفسها فى تقصى أسباب ذلك، وارتكنت إلى القانون كما لو كانت عملت ما هو عليها، بينما معالجة الأسباب كانت الأحق أن تبحث وتدرس قبل التوجه لتغليظ العقوبات، وللأسف فإن هذا المنهج تبنته الدولة فى معالجة الكثير من المشاكل، فمصر لديها أكثر من أحد عشر ألف قانون، ولو اُستغنى عن نصفها بينما اُحترم تطبيق النصف الآخر لعادت للدولة هيبتها ولتحسن كثير من الأمور التى يعانى منها الجمهور، وتبقى الأسباب التى ما لم تعالج فلن يتغير شىء.

 
وأول هذه الأسباب ضرورة تواجد جهة أو سلطة إشراف على تنفيذ القانون بكل حسم وعلى الجميع، فقد أسفر تغليظ العقوبة عن زيادة المعلوم الذى يدفعه المواطن للإفلات من الغرامة أو العقوبة الواجب تنفيذها، ولنكن صرحاء فعدا شوارع وسط البـلد أو قلب المدينة لا يوجد شرطى مرور واحد، وهى معاناه انتقلت أيضا إلى المدن الجديدة فعلى سبيل المثال أصبح السير فى توقيتات الذروة بشارع التسعين الرئيسى بالقاهرة الجديدة معاناة ما بعدها معاناة، ويرتكز أفراد المرور فى بداية الشارع بجانب الدون تاون بينما فى نهاية التسعين رفعت إشارات المرور بين التقاطع الرئيسى ويصبح التداخل شيئا غير طبيعى بما يدفع بعض المواطنين للوقوف لتنظيم المرور ويستجيب لهم سائقو السيارات... إذن بدون جهة إشراف على المرور فلا تحدثنى عن أى التزام وسأضرب مثلا يفهمه العسكريون أكثر من غيرهم، حيث من المعروف أن أى مانع غير محمى بالنيران فلا قيمة له، وهكذا المرور يجب وجود من يطبقه.
 
ثانى الأسباب الواجب معالجتها رواتب مختلف الكادرات الشرطية، فتشديد عقوبات المرور يعنى للبعض زيادة فرص ارتفاع دخلهم غير المشروع نتيجة حرص السائقين للإفلات من العقوبات المقررة بدفع المعلوم، وهو أمر يدفعنا للانتقال للسبب الثالث ألا وهو غياب الدافع الشخصى للالتزام بالقواعد عامة أو كما أصبح يطلق عليه أزمة أخلاق تستدعى وجوب بدء المعالجة اعتباراً من المراحل الابتدائية للتعليم، والدور الثقافى للإعلام بأشكاله المختلفة.
 
ورابع الأسباب إذا كـــــانت ضحايا الأسفلت وصلت لأرقــــام مزعجة لا يرضاها الضمير الإنسانى فإن علاج مشكلة المرور يقتضى التدقيق فى استخراج رخص القيادة، ومدى صلاحية السيارات على الطرق، واتخاذ الإجراءات الفورية سواء بدءاً بسحب رخصة القيادة وإعادة اختبار القيادة لمرتكبى مخالفات السير الخطرة، والتشديد فى منع إصدار الرخص وتوصيلها للمنازل خاصة فى المناطق البعيدة عن عواصم المحافظات، فعلينا أن نكون جادين والحساب بقوة لمن يرتكب ذلك من القائمين على إصدار التراخيص، فللأسف دول الخليج أصبحت لا تعترف بالرخص الدولية للمواطنين المصريين وتجرى اختبارهم مرة ثانية قبل منحهم رخص قيادة، ولمعالجة المنظومة بالكامل علينا أن ننظر بعين الجدية لمشاكل الجراجات فحتى المناطق الجديدة التى يشترط فيها وجود جراج لكل مبنى، يلجأ بعض أصحاب الأملاك لتغيير استخدامها إلى مخازن، بل قام بعضهم بوضع تند كبيرة فوق الأرضية لتغطية انتظار سياراتهم فوق الرصيف، رغم أن الرصيف ملكية عامة وهو عندما اشترى قطعة الأرض لم يكن الرصيف جزءاً منها.. الخلاصة يا سادة أن تشديد أو تغليظ العقوبات ليس الحل الأمثل فعلى سبيل المثال أصدرت حكومة السيد المهندس محلب قرارا بتغليظ عقوبة إلقاء مخلفات البناء فى الشوارع.. والنتيجة للأسف غير مؤثرة ما لم يكن هناك من يشرف على ذلك، ففى المسار البطىء لشارع التسعين الرئيسى قبل حى المصراوية بالقاهرة الجديدة أُلقيت مخلفات بناء أكثر من مرة وأزيلت، ناهيك عن مئات أكوام المخلفات التى تملأ الشوارع الجانبية على مسافة ٣٠٠- ٤٠٠ متر من الشارع الرئيسى، إذًا تغليظ العقوبة ليس هو الحل خاصة أن معظم الفئات المرتكبة لمثل هذه الأفعال من سائقى النقل ليسوا من قارئى الصحف أو المتعرضين لوسائــل الإعلام المرئية أو المسموعـة مادامت هناك كاسيتات لكلمات سوقية أو هابطة تمثل مضمون أغلب تلك الشرائط التى يستمعون إليها خلال قيادتهم..
 
عافى الله مصر وشعبها.
نقلا عن المصرى اليوم 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع