بقلم منى مكرم عبيد | السبت ٢٢ نوفمبر ٢٠١٤ -
٤٠:
٠٤ م +02:00 EET
منى مكرم عبيد
انعقاد جلسات مجلس النواب الجديد المنتخب وليس الدعوة لعقد الانتخابات فقط، مع تشكيل مجلس قومى لمواجهة الإرهاب، ضرورة عاجلة لابد منها من أجل وقف نزيف الدماء، ومحاصرة التطرف والجماعات التكفيرية فى كل بقاع مصر، واقتلاع الإرهاب من جذوره بعد أن سقط بسبب جرائمه البشعة مئات من القتلى والمصابين من جنود الجيش وأفراد الشرطة، وكذلك المواطنون المدنيون، وزعزعة استقرار المجتمع وبث اليأس فى النفوس مع هدم الثقة.
وحسنا ما أعلنته القيادة السياسية من إجراء الانتخابات فى أوائل العام القادم، خاصة أن إجراء الانتخابات وانعقاد جلساته قبل المؤتمر الاقتصادى الموسع المزمع عقده فى مارس ٢٠١٥، ستكون له نتائج إيجابية تحفز الداعمين على الاستثمار فى مصر، والنهوض بالاقتصاد المصرى من كبوته، إلى جانب تشجيع المنظمات الدولية والدول الغربية على تقديم حزمة من المساعدات، ودعوة المستثمرين لتنفيذ مشروعاتهم فى مصر، نظرا للمهام المطلع بها مجلس النواب، ودون انعقاده ليس من السهل أن يجد المستثمرون المناخ المناسب لضخ مزيد من الأموال فى مشروعات استثمارية وتنموية داخل مصر.
كما يضطلع مجلس النواب القادم بتقديم حزمة من مشروعات القوانين التى من شأنها تشجيع الاستثمار، واقتلاع الإرهاب من جذوره، وتجفيف منابع التطرف، ومتابعة ما تقوم به الحكومة من خطوات، وكذلك متابعة خطط وزارتى التربية والتعليم والثقافة وأيضاً الداخلية للتعامل مع الموقف الراهن، من أجل بيئة مواتية لاقتلاع كل أشكال التطرف، وتهيئة المجتمع نحو مزيد من الاستقرار والتنمية.
ويلعب مجلس النواب دوراً مهماً مع رئيس الجمهورية فى تكامل الجهود لمكافحة الإرهاب، بعد أن اقترب تنظيم داعش الإرهابى من مصر، عبر مبايعة تنظيم أنصار بيت المقدس لداعش، وتغيير اسم التنظيم إلى «ولاية سيناء»، بما يترتب على ذلك من خطوات وتهديدات موجهة للجيش والشرطة وكل فئات المجتمع، وسيكون لمجلس النواب دور مهم فى وضع استراتيجية متكاملة دون المساس بالحقوق أو الحريات العامة للمجتمع، مع شراكة حقيقية وفعالة لمنظمات المجتمع المدنى، التى من شأنها أن تسهم بنوع من التكامل فى وقف جنوح بعض فئات المجتمع إلى التطرف.
وخلال الأشهر الماضية وبالرغم من المحاولات الإيجابية التى سعت إليها الحكومة إلا أن العناصر الإرهابية والإجرامية نجحت فى استهداف كمائن للجيش والشرطة وعدد من مديريات الأمن بالقاهرة والدقهلية، وترويع المواطنين البسطاء عبر فيديوهات وحشية دموية لا تتفق مع القيم العليا للأديان والتسامح، بما يعود على المجتمع من محاولات للترويع، ومعاقبة المصريين على ما قاموا به من ثورة ضد الاستبداد الدينى فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، بعد أن ثاروا أيضا ضد الاستبداد السياسى فى ٢٠١١.
ومن خلال انعقاد مجلس النواب، مع رسم معالم دور واضح للحكومة لمحاربة «الدواعشية» فكراً وسلوكاً، وبمساعدة المجلس القومى لمكافحة الإرهاب الذى يمكن تشكيله من المتخصصين فى المجالات السياسية والحزبية والأمنية والقانونية والثقافية والدينية وخبراء تيارات الإسلام السياسى وتنظيماته، مع خطة واضحة خلال ٢- ٥ سنوات يتم العمل فيها على تجديد الخطاب الدينى بشكل أكثر فاعلية، مع اتخاذ خطوات فعالة من قبل الإعلام لنشر التنوير والثقافة ومواجهة أفكار التطرف والرجعية والتخلف، وتحسين أوضاع العشوائيات وتنمية سيناء والوادى الجديد، مع خطوات عملية لمواجهة البطالة، وتنقيح المناهج التعليمية من سموم التطرف، ومسح عار الأمية.
من خلال ذلك يمكننا البدء فى غرس دعائم الدولة الدستورية المتحضرة العادلة، التى تواجه الإرهاب بكل أشكاله، برؤية واضحة وخطة ممنهجة، وحينها ننظر للأمام بتفاؤل وثقة، بدلا من الخنوع أمام تراكمات سابقة خاطئة ساهمت فى سوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية، وهو ما كان تربة خصبة لنشر الإرهاب والتطرف، وخلق بيئة تسمح بتفريخ المزيد والمزيد من الجماعات الإرهابية والتكفيرية.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع