التلفزيون يغير بوصلته باتجاه البيان الرسمي الصادر عن السلطة
التلفزيون يصف المتظاهرين بـ"الخونة" ثم "الشرفاء" وبعدها "الخارجين عن السلمية"
كتب - نعيم يوسف
بيان رسمي في أرض النفاق
هو "الصوت الرسمي للدولة"، أيا كان هذا الصوت، لا يعرف سوى البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات التي تحكم البلاد أيا كانت انتماءاتها، يستطيع إذاعة بيانات متضاربة الاتجاهات والمعلومات، في وقت قصير إذا صدرت عن الجهاز الرسمي للدولة..و لذلك لقبه الإعلامي الساخر "باسم يوسف" بأنه "أرض النفاق" بدلا من "ماسبيرو".. إنه التلفزيون المصري.
تلفزيون مبارك
تمكن التلفزيون المصري في وقت قصير جدا، من وصف المتظاهرين في ثورة يناير عام 2011 بـ"الشرفاء" و"الشباب الطاهر النقي"، بدلا من وصفهم بـ"الخونة والعملاء" خلال أحداث الثورة، وبعد تجاهل أيام للمتظاهرين في الميدان، ووصفهم بالخارجين عن الشرعية، وصف التلفزيون موتاهم بالشهداء، وأذاع أغاني وطنية تدعمهم، وبرامج تؤيديهم، وأصبح من وصفهم بالعمالة والخيانة هم "الضيوف الأساسيين" لأهم برامجه.. فقط ما تغير في الأمر هو الممسك بزمام السلطة، حيث تنحى مبارك وأمسك المجلس العسكري بمقاليد البلاد.
المجلس العسكري وماسبيرو
بعد ثورة يناير لم تتغير سياسة التلفزيون المصري، فقط من تغير هم الشخصيات القيادية في البلاد، ويبدو أنه كان يتطوع لتقديم خدماته إلى الحاكم العسكري للبلاد، وخاصة في حادث "ماسبيرو" الذي راح ضحيته العشرات من الشباب القبطي، بينما كانت شاشات التلفزيون المصري بكل قنواته لا تتحدث سوى عن شهداء الجيش -الغير موجودين سوى على شريط الأخبار- وتحرض ضد المتظاهرين، الذين كان حريصا دائما على تكرار كلمة "أقباط" لتكريس الطائفية في الخبر والمجتمع، بل وصل الأمر بإحدى المذيعات لطلب المواطنين تقديم المساعدة لقوات الجيش في دهس الأقباط، وقتلهم، حيث ظهر بعد ذلك كذب التلفزيون وأن الشهداء كانوا من الأقباط وليس العكس.
العصر الإخواني
أنشودة البيان الرسمي، هي فقط التي يتغنى بها التلفزيون المصري، ومن يخرج عن هذا السياق ليس له إلا الطرد، مهما كان هذا البيان، ومدى صحته، وسرعان ما يسير في هذا الاتجاه، حيث عاود الانقلاب على المتظاهرين على أعتاب قصر الاتحادية بعد الإعلان الدستوري للرئيس الإخواني محمد مرسي والذي حصن به قرارته، وتم قتل وسحل المتظاهرين على أبواب القصر، بينما وصفهم تلفزيون بلدهم بأنهم "خرجوا عن السلمية"، وحملوا زجاجات المولوتوف، وحاولوا اقتحام القصر الجمهوري، وهو ما لم يحدث.. فقط كان هذا قول الإخوان وإدعاءاتهم على المتظاهرين وهو ما يحاكم الآن قادتهم به ولكن.. دون التلفزيون المصري.
عصر ما بعد 30 يونيو
لم يدم حال موالاة التلفزيون المصري للإخوان طويلا، فسرعان ما غير بوصلته، بعد إذاعة بيان عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والذي تلاه الفريق عبد الفتاح السيسي -آنذاك- حيث أذاع التلفزيون البيان الرسمي، ورصد فرحة الجماهير والمتظاهرين بعزل الرئيس الإخواني!!