نادر محمد
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر والعالم اليوم بعيد إستشهاد القديس مار مينا العجائبى (العجايبى) سمى بالعجايبى نظرا لكثرة عجائبه ومعجزاته.
التعريف بالقديس وقصة حياته وإستشهاده:
هو القديس المحبوب جدا فى مصر وهو قديس قومى وشهيد قبطى أستشهد فى عصر الإمبراطور الرومانى دقلديانوس وهو فى نفس الوقت قديس مشهور عالميا في العصور المبكرة للمسيحية. عيد إستشهادة بالنسبة للكنيسة القبطية اﻷرثوذوكسية هو يوم 15 هاتور من كل عام. وبالنسبة للكنيسة الكاثوليكية هو يوم 11 نوفمبر حيث استشهد يوم 11 نوفمبر سنة 296 ميلاديه. معنى اسمة فى اللغة اليونانية يحتمل تفسيرين، التفسير اﻷول يحاول الربط بين اسم القديس واسم يوم اﻷثنين فى اللغة اليونانية وهو اليوم المخصص للالهة مينا الهة القمر عند اليونانيين القدماء, التفسير الثانى يحاول ربط اسم القديس بالمولود فى بدء الشهر القمرى اى ان مينا هو المولود يوم اﻷثنين أو المولود فى بداية الشهر القمرى. ولد هذا القديس كما يعتقد العلماء الغربيون فى منطقة بحيرة مريوط التى تقع على بعد حوالى 40 كم جنوب غرب الإسكندرية. طبقا للتقليد القبطى كانت امه امرأة عاقر صلت للسيدة العذراء مريم من اجل الانجاب فردت عليها من ايقونتها وقالت لها أمين.
كان القديس مارمينا ضابط رومانى صغير السن ولكنة كان بروتبة قائد مئة ترك الجيش الرومانى لارتكابة الفظائع ضد المسيحيين بناء على مراسيم امبراطورية من القيصر الرومانى دقلديانوس. واتجة للصحراء فى وسط تركيا للعيش فى حياة الرهبنة والنسك. وفى أحد اﻷعياد القومية الوثنية بمدينة كوتاهيا التى كان مترهبنا بها والتى تبعد 350 كم شرق اسطنبول وسط تركيا. ذهب الى السيرك حيث تقام الاحتفالات الوثنية واعلن إيمانة المسيحى فتمت محاكمته مباشرة فى العلن أمام الجميع وتم فقأ عينية وقطع يدية وقطع رأسه. ولكنه أوصى قبل إستشهاده بنقل جثمانه الى مصر لكى يدفن هناك ووضع جثمانه على جمل وهذا الجمل سوف يقوم بتحديد مكان دفنة. وردت قصة إستشهاد مارمينا فى عظه للقديس باسيليوس الكبير ( 330 / 379 م ) فى حديثة عن احد القديسين اليونانيين فى الجيش الرومانى يدعى القديس جورديوس وهو ايضا ضابط يونانى قطعت رأسه لايمانة المسيحى. كما ذكر اﻷنبا تيموثاؤس السكندرى البطريرك الثانى والعشرون من بطاركة الاسكندرية( 380/ 384) م معجزاته.
يحمل أسم مينا العديد من القديسين مثل القديس مينا أسقف القسطنطينية والمتنيح سنة 525 م
يعد مارمينا بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية شفيع التجار والجمالين والمظلومين وكذلك له دور فى معاقبة الحانثين باليمين مثل القديس بانكراتيوس المولود سنة 290 م فى منطقة فيريجيا بوسط تركيا حيث كان يعيش القديس مارمينا العجائبى
يعد القديس مارمينا بالنسبة للكاثوليك من أهم معضدى البؤساء خاصة من فقدوا أشيائهم
كنائس بأسم مارمينا خارج مصر
نال القديس مارمينا العجائبى شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم المسيحي. .. وأتاه الحجاج المسيحيون لزيارة قبره والاستشفاء بماء ينبع من بئر بقرب قبرة بصحراء مريوط. حيث كان الحجاج يقتنون القوارير المملؤة بمياه مارمينا المباركة والعودة بها لشفاء ذويهم المرضى فى بلادهم. وهذا يفسر إكتشاف وانتشار تلك القوارير الفخارية فى جميع أنحاء العالم المسيحي فى العصور الوسطى. للقديس مارمينا كنائس عديدة خارج مصر ... ومنها على سبيل المثال لا الحصر كنيسته بمدينة أيشى برومانيا والتى تبعد مسافة 380 كم شمال العاصمة بوخارست. كذلك فى مدينة شافا بجمهورية صربيا والتى تبعد حوالى 285 كم جنوب العاصمة بلجراد. وللقديس مارمينا أيضاً مكانة عظيمة فى مدينة فينيسيا مع القديس مارمرقس اﻹنجيلى بكاتدرائيته هناك. كما كانت للقديس أيضاً مكانة عظيمة فى القرن السادس الميلادى بمدينة روما وسائر بلدان البحر الأبيض المتوسط من شمال أفريقيا حتى فلسطين انتهاء بجبل أثوس باليونان حيث يعتقد الرهبان اليونانيون بأن لديهم أجزاء من رفات القديس مارمينا من جمجمته فى العديد من اديرة جبل أثوس. وفيما يتعلق بروما فلقد بنيت كنيسة على أسمة سنة 589 م بالقرب من البوابة الشرقية للمدينة وله مكانه عظيمة أيضاً فى مدينة نابولي اﻹيطاليه وجزيرة قبرص.
إنتشرت سيرة القديس مارمينا ومعجزاته فى الغرب المسيحى على يد القديس بيدا فينارابلس اﻹنجليزى الجنسية فى القرن الثامن الميلادى.
تصوير مارمينا فى الفن المسيحى:
يصور القديس مارمينا كمحارب واقفا بزى ظابط رومانى ويده فى وضع صلاه. وعند قدمية أو خلفه جملان واقفان أو جالسان .
كما يصور مارمينا منفرداً أو مع مجموعه أخرى من القديسين الشرقيين مثل مارمرقس الانجيلى والقديس اليونانى شارالامبوس أسقف ماجنيزيا ( اورتاكلار بتركيا والتى تبعد حوالى 650 كم جنوب غرب إسطنبول بالقرب من إزمير )
كما يصور أيضا مع القديس اليوتريوس أسقف تروناى ببلجيكا والمتنيح سنة 532 م ( تبعد مدينة تروناى حوالى 90 كم شرق بروكسل عاصمة بلجيكا على الحدود مع فرنسا
كما يصور أيضا مع القديس ستليان العجائبى صاحب المعجزات الكثيرة فى مساعده المرضى على الشفاء
وهو أحد قديسى إقليم بافالاغونيا فى شمال وسط الأناضول على ساحل البحر الأسود
آثار مارمينا فى المتاحف العالمية:
(1لوحة حجريه منقوش عليها القديس مارمينا العجائبى وبجوارة الجملين ترجع إلى القرن السادس الميلادى معروضة حالياً فى متحف تاريخ الفن بالعاصمة النمساوية فيينا
(2صندوق من العاج يرجع الى القرن السادس الميلادى معروض حالياً بالمتحف البريطانى بلندن
(3لوحة فنية لاستشهاد القديس المصرى مارمينا العجائبى فى متحف البرادو بمدريد للفنان الايطالى بأول فيرونيزية. يظهر فيها القديس بزى الجندية واضعا يده بقرب فخذة ممسكا بسيف.
(4لوحة من العاج معروضه بمتحف كاستيللو سفورزسكو بمدينة ميلانو. يظهر فيها القديس بزية العسكرى ويده مرفوعه فى وضع تعبدى وبجوار قدمية يرقد الجملين.
فضلا عن العديد من الأيقونات فى الدول الأرثوذكسية مثل صربيا وروسيا وبلغاريا واليونان. ناهيك عن القوارير الفخارية لمارمينا المنتشرة فى معظم المتاحف الكبرى فى العالم
مدينة مارمينا الأثرية:
ترجع بداية المدينة الأثرية الى عصر الإمبراطور قنسطنطين الكبير والذى امر ببناء كنيسة صغيرة (Oratorium)
قام الإمبراطور أركاديوس( 395 / 408 م) بإستبدال هذة الكنيسة الصغيرة بأكبر كاتدائية فى الشرق الأوسط فى ذلك الوقت
ثم قام الإمبراطور زينون ببناء مدينة كبيرة وقصر خاص به, وكان يحمى هذة المدينة والقصر وحدة عسكريه تتكون من ١٢٠٠٠ جندى. ويوجد بجوار قبر مار مينا بئر ينبع منه مياة عذبه إستشفائيه, كانت تعبأ هذة المياة فى قوارير فخاريه كانت تعرف بقوارير مار مينا الإستشفائيه وكانت تباع فى جميع أنحاء العالم المسيحى. هذة القوارير مستديرة الشكل ذو عنق قصير ومقبضين ومنقوش عليها صورة مار مينا واقفا بزى الجندية رافعا يديه فى وضع صلاة.
وعندما إحتل الفرس مصر (٦١٩-٦٢٩) قاموا بحرق المدينة. تركت المدينة بعد ذلك خايه فى القرن العاشر الميلادى ولكن كانت هناك محاولات لإحياءها فى القرن الحادى عشر ولكن إستمرت الحياة بها فترة قصيرة. نقلت رفات مار مينا فى عهد البابا بنيامين الثانى البطريرك الثانى والثمانين من بطاركة الإسكندرية (١٣٢٧- ١٣٣٩ م) إلى القاهرة بالتحديد إلى كنيسة مار مينا بفم الخليج. ثم عادت الرفات فى عهد البابا كيرلس السادس إلى المنطقة الأثرية بمريوط مرة أخرى فى يوم ١٥ فبراير ١٩٦٢ حيث بنى لبابا كيرلس دير جديد بإسم القديس مار مينا فى نفس المكان إلا إنه مازال يوجد حتى اليوم أجزاء كبيرة من جسد مار مينا بكنيسته بفم الخليج وكذلك بكنيسة السيدة العذراء الدمشرية بمصر القديمة وأيضا بكنيسة السيدة العذراء مريم بحارة الروم
الحفائر الأثريه بالمدينة: تمت على يد عالم الأثار الألمانى كارل ماريا كاوفمان سنة ١٩٠٦-١٩٠٨ الذى نقل مئات القطع الأثرية إلى خارج مصر ثم أتى الألمان مرة أخرى سنة ١٩٦١ لإستكمال إكتشاف ونهب ما تبقى من الأثار بالمنطقة وقله إلى خارج البلاد حتى سنة ١٩٨٣ وصدور قانون حماية الأثار الذى قلل من نهب الأثار على يد البعثات الأثرية الأجنبية.
كانت تشمل هذة المدينة شوارع ذات أعمدة على الجانبين ومبانى عامة وبئران للمياة الجوفية وأماكن إقامة للحجيج ودار كبيرة للضيافة مقسمة إلى قسم حريمى وقسم رجالى فى عنابر كبيرة للمبيت الجماعى ولا يوجد بها غرف فرديه, كما كان يوجد مكان للإستشفاء على شكل حرف S للسيدت العواقر.
كنيسة قبر مار مينا: مرت بمراحل بناء مختلفه حيث بنيت فى القرن السادس الميلادى فوق قبر مار مينا وهى كنيسة تقع تحت سطح الأرض وبها ٤ فتحات فى الجدران على شكل نصف دائرة.
الكاتدرائية الكبيرة: وهى كنيسة متعددة الأجنحة ولها صحن كبير ويرجع بناءها إلى نهاية القرن الخامس الميلادى.
المعمودية: ترجع إلى منتصف القرن السادس الميلادى وهى إحدى الغرف الملحقة بالكنيسة وهى ذات قبو مرتكز على بناء مثمن الشكل.