الأقباط متحدون - أحبيبى أطلعت!
أخر تحديث ١٠:٤٦ | الاثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٥هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أحبيبى أطلعت!

أسامة غريب
أسامة غريب

 كان يسرع الخطى وهو عائد فى المساء بعد أن أنهى عمله بشركة السياحة. فى الطريق للبيت كانت تداعب خياله رائحة لقمة ساخنة أعدتها أمه من إبداعها كما تفعل كل يوم، وكان عليه أن يسرع ليلحق برنامج «المواهب» بالتليفزيون قبل أن يبدأ.

عند ناصية الشارع، وجد سيارات شرطة تسد الطريق، وأبصر رجال الداخلية يمسكون ببعض الشباب ويدفعون بهم داخل عربة الأمن المركزى الضخمة. بدافع الفضول، وجد نفسه يقترب ويسأل أحد الأمناء: إيه الحكاية.. ماذا فعل هؤلاء؟ نظر إليه الأمين وأخذ يتفرس فيه، ومن الواضح أن شيئاً فى سحنته أثار ارتيابه، لأنه بدون أى كلام أمسك به ونجح بمساعدة المخبرين فى الزج به وإلقائه داخل السيارة مع الشباب المقبوض عليهم!. لم تُجدِ توسلاته وصيحاته وصراخه المستمر بأن هناك خطأً فى الأمر، وأنه ليس ضمن هؤلاء. وجد نفسه محشوراً داخل غرفة تعج بالمحتجزين ولم يستطع أن يجد لنفسه بلاطة ينام عليها، فقضى الليلة واقفاً. فى اليوم التالى ووجه بالاتهام بالتظاهر مع مجموعات تخريبية تنتهج العنف. نفى التهمة بشدة وأكد للمحققين أنه إلى جانب عمله بالسياحة يحلم بالغناء وليس له اهتمام بالسياسة. قيل له: سنرى ما تسفر عنه التحريات بشأنك. كان فى أمسّ الحاجة إلى الحديث فى التليفون حتى يخبر أهله الذين قضوا بالتأكيد ليلة سيئة فى انتظار عودته للبيت. لمح بينما كان يجلس على الأرض خارج غرفة التحقيق أحد العساكر الذى بدت عليه شهامة أهل الريف.. سأل العسكرى عن اسمه فأجاب هذا: طلعت. قال له بصوت خفيض: ممكن يا طلعت موبايلك لأحدّث أهلى حتى يحضروا لى محاميا؟ ثم أضاف: وحلاوتك محفوظة لا تقلق. بان الخوف فى ملامح العسكرى واعتذر بأنه سيتعرض للعقاب الشديد لو فعل. بعد أن يئس من عمل المكالمة فوجئ بالعسكرى وقد لان قلبه يهمس له: امسك التليفون وادخل دورة المياه دون أن تدع أحداً يراك.. الكارت به جنيهان يعنى تقدر تعمل أربع مكالمات. بالفعل استطاع بعد دخول الحمام أن يقوم بعمل عدة مكالمات وأعاد التليفون للعسكرى الشهم ثم احتضنه فى امتنان، ولم ينس أن يسجل رقمه حتى يكافئه بعد أن يفرجها ربنا.
 
الحمد لله.. أثبتت التحريات براءته فتم إطلاق سراحه وعاد إلى الحياة مرة أخرى. بالخارج كانت بانتظاره والدته ووالده وأخته المتزوجة وأخوه الأصغر. ركب معهم السيارة والدموع تبللهم جميعاً من فرحة اللقاء بعد أسبوع عصيب. فى الطريق قص عليهم جانباً من الأهوال التى عاشها مع متهمين من كل نوع، سياسيين وجنائيين، حتى إنه كان يتصور نفسه فى كابوس لن يصحو منه، ولم ينس بطبيعة الحال أن يخبرهم عن شعاع النور الذى صادفه وسط الظلمة.. العسكرى «طلعت» الفلاح الكريم الذى سيظل مديناً له بقية عمره عندما غامر بسلامته وقدم له تليفونه ثم اختفى وكأنه مَلَك كريم رافضاً أى حديث عن مكافأة أو ما شابه. قال أبوه مدهوشاً: العسكرى طلعت؟ لقد اتصل بى وكنت أعطيه كل يوم مائة جنيه لتوصيلها إليك، وقالت أخته: طلعت أخذ منى خمسمائة جنيه من أجل تحسين وضعك بالحجز، وقالت أمه: لقد طبخت لطلعت ما تيسر من الطواجن والصوانى والمحمر والمشمر من أجل أن يصلك الطعام، وقال أخوه: طلعت أخذ منى الدراجة الرالى المدفوع فيها خمسة آلاف جنيه ليقضى بها مشاوير لصالحك!
 
نظر إلى الأفق خارج السيارة وهو يسترجع توصية طلعت بإجراء أكثر من مكالمة لأهم الأشخاص لديه.. لم يكتف الوغد بابتزاز شخص واحد فأخذ العائلة مقاولة!
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع