أصدرت الأخت كريستينا سكوتشا مؤخرا ألبوماً يتضمن أغنية شهيرة لمغنية البوب الأمريكية الشهيرة مادونا، لكنها ليست أول راهبة تثير حالة من الاستغراب والدهشة.
"أخوات مدى الحياة"، هذه عبارة كتبتها مادونا في تعليق لها على موقع تويتر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. لم تكن مادونا تشير إلى ريهانا أو الليدي غاغا: بل كان اهتمامها موجهاَ الى الراهبة الإيطالية كريستينا سكوتشا من صقلية التي سجلت في ألبومها أغنية مادونا الشهيرة "لايك ايه فيرجن" أو (مثل العذراء) والتي طرحت عام 1984.
الراهبة المغنية، التي دعت الجمهور لمشاركتها في تلاوة "صلاة الرب" بعد فوزها في برنامج مسابقات المواهب الغنائية الايطالي "ذا فويس" في حزيران/يونيو الماضي، تطلق اليوم ألبومها الأول. وقالت سكوتشا في تصريح لصحيفة "أفينير" الكاثوليكية إن أدائها لأغنية مادونا الكلاسيكية المفعمة بالحيوية هي عبارة عن "صلاة علمانية أكثر من كونها أغنية بوب".
وأضافت "إذا قرأت كلمات الأغنية دون أن تتأثر بما مضى، ستكتشف أنها أغنية تتحدث عن قدرة الحب على تغيير حياة الناس، وتحريرهم من قيود الماضي. وهكذا أردت أن أفسرها. ولهذا السبب حولناها من ثوب الغناء الشعبي الراقص الى أغنية قصصية رومانسية".
وتضيف الراهبة التي تبلغ من العمر 26 عاماً: "لقد اخترتها بنفسي، دون أي رغبة في الاستفزاز أو إثارة الصدمة". لكن "وكالة أنباء المعلومات الدينية الايطالية" تصف اختيارها لهذه الأغنية بأنه "عملية تجارية متهورة ومخادعة".
ليس كل الراهبات على نفس الشاكلة: يلقي القسم الثقافي في بي بي سي الضوء على بعض الأخوات اللواتي سبقن الراهبة كريستينا في الخروج عن المألوف، من بينهن شاعرة تحدثت عن الإثارة الجنسية، وأخرى كانت ناشطة في عقد الستينيات.
الأخت خوانا إينيس دو لا كروز
"لن أعبث بجذعك المرهف عند انحناءة خصرك المثير" هذه الكلمات لم يكتبها شاعر رجل ولكن كتبتها الراهبة المكسيكية خوانا إينيس دو لا كروز التي ولدت خارج إطار الزواج في مرتفعات وسط المكسيك. دخلت خوانا الديرعام 1667 عندما كان عمرها 16 عاماً، وكتبت مسرحيات ومقالات وقصائد تحدت ما كان سائداً في ذلك الوقت من تقاليد ومعتقدات.
وفي ردها على الأخت فيلوتيا، دافعت خوانا عن حق المراة في التعليم، لتصبح من أوائل المدافعين علنا عن حقوق المرأة في العالم الجديد. وتجاوزت أغاني الحب لزوجة نائب الملك حدود الصداقة الى الولع الشديد بها، بل إن بعض كلماتها تماثل تلك التي تغنيها حاليا كاتي بيري من بينها: "حبك جريمة/لن أتوب عنها أبدا"، وأخرى تقول: "لايهمني ياحبيبي إن هربت من حضني، فالتفكير وحده يمكن أن يحاصرك".
وعندما نشر أحد المطارنة إحدى رسائلها التي انتقدت فيها قداساً أقامه أحد الكهنة، أرغمت خوان على التوقف عن الكتابة والتوقيع على تجديد قسمها للكنيسة، وهو ما فعلته بدمها.
هيلداغارد فون بينغن
اشتهرت هيلداغارد بأنها ذات شخصية حالمة وزاهدة وكانت مؤلفة في القرن الثاني عشر، وعارضت هيلداغارد الآراء التي كانت سائدة آنذاك. كانت الطفلة العاشرة في سلالة أسرة من النبلاء، وأرسلتها أسرتها إلى مدرسة للراهبات في عمر الثامنة من عمرها وواصلت مسيرتها حتى أسست اثنين من الأديرة في وادي "الراين".
وقد كتبت رسالة الى البابا تحثه على تعزيز العمل لاصلاح الكنيسة، وأشرفت على مراسم دينية لدفن رجل طرد من الكنيسة الكاثوليكية بسبب مخالفة معتقداتها، مؤكدة أن تاب وهو على فراش الموت.
وفي كتاباتها في مجالات الفلسفة والتاريخ الطبيعي، توجد إشارات متعددة للرغبة الجنسية، من بينها فصل وصف بأنه يحتوي على أول وصف للنشوة الجنسية للمرأة. واعتبر أن مجرد الاشارة الى العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة في تلك الكتابات على أنه يمثل فكرة تقدمية تناقض النظرة إلى الجنس على أنه شيء نجس.
كوريتا اشتهرت بلوحاتها التي تعكس فن الحياة المعاصرة "بوب آرت" خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي
كوريتا كنت
ولدت الأخت كوريتا في ولاية أيوا، وكانت تدرس الرسم في لوس أنجلوس لمدة 21 عاماً وأشتهرت بلوحاتها التي تعكس فن الحياة المعاصرة "بوب آرت" خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وتوافقت دعوتها للحب والسلام مع الثورة الثقافية لذلك العصر، وقدمت تصوراً روحانيا للنزعة الاستهلاكية، رافعة الشعارات واللافتات الاعلانية إلى مستوى الشيء المقدس.
غادرت كوريتا الكنيسة عام 1968، وتغيرت أعمالها الفنية من عرض الصورة النمطية التي كانت سائدة إلى تناول قضايا مثل الحقوق المدنية وحرب فيتنام.
وعندما قررت خدمة البريد الأمريكية إطلاق تصميمها لعام 1985 "طابع الحب" في الأستوديو الذي جرى فيه تصوير مسلسل "قارب الحب"، امتنعت كوريتا عن الحضور، معترضة على الربط بين الحب الذي رسمته على الطابع، والحب الرومانسي الذي تدور أحداثه في المسلسل التلفزيوني.
بالعزوف عن النزعة الاستهلاكية والانخراط في الحركات الاجتماعية خلال عقد الستينيات، أبدعت كوريتا نوعاً من الفن الجديد وغير المألوف دعا الناس الى وصفها "بالفنانة المعاصرة صاحبة الضمير على غرار آندي وارهول".
في أحد أعمالها كتبت السطور التالية: "يثير اعجابي الذين يتظاهرون/. ويثير اعجابي الذين يذهبون الى المعتقل/. ليس لدي الشجاعة لفعل ذلك/. لذا أنا أفعل ما يمكنني أن أفعله".