لو أن أينشتاين حى لمات بالسكتة الدماغية بسبب تدميرنا لكل القواعد والمسلمات الفيزيائية المعروفة، كل شىء من حولنا فى مصر لا يستطيع أن يقطع أى مسافة مهما طال به الزمن، لذلك تكون محصلة السرعة النهائية تقارب أو تساوى الصفر، اداء الحكومة الاقتصادى يماثل سرعة الإنترنت أثناء تصفحك البريد الإلكترونى، سرعة تطبيق قانون المرور الجديد تعادل سرعة استقبال طوارئ المستشفيات لمريض غارق فى دمائه، سرعة تغيير الوجوه الإعلامية التى تتمنى تغييرها هى نفس سرعة حركة سير السيارات فى طريق صلاح سالم إلى المطار أثناء محاولتك الفرار لبعض الوقت من تلك الوجوه.
ورغم هذا الصفر الكبير الذى نحصده فى السرعة والذى يجعلنا فى حالة محلك سر أو سكون عظيم يحدث التصادم، الأمر الذى لو درسه كل علماء الفيزياء والميكانيكا لاحتاروا فى أمره، إذ كيف يتصادم جسمان لا يتحركان فى الأساس، الأمر لا يقتصر على الحادثة الأخيرة التى وقعت فى شارع هارون بمصر الجديدة، حيث يسير ترام أخضر اللون يعود إلى عهد البارون إمبان، والذى يسميه رواد هليوبوليس بـ«زقزوقة»، كناية عن سرعته وطريقة حجله.
لا أدرى لِمَ اندهش المشاهدون من رؤية صور عربتى الترام المصطدمتين، ففى كافة الأمور من حولك فى مصر يحدث ذات التصادم لمركبتين تقارب سرعتهما الصفر، تتعارك الأحزاب السياسية ويصطدم بعضها ببعض، وأنت تعلم كمشاهد أن محصلتها الشعبية على الأرض صفر، تشاهد معايرة أحد الإعلاميين للآخر بأنه أمنجى، تشاهد المقطع التليفزيونى وتشاركه، ثم تضحك ويضحك غيرك،
الأمر أشبه بتلك الحالة التى تخلفها مشاهدة مشاهد الأكشن فى فيلم «علقة موت» بين ممدوح فرج ومصارع آخر سقط، إثر السوفلكس المدمر، تنتظر رد فعل الإعلامى الأخير على الإعلامى الأول ليبدأ صدام لمركبتين لم تحلقا فى فضاء الإعلام أبعد من موضع قدميهما، وبالمثل يتنابز من حولك جميعا على مواقع التواصل الاجتماعى لتدرك فى ختام يومك، وأنت تشاهد هذا الصدام المثير للضحك وتشاركه مع أصدقائك وتعلق عليه، أن المحصلة الإنسانية لسرعتنا فى هذا الوطن قاربت على الصفر.
نقلا عن المصرى اليوم