بقلم رامى جلال | الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤ -
١٧:
١٠ ص +02:00 EET
عمر مصطفى.. إرهابى مصرى معاصر
من عجائب مصر أن كل من قذف طوبتين أيام الثورة أو أكل من كشرى التحرير، وزود فى البصل، اعتبر نفسه مناضلاً ومفكراً وناشطاً ولابد أن تسير البلد على هواه وحده فقط لا غير. الكل شارك فى محاولة تغيير الأوضاع، وشكراً للجميع، لكن الرحمة فوق العدل، وأظن أن هذا من أعراض البطالة، فـ«الفاضى يعمل قاضى» على الجميع، ولا يستمع إلا لنفسه إما بسد أذنه أو عبر إسكات الآخر. وبشكل عام المجانين فى نعيم، أما الجحيم ففى نمو بيئة من الإرهاب الفكرى قد تتطور فى أى لحظة إلى إرهاب مادى حين تمتلك الوسائل.
القصة تتلخص فى أن «عمر مصطفى»، وهو شاب مصرى عشرينى طيب خلوق، انضم لحركة ٦ إبريل، وهى كيان وطنى غير منسجم فكرياً ويضم أطيافاً متباينة، ثم تركها مع بدايات ثورة يناير ليلتحق بالإخوان، ويشاركهم فى كل فعالياتهم مساعداً لهم فى عنفهم ضد رفاق الماضى. بعدها، وكتطور طبيعى انضم لميليشيا إرهابية سورية، من المرجح أنها جبهة النصرة، ثم ارتقى سلم الإرهاب أكثر ووصل إلى الميليشيا الليبية التى أعلنت معظمها الولاء لداعش، ومات هناك مأسوفاً على الفكر الذى دفعه لذلك، لتكون حياته باختصار هى «عيش، حرية، حركات إرهابية».
أصدقاء القتيل، من نشطاء فيس بوك وتويتر، لا يريدون من أحد التعليق على الحدث ويتعاملون مع الواقعة كأنها طهور ابن أختهم، بينما القصة تتقاطع مع أبعاد مجتمعية تخص الجميع. والأمر لا علاقة له باذكروا محاسن موتاكم، لأن محاسن نفسها، الله يرحمها، أصبحت من موتانا، لم يبق سوى بنت خالتها «محاسن الصدف» التى لم تجعل من الجميع نشطاء والحمد لله.
من حق أصدقاء القتيل إنسانياً أن يحزنوا، ولكن ما حدث مناحة وإرهاب فكرى، جاءت معظم فصول مناحة الأصدقاء على طريقة: «أنا وبس اللى اعرف عمر»، «أنا صاحب البطل»، «أنا رفيق البطل»، «أنا أم البطل». بينما الحقيقة أن هذا البطل المزعوم «بطل مفعوله» حين تحول إلى مرتزقة. ثم جاءت مرحلة الإرهاب الفكرى للخصوم على طريقة: «إلحق فلان بيجيب سيرة عمر»، «إلا عمر»، «عمر خط أحمر»، لم يكن ينقص إلا «فداك أمى وأبى يا عمر».. القضية لا تحتمل ذلك بل تحتاج إلى علماء النفس والاجتماع لتحليلها.
«عمر مصطفى» ببساطة هو آخر عنقود الإرهاب المصرى، ولو كان الله قد قضى بمنحه عمراً مديداً لربما تحول إلى نسخة جديدة من أيمن الظواهرى، (الذى وصفه عمر نفسه بـ«حكيم الأمة»)، مطلاً علينا من شريط فيديو مسجل مهدداً الجميع، مكفراً الكل. وأقصى ما كان يمكن أن يصل إليه بهذا الشكل هو أن يصير إرهابياً مصرياً معاصراً
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع