الأقباط متحدون - الآخرون دائما لهم وجود
أخر تحديث ١٤:٣٠ | الاثنين ١ ديسمبر ٢٠١٤ | ٢٢هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٠٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الآخرون دائما لهم وجود

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

علي سالم
انهارت عمارة في حي شعبي في القاهرة، وأخرجوا من تحت الأنقاض ثمانية عشر قتيلا. اتضح أن مجلس الحي قد أصدر منذ سنوات قرارا بإزالة طابقين منها غير أن صاحب البيت كغيره من أصحاب البنايات المخالفة لم ينفذ القرار. من الناحية الهندسية تعتبر العمارة آيلة للسقوط، لأن مواد البناء التي استخدمت فيها ليست مطابقة للمواصفات المعتمدة. كانت العمارة أشبه بجسم سكنته كل الأمراض، وظل واقفا على قدميه كشجرة عجوز غير مثمرة. المشكلة هي في تفسير كلمة «آيلة».. لا بد أن السكان كانوا يقولون لبعضهم البعض: «وهل تصدق كلام الحكومة؟.. ربك هو الستار».

أحد الترزية استأجر شقة في الدور الثالث، بالطبع لا بد له من ديكور جذاب لزبائنه، قرر أن يعدل من وضع بعض الأعمدة في الشقة.. هذا هو موضوعي اليوم، حرية بعض الناس في ممارسة الجريمة. كان الرجل يمارس حريته ويمارس أيضا حق الملكية على المكان، غير أنه بالقطع لم يفكر في أن هناك آخرين يسكنون العمارة، وأن ما يحدثه من تعديلات في شقته من شأنه أن يسبب لهم أخطارا جسيمة، ربما تكلفهم حياتهم. إنها الحرية المقترنة بنفي الآخر. إنها العدوان الغريزي الذي لا يوقفه شيء. صاحب البيت أيضا عندما أضاف طابقين بغير ترخيص كان يمارس ما يعتقد أنه حريته. هو أيضا عاجز عن رؤية الآخرين.

في غياب الاحترام للقوانين والأعراف وما أثبته العلم من قوانين علمية، لا توجد حرية ولا يحزنون. فردية الإنسان وحقوقه لها احترامها وقدسيتها، غير أنه على كل فرد أن يكون على وعي دائم بأن الآخرين موجودون طول الوقت، وأن لهم جميعا نفس حقوقه. وبذلك تكون الحرية كما أتصورها هي: إحساس قوي بوجود الآخرين، والقدرة على الإنجاز ليس بالتحايل على القوانين والإفلات منها، بل بالعمل من خلالها على الوصول إلى الإنجاز في كل مجال. ابتداء من كتابة قصيدة شعرية أو رسم لوحة فنية أو بناء مصنع.

كل حركة في هذا الكون تتم طبقا لقوانين طبيعية، لا يوجد ما يسمى بالحرية المطلقة. حتى الصاروخ المنطلق في السماء مقيد بالوصول لهدف ينفجر عنده. عندما أقول «أنا حر» فمعنى ذلك أنني أعمل وأنتج سلعة لها أهميتها. عندما أطلب الحرية فأنا في حقيقة الأمر أطلب أن أتمكن من الإنجاز، وبذلك تكون حريتي مرتبطة طوال الوقت بوجود الآخرين.

صحفي شاب سألني: «ما هي الديمقراطية.. وما هي الحرية؟».
فأجبته: الديمقراطية هي القدرة على إنتاج سلعة منافسة، والحرية هي القدرة على إنتاج سلعة منافسة. حتى لو سألتني عن الحب فسأرد عليك: الحب هو ذلك الإحساس الجميل الذي يمنحك القوة والثقة بالنفس لدفعك للعمل والإنجاز. مصدر الكبرياء عند البشر هو قدرتهم على الإنجاز والإتقان، الأكثر إتقانا هو الأكثر فضلا، والأكثر إنجازا هو الأكثر حرية.
نقلآ عن الشرق الأوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع