بقلم - أيمن الجوهرى
أذكركم ونفسى .. ليس هناك أى مواقف ممكن لها أن توصف بالحيادية وتستطيع أن تسمد حجية منطقيتها وتنتزع بطولة لشرفها الخلقى عندما ترتدى تلك المواقف أقنعة (الخنوع والتردد ) فى منتصف طريق الشهادة والأقرار بين قدسية الحق وسحيق الباطل .. فأنوار الحق تحتاج الى وقود من يشعلها من المنصفين لكى يستمر وهج وضياء قيمته صامداً فى شموخ الخير فى عالم العدل .. أما سحيق الباطل فيتبجح ويتحجج ويتخفى شره بقلة عدد المشهرين فى وجه سيف الرفض له فتغرق العدالة فى مستنقع الحسرة والتخازل فيطرب الشر فرحاً فى محافل الكذب والتضليل!
قد يكون هناك حيادية مقبولة ولكنها مؤقتة والى حين .. "مقبولة" عندما لم يأذن بعد هلال الحق فى أن يكشف عن نفسه فيتأخر فى سطوعه لأعلان بدء صيام المنصفين عن النفاق والميوعة والتلون والمرواغة وأنعدام الشهامة .. و"مؤقتة " طالما غُم عليهم فى الأستبيان من شدة عتمة ضباب الباطل خلال مشقة البحث والتيقن والتحرى والتدبر والتأكد .. ولكن عند إنشطار تلك الغمامة لابد من بزوغ فجر الحق ليتوارى الباطل قهراً فى جنح الأبادة .. والا ساد ظلام الضلال وخرجت الفتنة تبحث فى ظلماته عن ضالتها .. !!
الحق حق والباطل باطل ياكرام .. وكلهما على النقيض تماماً ومتخصمان ومتباعدان ولا يجتمعان فى تجلى واحد أبداً وليس هناك أى نقاط للتشابه بالمطلق بينهما .. فالمتشبهات تقع بين الجائز والممنوع .. أما الحق والباطل فيقفا فى حالة نزاع أبدى فى حلبة البقاء منفصلان فى أقصى أطراف معادلة الأنصاف والشهامة .. وما بينهما أما ضلال أو تضليل .. !!
نعم لايجب أن يكون هناك أى شبهات من الرياء والزور والبهتان والشق عن الصدور أو حتى أقل أستعجال قد يهتك شرف الحق ويخدش من حياء براءه زمته حتى لا يعلوا من شأن الضلال .. وأيضاً لا يصح أن يكون هناك لحظة تعطيل وأعاقة لمسيرتة النورانية أو مورابة و خنوع وغض الطرف حتى لا يتكالب على المشهد زمائم التضليل .. فيمنح للباطل تأشيرة أستبقاء غمامته!
هناك فقط حتمية الألتزام بفضيلة (( الموضوعية )) حتى أخر أستبيان خلال رحلات التيقن و الأدراك .. ولكن فى النهاية لابد من أن أنشقاق نسبة ما أكثر أصحية وأحجية وحقيقة فتميل البراهين والدلالات فى كفتها أما نحو الحق أو نحو الباطل .. وحينها يتبين الخيط الفاصل ومفترق الطرق بينهما .. وعندها أما البوح الساطع الواضح و بدون أستئذان بوجوب الأصطفاف خلف جيوش الشهادة بالحق فى معركتة ضد الباطل .. وأما الأنسحاب التام والأختفاء الطوعى عن المشهد طالما مابقيت هناك جهالة وضبابية تعوق فعلياً وضميرياً وخلقياً وضوح رؤي الأنصاف!
ولكن حضور المبارزة ولاسيما اذا حميت وطيسها ( كمتفرجين ومصفقين ) فى قاعات العنصرية والقبلية والعصبية .. أو ( لامبالين ) فى قاعات الجبن والخزى والعار ونحن على علم ويقين بمن يحمل شعلة الحق ومن ينازع بهتاناً ويخفى خلف ظهرة سكين الباطل .. فتلك هى علامات عصر الأنحطاطات الخلقى .. وبدايت حفر قبور الشهامة والأنصاف .. و منحة نفاق شيطانية تسعر من جحيم الفتن والفرقة والصرعات والخلافات والتى لن ترحم فى سعيرها من أبتلاع الجميع ولن تبقى منهم أحدا .. !!
وقبلما السؤال وأظهار مشاعر الأسى والحزن .. عن أى ضحية أو دماء قد تسقط أو تُسال هدراً وظلماً وغدراً خلال معارك التطاحن بين الحق والباطل .. ياليت يكون هناك وقفة نقية وحيادية وأمينة وصادقة مع النفس فى مصلى الأنصاف والأعتراف والشهادة .. بأن من أهم البواعث والأسباب التى أبقت على أشتعال تلك المحرقة وأطالت من أمدها .. هى صمت الصامتين وخنوع الخانعين وزور المنافقين وتطبيل المنقادين وأفساد المتكاسلين و المتفرجين واللامبالين .. فى الحول دون أيقاف نزيف حسم الأمر وأعلاء الحق فى سماء الأنصاف وفوق أى تخازل .. !!