الأقباط متحدون - قانون ضار ولا نفع فيه
أخر تحديث ١٢:٥٠ | الثلاثاء ٩ ديسمبر ٢٠١٤ | ٣٠هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٤١٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قانون ضار ولا نفع فيه

على سالم
على سالم

 الحمد لله.. فبعد أن أنعم علينا الزمن بأحكام البراءة التي صدرت على مبارك ورجاله، والتي أعطتنا فرصة ذهبية في إضاعة وقتنا لشهور مقبلة، وهو ما يحمينا من الانشغال في التفكير الجاد في مشكلاتنا الحقيقية، حدث أن هبطت علينا نعمة أخرى من السماء أو من مكان آخر، وهي الإعداد لصدور قانون جديد يجرم من يسيء لثورتي يناير ويونيو. وقبل أن أكمل مقالي، أقسم بكل ما هو مقدس لديّ بأن 25 يناير و30 يونيو هما جناحان لطائر الثورة، أو هما معا يمثلان الثورة المصرية.

طبعا، القارئ الكريم ينتظر مني كلمة «ولكن».. اطمئن، لن أقول ولكن.. أنا فقط سأنبه إلى أن مصر الثورة، ومصر الدولة، ومصر الشعب، ليسوا في حاجة لهذا القانون، لأني أستطيع وضعه باطمئنان في خانة «الأمور التي لا لزوم لها»، وهي كما قلت لك من قبل، أسوأ الأفعال في التاريخ. الأمر ليس في حاجة لخيال كبير لنعرف أن وقتا طويلا نحن في حاجة إليه، سيضيع في مناقشة هذا القانون، ثم وقتا إضافيا سيضيع في معارك جانبية ورئيسية بين القانونيين والهواة من أمثالي، يناقشون فيها مواد القانون طالبين تعديل بعض مواده. وبعد نشر القانون في الجريدة الرسمية، سيبدأ الإعلاميون في سن أسنانهم استعدادا لالتهام الفريسة الأولى، وهو ذلك الشخص الذي ستوجه إليه تهمة الإساءة للثورة. حمدا لله.. يا لكثرة النعم هذه الأيام، نعمة ضياع المزيد من الوقت في مناقشة الحدود بين النقد المباح والإساءة التي يجرمها القانون. بالتأكيد سيقول المتهم في المحكمة: لقد نمت في ميدان التحرير أكثر مما نمت في بيتي.. يشهد على ذلك الشعب المصري.. أنا أحد أعمدة الثورة فكيف أسيء إليها؟ أنا أخشى أن يقفز عليها لصوص الثورات.. والكلمات الغاضبة التي صدرت مني واعتبرتها النيابة إساءة للثورة، هي في حقيقة الأمر ليست موجهة للثورة، ولكن لأشخاص يلعبون دور الثوار، وهم ليسوا أكثر من عناصر انتهازية.
 
ومع صدور أول حكم بالبراءة لأول شخص وجهت إليه تهمة الإساءة للثورة، ستنفجر موجة غضب عنيفة بين النخبة الإعلامية الثورية، وفي البرامج الحوارية سيعلنون أنهم لا يعلقون على الحكم، بل يبدون استياءهم منه فقط لا غير، أي أنهم يمارسون حرية التعبير التي كفلها القانون والدستور. وبعد صدور أول حكم بإدانة أول شخص أساء للثورة، فإن ذلك سيوفر فرصة ذهبية لكل جماعات حقوق الإنسان في العالم كله لكي توجه لنا الاتهام بأننا نسن قوانين تصادر حرية التعبير، بل والحرية بوجه عام. ولن يكتفوا بذلك، سينظمون مظاهرات ووقفات احتجاجية عند زيارة أي مسؤول مصري لأي مكان. عندها بالطبع لن نسكت عن ذلك، سنتصدى لهم ونهاجمهم بعنف هم ومن وراءهم.. خير.. خير كله خير، لقد تحقق هدفنا الجميل، وهو أن نضيع وقتنا في كل ما لا يفيد.
 
ليغفر لي من لا يرى ما أراه، فربما كنت مصابا بخلل في العقل يصور لي أنني أحد أحفاد زرقاء اليمامة، جدتي العظيمة التي كانت قادرة على رؤية الخطر البعيد والتحذير منه. فبعض الكتّاب للأسف، وأنا منهم، يتصورون أنهم يقفون حراسا على أسوار المدينة.
نقلا عن الشرق الاوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع