الأقباط متحدون - فى كل رمانه حبّة من الجنّة
أخر تحديث ٢٠:٤٦ | الاربعاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٤ | ١كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤١١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فى كل رمانه حبّة من الجنّة

للشاعر والأديب فايز البهجورى

 بعد أن قام الشيخ عبد العليم بإمامة المصلين في مسجد القرية وإلقاء خطبة الجمعة عليهم، عاد إلى منزله الذي لا يبعد كثيرا عن المسجد.
وفي الطريق مر على بائع الفاكهة الذي يقع محله في أول الشارع الذي يوجد فيه منزله ، واشتري منه كيلو من العنب ورمانه واحدة وحملهم إلى منزله.

 وحينما طرق على الباب هرعت إبنته الكبري زينب وأخذت الفاكهة منه ووضعتها في الثلاجة.
 وابتسم الشيخ عبد العليم لإبنته وقال لها:
لقد أحضرت لكم رمانة. والحديث الشريف يقول أن " في كل رمانة حبة من الجنة".
 
 ثم توجه إلى مكتبه وأحضر منه كتابا وقال لزوجته الحاجة سكينه: هذا كتاب "عذاب القبر ونعيمه."
 لقد طلبه منّي الحاج زهران ليقرأه. وهو ينتظرني في الجامع .
سأذهب إليه لأعطي له  الكتاب وأعود على الفور.
 ثم خرج وأغلق الباب خلفه.

وما كاد الأب يخرج حتى دار حديث بين ابنائه أحمد ومصطفي وزينب وشيماء . ودار حوار بينهم وبين والدتهم حول حبة الجنة في الرمانة.
وشرحت لهم الأم الحديث النبوي الشريف .

وعندما إنتهت منه بدأ الأبناء يتشاجرون، وطلب كل منهم أن يحصل لنفسه على "حبة الجنة" في الرمانة. 
ولكن المشكلة كانت بالنسبة لهم جميعا هي كيف يعرفون "حبة الجنة" من بين بقية حبات الرمانة الكثيرة .
وانتظروا عودة الوالد ليحل لهم هذه المشكلة.

وعندما عاد الشيخ عبد العليم إلى المنزل فوجئ بالخلاف بين أبنائه الأربعة على  "حبة الجنة" .
كما فوجئ أيضا بالسؤال عن كيف يتعرفون عليها من بين حبات الرمانة الكثيرة.
 
قال الأب : لابد أن تكون هذه الحبة متميزة  عن بقية حبات الرمانة .
قد تكون أكثر منهم حمرة .أو أنصع منهم بياضا . أو أكبرمنهم  حجما . أو ألذ منهم طعما .. والله أعلم.
 قال ابنه الأكبر أحمد : اذا كانت أكثر منهم  حمرة ، أو أنصع  بياضا ، أو أكبر حجما ، فانه يكون من السهل التعرف عليها .

ولكن اذا كانت  ألذ طعما .. أو أكثر حلاوة  فانه يكون من الصعب التعرف علبها.
قال الأب: هذا صحيح. ولكن من المؤكد أن لها خصائص تميزها عن غيرها من بقية حبات الرمانة .
 
 وهنا تدخلت الأم وقالت: من رأيي أن نقوم بعصر كل حبات الرمانة . ونضيف إليها كمية من الماء والسكر . ويشرب كل واحد منّا كوبا منها.
 وبهذه الطريقة سينعم كل واحد منّا "ببركة حبة الجنّة  فى الرمانة."
قال الأب : هذا إقتراح جيد. قومي بتنفيذه .
 
 وهنا قالت الأبنة الكبرى زينب: وأنا سأقوم بفرط حبات الرمانه.
 
اعترض عليها مصطفي وقال : أنا سأقوم بذلك.
قال أحمد: لا .. أنا سأقوم بذلك
وقالت شيماء: أنا عايزة أعملها.
 
 وهنا تدخل الأب: أحسن حاجة تقوم الحاجة بتقسيم الرمانه  إلى أربع أجزاء. ويقوم كل واحد منكم بفرط جزء منها.
                        
 وافق الأبناء على هذا الاقتراح. وأحضر كل منهم طبقا. وأخذ ربع الرمانة وبدأ بفرط حباتها في طبقه.
ولكن شيماء تعثرت ( وفعصت ) بعض حبات الرمانة.
نظر إليها أحمد وقال: إنتي بوظتي كل حاجة يا شيماء. مش يمكن تكون "حبة الجنّة "من الحبات اللي إنتي " فعصتيهم "؟
وهنا أطرق الجميع واجمين ، ونظروا إلى أختهم الصغيرة في غضب.

 لاحظ الأب ذلك وقال لهم: لا تغضبوا. ينزل أحمد ويشتري رمانة أخرى غيرها. وتقوم الحاجة بفرط حباتها.
 
 ونزل أحمد. واشترى رمانة أخرى. وقامت الأم بفرط حباتها. وعصرتها في الخلاط. وأضافت إليها كمية من الماء  وكمية من السكر.
    وقدمت للشيخ عبد العليم كوبا، كما قدمت لكل من إبنيها أحمد ومصطفي وبنتيها زينب وشيماء " أكوابا " أخرى.
 وشربت هي أيضا كوبا. حتى ينعم الجميع ببركة "حبة الجنة " في الرمانة.

 بعد ساعتين من شرب أكواب عصير الرمانة وصل إلى العائلة أول خبر سار.
 صديق للشيخ عبد العليم يعمل في كنترول إمتحان الشهادة الإبتدائية بالإدارة التعليمية حمل إلى الأسرة خبر نجاح شيماء بتفوق وحصولها على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية.
 فرح أفراد الأسرة كثيرا بهذا الخبر وإعتبروه بركة من بركات "حبة الجنة"  في الرمانة.
 
 وفي المغرب حضر إلى الأسرة صديق لأحمد وحمل إليه خبرا  سارا  آخر فرح له كثيرا. فقد تم إختياره ضمن فريق اللاعبين الذين سيشاركون في مباراة كرة القدم. بين منتخب النادي الذي ينتسب إليه وبين فريق النادي الزائرالقادم من البرازيل، والتي سوف تقام على أرض نادي البلدية،  وسوف يحضره محافظ الإقليم.
 ومرة أخرى ردد أفراد الأسرة. هذه بركة "حبة الجنة"  في الرمانة.

 ولكن لم تكن كل أحداث هذا اليوم سارة.
 ففي المساء خرجت الأم مع إبنتها زينب لشراء بعض زجاجات الشربات لتقدم منها أكوابا لمن سيحضرون للتهنئة بنجاح ابنتها شيماء  .
 كما ستقوم بشراء بعض طلبات المنزل الأخرى.
وأثناء سير الأم وابنتها في الشارع لم تتنبه الأم إلى بروز قطعة بلاط صغيرة في الشارع فاصطدمت رجلها بها " فتكعبلت " على الأرض وسقطت على يدها اليمني مما أدي إلى كسر في عظمة الكوع  وبعض الخدوشات الاخرى .
ونقلت الأم إلى المستشفي لعمل " جبيرة " لها.

 وكان هذا الحادث صدمة لهم ، لأنه لم يتوافق مع بركة "حبّة الجنّة"   في الرمانة.
 
 وفي صباح اليوم التالي تلقي الشيخ عبد العليم مكالمة تليفونية من إبن شقيقه الأصغر في مدينة طنطا بمحافظة الغربية ليخبره فيه بوفاة والده ،شقيق الشيخ عبد العليم.
وعليه أن يسافر إلى هناك للقيام بالمشاركة في عمليات دفنه وتلقي العزاء فيه.
                       
 وكان هذا الخبر أيضا صدمة أخرى للعائلة  التي استبشرت خيرا بشراب "حبّة الجنّة" في الرمانة.
 
وسافر الأب للقيام بدوره في مثل هذه الظروف.

 بعد هذين الحدثين المؤلمين، كسر يد الأم.. وموت شقيق الأب ، بدأ الوسواس يسيطر على فكر مصطفي وزينب.
 ماذا ستحمل الأيام القادمة  لهما بعد شرابهما من عصير "حبّة الجنّة" في الرمانة ؟
 وهل ستكون الأحداث سارة على نحو ما حدث مع شيماء التي تلقت خبر نجاحها بتفوق في امتحان الشهادة الأعدادية.
 وأحمد الذي تلقي خبر إختياره في منتخب النادي للمشاركة في مبارة كرة القدم الكبيرة التي سيحضرها المحافظ بين فريق نادي أحمد وفريق النادي الزائر .

 أم سيكون الحدث مأساويا على نحو ما حدث للأم من سقوط على الأرض وكسر في زراعها؟ أم ما تلقاه الأب من صدمة بوفاة شقيقه؟
 وظلت زينب ومصطفي في حالة قلق  لفترة من الوقت ، وهم يدعون الله أن تأتي بركة "حبّة الجنّة" في الرمانة لهما  بمفاجأت سارة.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter