الأقباط متحدون - الإرهاب فلاش باك
أخر تحديث ٠٣:١٤ | الاربعاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٤ | ٨كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤١٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإرهاب فلاش باك

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أحمد لاشين

(1)
يونيو 2001
مجرد مصادفة جمعتني بأحد الشباب المعتقلين في "ليمان طره" ،فبحكم عملي كنت اُكلف أحياناً بأعمال المراقبة على الامتحانات التي تُعقد داخل السجن للمعتقلين الراغبين في استكمال دراستهم الجامعية.الحقيقة أني لا أذكر اسمه، ولكني أتذكر قضيته بوضوح، قضية تبدو متكررة في ذلك العهد.فحسب ما روى لي،بدأ حياته العملية بعد تخرجه من الجامعة عام 1990،،من إحدى جامعات الصعيد ،

بتقدير جيد جداً مرتبة شرف،وكان على وشك التعين كمعيد، وكعادة الأوراق الروتينية في ذلك التوقيت،أن يتم استطلاع رأي الأمن عن المرشح لشغل تلك الوظيفة. وهنا بالذات حدث ما قلب حياته رأساً على عقب،فقد تم استداعاءه من قبل (أمن الدولة) ووجهت إليه تهمة الاتصال مع الجماعة الإسلامية.وحقيقة لم ينكر الشاب أن بعض أقاربه لديهم اتصال بالجماعة،ولكنه برئ مما يفعلون،وبالرغم من ذلك جاء القرار بالاعتقال رهن التحقيق،الذي استمر ما يقارب العشر سنوات،دون أي تهمة توجه له بشكل رسمي.

أتذكر جيداً ما قال له لي وقتها،رغم عدم اهتمامي في حينها،على اعتبار أنها مجرد "فضفضة" قد تخرجنا من قتامة المشهد داخل السجن،لكن القادم من الأيام حولها من مجرد حديث عابر إلى مفتتح لمأساة : " أنا عمري ما كان لي أي انتماء للجماعة،أنا كنت مركز في مذاكرتي وبس،عكس عمي وولاده،لكن بعد دخولي المعتقل،لم أجد سواهم سنداً لي وعوناً،أمام ويلات السجن،فقررت أن أكون أحدهم".

(2)
مارس 2011
خبر على صفحات المصري اليوم، نصه :" 3000«جهادي» يعودون إلى مصر من أفغانستان والشيشان والصومال وإيران".ومفاد الخبر أنه قد تم رفع أسماء العديد من الجهادين والمقيمين في دول راعية للإرهاب ـ والمتهمين بقضايا إرهابية واضحة للعيان مثل قضية اغتيال السادات ومحاولة اغتيال مبارك ـ من قوائم ترقب الوصول،وبالتالي من حقهم العودة لبلادهم كأي مواطن صالح.في عبثية لا تليق بالمشهد المصري آنذاك.

السؤال الفج الذي طرح نفسه،هل فشلت الدولة في السيطرة على الأوضاع بعد ثورة يناير،فقررت أن تهادن الجماعات الإرهابية في الداخل،فتأتي لهم بأعوانهم في الخارج،في محاولة طيبة منها لـ " لم الشمل". مثلاً !!! والسؤال الأكثر وقاحة ،أين ذهب هؤلاء،وما مدى تورطهم في إرهاب اليوم! ، ومن يتحمل تلك الخطيئة .!! ومن علينا أن نحاسب.!

(3)
سبتمبر 2012
محمد مرسي،يفرج عن 27 سجيناً من الجماعة الإسلامية والأخوان، منهم أحد المتهمين في مقتل فرج فودة، وبأمر رئاسي مباشر،والأهم بموافقة الأمن العام. مما يعني أن الدولة في عهد مرسي،لم تملك حق الاعتراض الأمني في ذلك التوقيت على اطلاق سراح جماعة من الإرهابيين. رغم ما أثبتته الأيام من أن مرسي لم يكن يوماً بالرئيس الذي يخشاه أقل مواطن في الشارع المصري،فما بالك بأعتى أجهزة الدولة.!!

(4)
2014
السيسي يطلق يد السلفيين بمختلف تياراتهم الفكرية والسياسية،في الشارع المصري، على رأسهم الكيان الحزبي المشؤوم المسمى "النور" ، الذي كانت قواعده في "رابعة" وقياداته مع السيسي،ليضمن "النور" كافة التوجهات وينتظر المنتصر،مخالفاً بذلك دستور 2013،بعدم قيام الأحزاب على أساس ديني.متناسياً تماماً أن خطيئة مبارك الأصيلة إطلاق يد هؤلاء في مواجهة الإسلام السياسي الأخواني،

فانقلب السحر على الساحر،وتحول السلفيون إلى غول ضخم يصعب السيطرة عليه إلا بتقديم العديد من التنازلات،منها القنوات الفضائية والملايين في عهد مبارك،وقد يكون البرلمان القادم في عهد الرئيس السيسي.فالتطرف لم يكن يوماً وليد اللحظة،وإنما هناك من دعمه ونشره واستقطبه وثبت أصوله في المجتمع المصري.علينا أن نلتفت إلى الأسباب قبل النتائج.

(5)
يونيو 2004
مصادفة أخرى جمعتي بذلك الشاب،في أروقة الجامعة ،بعد خروجه من المعتقل،وهو ينتظر الفرج الذي قد يمنحه له القضاء بالعودة إلى وظيفته الأولى التي حُرم منها منذ البداية.وعلى هذا الأمل اليائس غادرني،ولم أره منذ ذلك الحين.والصدق أقول لكم،أنني لم أتمكن من نسيان نظرة الحنق والغضب التي احتوت المشهد بأكمله وهو ينظر إلى العالم الذي فاته،كقطار لن يعود.

وبعد كل تلك السنوات،وما حملته لنا من أحداث جلل،أحياناً اُطلق لخيالي العنان ،وأتخيل مصير ذلك الشاب ، فهل كان في ميدان 2011؟،هل انتهى به الأمر معتصماً في رابعة العدوية؟، هل قُتل وهو ينفذ عملية إرهابية؟، هل سيقرأ ما أكتب الآن بنفس تلك النظرة الغاضبة التي أورثتها له الأحداث،منتظراً دوره في دم يريقه أو يُراق دمه.وفي النهاية إن حدث ما أخشاه،من سيتحمل وزر كل تلك الدماء.

الحقيقة مهما تعددت الأسئلة ستظل الإجابة واحدة،الكل مدان يا سادة في تعامله مع ملف الإرهاب،منذ عهد مبارك ،مرواً بالمجلس العكسري،وحكم الأخوان الإرهابين ورجلهم مرسي، وصولاً للسيسي،إن لم ينتبه الآن إلى أن تكرار المقدمات سوف ينتهي بنا إلى نفس النتائج،وسوف يجني أولادنا بعد سنوات،ما نجنيه نحن الآن بسبب أخطاء السابقين.فعلى الدولة القديمة والنظام الجديد،أن يعيدا ترتيب الأوراق ،وإلا سنظل في دائرة ملعونة لن تنتهي.

ahmedlashin2000@gmail.com

جريدة البوابة


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع