قصـة: عـادل عطيـة
كل صباح، أراه يحمل كيساً ضخماً، مليئاً بالقمامة، يتركه في أقرب منحنى من منزله.. مع أن صندوق القمامة لا يبتعد كثيراً عن الموضع الذي وضع عليه الكيس!
وكنت أتساءل، وكانت هذه الأسئلة، تعيد ذاتها، كلما رأيته يعيد على الأرض قصة قمامته ذات الأكياس الحمراء الشفافة:
أليس هذا الشخص، متعلماً.. أم أن علم الدراسة بعيد كل البعد عن علم الحياة؟!..
ما الذي يقصده من وراء فعلته هذه.. هل يرى أن القذارة هي حال الحال، مهما كان الاتجاه ميمنة أو ميسرة، وأنه يريد بتصرفه هذا، أن يشير عليها؛ لتوجيه الأنظار؟!..
أم أنه ينتقم من الحكومة؛ لأنها ساعدت على القبح ونشره، ثم هي لا تفعل أي شيء سوى أنها تقوم بجباية رسوم شهرية، يطلق عليها رسوم نظافة؟!..
أم أن النفس من كثرة ما رأت من القبح، أصبح القبح وكأنه شيء لا يُرى؟!..
ذات يوم، قررت التوقف عن التحدث إلى نفسي بالأسئلة؛ لأنني أكتشفت انني أحاول أن أبرر أكثر من أن أحاول البحث عن إجابة!
ولكن ما حدث هذا الصباح، كان أكثر مما يحتمله الصمت، وجعلني أسأل هذا السؤال: من فيهما الزبّال، ومن فيهما النظّاف؟!..
فبينما كان هذا الشخص، يمارس عادته المذمومة، رآه عامل النظافة، فتوجه إليه، وبأدب جم، قال: يمكنك أن تناديني وأنا أصعد إلى منزلك، وآخذ الكيس، بدلاً من أن تلقيه هكذا على الطريق!
فإذا بهذا الشخص، يعنّفه بتعنت وغضب شرير، ويقول:
من أنت أيها الزبّال؛ حتى تكشف لي ما هو الخطأ، وما هو الصواب؟!..
صُدم العامل، وانصرف متفادياً الانحناء لزبالة من نوع آخر، تخرج من فضلات القلب، ويتكلم بها اللسان!...