بقلم - سعيد السني
على وقع تصريحات الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الديار المصرية، التى حذر فيها من أن مرتبة مصر هى الأعلى عربياً فى «الإلحاد» لوجود 866 ملحداً بها..
فإن اللواء جمال محيى، رئيس حى عابدين بالقاهرة، امتطى صهوة جواده على رأس موكب من الشرطة ورجاله، مرتدياً عمامة الحجاج بن يوسف الثقفى، أمير الحجاز والعراق فى نهاية القرن الهجرى الأول (عصر خليفة المسلمين عبدالملك بن مروان)، وبما عُرف عن الحجاج من شدة وقمع غيرةً على دين الله ونصرةً له.. سارع «جمال» بالإغارة على مقهى بوسط البلد «يُقال» إنه يأوى الملحدين، ونجح الرجل فى إغلاق المقهى وتشميعه، وإخماد ثورة هؤلاء الملاحدة عبدة الشيطان، وتطهير البلاد منهم.
يبدو أن رئيس حى عابدين الهُمام أراد أن يدلى بدلوه فى «الحرب على الإرهاب»، بعد أن التقط رسالة مستشار المفتى، أو «نجم» دار الإفتاء، الذى أرجع سبب تزايد الملحدين إلى «الممارسات الإرهابية»، مع أن المجادلات والصراعات «الفكرية» دائرة بمصر حول قضية الإلحاد منذ ثلاثينيات القرن الماضى، ولم يكن هناك إرهاب فى ذلك الوقت، لكن الأمر بالنسبة لـ«نجم» يتعلق بالظهور وركوب موجة «الحرب على الإرهاب».. وعلى دربه سار اللواء رئيس حى عابدين، وما إن انتهى الرجل من مهمته المُقدسة راح يملأ الدنيا ضجيجاً بزهو المنتصر، على الفضائيات وفى الصحف، بأنه تم تحطيم وغلق «قهوة الملحدين» بشارع الفلكى، وذلك لمخالفاتها وتواجد مجموعة من الشباب الملحد بها يقومون بنشر الأفكار الخاطئة عن الأديان السماوية، ومتهماً رواد المقهى بـ«الإلحاد وممارسة شعائر عبدة الشيطان»،
وزاعماً تلقيه بلاغات من أهالى الحى، مع أن القانون الحاكم لنشاط المحال العامة لم ينص على إغلاقها إذا كان روادها من الملحدين، كما لم يشترط أن يكونوا أصحاب ديانة أو ديانات محددة.. ثمة أسئلة عديدة تطرح نفسها بشأن الواقعة: هل رئيس الحى جهة اختصاص وتلقى بلاغات عن الإلحاد والملحدين؟ وكيف يتسنى لرئيس الحى وصف رواد المقهى بالإلحاد؟ وما شأنه بهذه القضية من الأساس؟ وهل تيقن هو بأنهم ملحدون؟ وكيف له بمعرفة شخص ما إن كان ملحداً من عدمه؟ وما هو ذنب صاحب «قهوة الملحدين» إذا كان رواد مقهاه على هذا الحال؟..
فهل أوجب عليه القانون أن يفتش فى ضمائر الرواد والزبائن، أو أن يستنطقهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قبل أن يجلسوا على المقهى؟.. وإذا كان هذا مطلوبا فلماذا لا يُعيِّن رئيس حى عابدين «جماعة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» من الإخوة السلفيين لتقوم بهذه المهمة على مقاهى الحى والمتاجر والشوارع؟
لا يسع المرء إلا التوجه إلى السماء داعياً لرئيس حى عابدين: «اللهم انصر بك الإسلام يا جمال».
نسأل الله السلامة لمصر.
Saidalsonny2@gmail.com