الأقباط متحدون - لماذا تتراجع أعداد الكتب المترجمة إلى الإنجليزية؟
أخر تحديث ١٢:٤٥ | الخميس ٢٥ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٦كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا تتراجع أعداد الكتب المترجمة إلى الإنجليزية؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 تُشكّل الأعمال الأدبية المترجمة من اللغات الأخرى إلى الإنجليزية نسبة محدودة تبلغ اثنين إلى ثلاثة في المئة فقط مما تصدره دور النشر الإنجليزية. فما سبب هذه النسبة القليلة جدا؟ الصحفية هيفزيباه أندرسن في ذلك الأمر.

هذا ما يسمّيه البعض مشكلة الإثنان في المئة، وآخرون يسمّونها مشكلة الثلاثة في المائة. وتعتمد المسألة على الإحصاءات المستخدمة، حيث يوجد مجال واسع للجدال بشأنها. غير أن جميع هذه الإحصاءات هنا تشير إلى أنه لدور النشر باللغة الإنجليزية سجل يرثى له فيما يتعلق بترجمة روايات عظيمة كتبت بلغات مختلفة من بقاع أخرى من العالم.

هناك ما يكفي ليؤكد من خلال قوائم النشر الحديثة لهذا الخريف التي صدرت على جانبي المحيط الأطلسي، أن اثنين أو ثلاثة عناوين مترجمة تكاد تكون قد نجحت وسط العناوين التي تتضمنها هذه القوائم.

قصة الكاتب الياباني الشهير، هاروكي موراكامي، بعنوان "تسوكورو تازاكي الشاحب وسنين رحلته" والتي أوشكت على الصدور حازت اهتمام العديدين. وهي تحكي عن شخص رفضه أصدقاؤه فيعيش وحيداً. أما "ببلشرز ويكلي" فقد أصدرت رواية "مشكلة ثلاثي-الجسم"، التي تحكي مغامرة مستقبلية لكبير كتاب الخيال العلمي الصيني سكسين ليو.

إلا أن ما يوحد تقريباً باقي الكتب الجديدة التي تتزاحم على جذب الاهتمام في هذه الفترة شديدة المنافسة من تاريخ الطباعة والنشر هو أنها لمؤلفين باللغة الإنجليزية. ومنهم على سبيل المثال: هيلري مانتل، إيان ماك إيوان، بيتر كيري، كولم تويبين، مارتن آمس، مارغريت أتوود، سارا واترز، ريتشارد فورد.

إن الأعمال الأدبية – وخاصة الروايات- تفتح لنا نوافذ مهمة عن حياة الآخرين. إنها تعضد من تعاطفنا وتفهمنا للآخرين بطريقة يندر أن يستطيع السفر إلى مكان ما توفيرها لنا. وعدم قيام الناشرين بترجمة واسعة للأعمال الأدبية يمنعنا من الاطلاع على إحدى أهم الروافد الحيوية للقراءة.

قارن نسبة 2-3 في المئة من الناطقين باللغة الإنجليزية بالنسب الموجودة في فرنسا، حيث أن 27 في المئة من الكتب المنشورة هي كتب مترجمة. وإذا ما رأيت أن النسبة مرتفعة، فسوف يهمك أن تعرف أن النسبة في اسبانيا هي 28 في المئة، وفي تركيا 40 في المئة، وفي سلوفينيا هناك نسبة ضخمة تصل إلى 70 في المئة.

من الطبيعي أن يشترك الكُتّاب الذين تصدروا قوائم كتب فصل الخريف في أمر آخر، إضافة إلى اللغة: وهو التفوق. فمع أنهم يكتبون باللغة الإنجليزية، دعونا لا ننسى أنهم ينحدرون من الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأيرلندا، إضافة إلى انجلترا.

وعلاوة على ذلك، ربما يسهل تضخيم مكانتهم مثل أقرانهم في الهند (سلمان رشدي)، وفي جمهورية جنوب افريقيا (ج.م. كوتزي)، وفي نيجيريا (تشيماماندي نغوزي أديتشي). اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في أقطار عديدة، أو قد تمثل اللغة الثانية القوية فيها. وجميع هذه الدول تضم مستويات ثقافية أدبية عالية المستوى، حتى أن الناشرين في لندن ونيويورك يختارون من يريدون على هواهم بالفعل. فلِمَ يبحثون في بقاع أخرى عن أعمال أدبية يُضاف إليها عبء الترجمة؟
برج بابل

يتفق آدم فرويدنهايم، الناشر في دار نشر بوشكين، على أن هناك أسباباً تجعل ناشري الكتب باللغة الإنجليزية يطبعون كتباً مترجمة أقل من أقرانهم عبر المحيطات. إلا أنه يُصرّ على عدم تعادل كفتي الميزان. منذ توليه دار نشر بوشكين في عام 2012، حاول تغيير ذلك.

فبينما يختار ناشرون آخرون مؤلفاً ما لترجمته، آملين في ضربة حظ قد يحققونها، كما في ثلاثية ستيغ لارسن أو رواية "رجل المئة عام الذي هرب من النافذة" لمؤلفه يوناس يوناسن، حيث نجد أن 90 في المئة من عناوين بوشكين قد كُتبت في الأصل بلغات تمتد من العربية إلى الأيسلندية والعبرية واليونانية.

ويعد مكتبهم في لندن عبارة عن برج بابل مصغّر، حيث يتكلمون فيه بطلاقة باللغات الألمانية والفرنسية والإيطالية والروسية. هذا يعني أن العاملين لدى فرويدنهايم لا يقرأون فقط الكتب التي تصدر أصلاً بهذه اللغات، ولكنهم يقرأون أعمالاً أدبية مترجمة إلى الفرنسية من اليابانية أو يقرأون الروايات الهنغارية باللغة الألمانية. إنها نعمة عظيمة تفيد نشاطاتهم الاستطلاعية وهو يقرّ بأنه ليس لدى أغلب الناشرين متخصصين من أمثال هؤلاء ليستزيدوا منهم.

ما يثير الإعجاب أيضا هو تنوع العناوين التي تنشرها دار بوشكين للنشر، والتي تشمل كتباً لقرّاء صغار ما بين عمر 8 إلى 12 عاماً، إضافة إلى كتب وروايات كلاسيكية ومعاصرة. من بين محرري الأعمال الأدبية وحتى الناشرين، يعتقد فرويدنهايم أن الأدب المترجم أصبح مرتبطاً نوعاً ما بالأعمال الجدية.

يسهل معرفة السبب – يكفي أن تلقي نظرة على العمل الملحمي لكارل أوفِ كناوسغارد، وهي سلسلة روايات من ستة مجلدات عن سيرته الذاتية، "كفاحي".. أو بعض أعمال من حازوا مؤخراً على جوائز نوبل. إذا كان المؤلف أجنبياً، يزداد الميل لافتراض أن عمله إما أن يكون عملا أدبيا مهما، أو أنه يدور حول قضية قتل في مضايق بحرية.

فقط المطابع المستقلة الجريئة هي التي تبحث مجدداً عن أعمال أدبية بلغات أجنبية. وتعرضت شركة "أمازون" لحرج في الأوساط الأدبية في الآونة الأخيرة، مما دفعها إلى إصدار لائحة بنشاطاتها المترجمة لعام 2010.

ومنذ ذلك الوقت، نشرت شركة "أمازون-كروسينغ" 129 عنواناً كاملاً مترجماً إلى الإنجليزية من 14 لغة بما فيها اللغة البرتغالية للبرازيل، والصينية. وفي أوائل هذا الصيف، وجدت النمساوية غابي كرالنر، مؤلفة رواية الجريمة "فتاة المطر" أنه تم تصنيفها ضمن قائمة أكثر عشرة كتب مبيعاً على موقع "كيندل".

ومثلما يلاحظ فرويدنهايم، فإن القُرّاء لا ينظرون إلى الكتب المترجمة بشكل مختلف عن أية عناوين باللغة الإنجليزية. وتتفق مع هذا القول سارا جين غونتر، الناشرة في أمازون-كروسينغ، وتقول: "يحب الزبائن الروايات الجيدة".
تجارب مستقلة

في المملكة المتحدة، ظلت جائزة "الإندبندنت" للأعمال الأدبية الأجنبية تدعم الأعمال المترجمة أكثر من 20 سنة مضت، (وأفشي سرا هنا: كنت أحد المحكمين فيها قبل بضع سنوات). ومع وجود معارضة دائمة لها، فإن أفلاماً سينمائية مثل "الفتاة ذات وشم التنين" إلى جانب أفلام تلفزيونية ناجحة مثل فيلم "عملية قتل" قد ساعدت في مواجهة مثل هذه المعارضة.

يرى البروفيسور إدوين جينتزلر، مدير مركز الترجمة في جامعة ماساتشوستس في أمهيرست، أنه يرى أسباباً كافية للتفاؤل بخصوص ازدهار الترجمة في البلدان الناطقة بالإنجليزية، بالرغم من إحصائيات الإدانة تلك.

يطبع الناشرون باللغة الإنجليزية بمجموعهم الكثير من الكتب، لذا فان نسبة الثلاثة في المئة تساوي رقماً ضخماً – أكبر بكثير من نسبة 70 في المئة في سلوفينيا، حسب قوله. أضف إلى ذلك أن الإحصاءات غالباً ما تغفل مطابع مستقلة صغيرة مثل "دالكي أركايف" و "أوبن لتر"، هذا بخلاف مطابع متخصصة مثل مطبعة ’ميج‘ الأمريكية التي تنشر حصرياً أعمالاً مترجمة من اللغة الفارسية.

ثم هناك وفرة من المجلات الصغيرة – أدبية ومحلية وأخرى غير رسمية- التي تنشر الشعر والقصص القصيرة ومقتطفات مترجمة. ومن أسباب التفاؤل الأخرى، يضيف جينتزلر، ما يصدر عن دار نشر الجامعة (ضمن قائمة "نشرة ماساشوستس"، حيث تصل أعمال الترجمة إلى 30 في المئة.) وما تنشره مواقع الإنترنت. أعطيكم مثالاً واحداً، فقد قامت مجلة "كلمات بلا حدود" العالمية بترجمة أكثر من ألف عيّنة إلى اللغة الانجليزية من أكثر من 80 لغة.

في هذه الأثناء، بدأ بعض المؤلفين الأجانب بالفعل الكتابة باللغة الإنجليزية. أحد الأمثلة على ذلك هو الكاتب الصيني ها جن، وروايته القادمة "خارطة الخيانة" قد ظهرت فعلاً على موقع "هفنغتون بوست" من بين مجموعة "أفضل الأعمال في" لأعمال الأشهر القادمة.

سيكون مؤكداً وجود مؤلف آخر ضمن تلك اللوائح، حيث أنه يستعد لإطلاق رواية جديدة له هو أورهان باموك. إنه يكتب باللغة التركية مع أنه يتهم بالكتابة لغرض الترجمة. الجدير بالملاحظة أن موراكامي يكتب باليابانية لكنه متيّم جوهرياً بالمؤلفين الأمريكيين إلى حد أنه ترجم بنفسه أعمال ريموند كارفر إلى اليابانية.

في عالم تزداد فيه العولمة، يصبح التواصل والتداخل الثقافي أمراً محتوماً، ليس ذلك فقط، بل يمكنه أن ينبض بالإثارة أيضاً. فوق ذلك، يجب علينا أن نحذر كي نحافظ على التنوع والأصالة اللاذعة التي تتناولها الأعمال الأدبية الخيالية.

في النهاية، يعود الفضل إلى الأعمال الأدبية المترجمة في أننا، نحن قراء اللغة الإنجليزية، تمكنا من قراءة العديد من الروائع الأدبية التراثية والحديثة التي أثرت معارفنا وخيالنا.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter