يبدو أن مقابلات التوظيف قد سلكت نفس طريق السير الذاتية الورقية: فهي لا زالت باقية، لكنها نادراً ما تُطلب. ومع ذلك، يبدو أن مقابلات العمل لا تزال وسيلة ممتازة للتواصل، وللحصول على وظيفة أيضا.
في كلية الأعمال التابعة لجامعة "إتش إي سي مونتريال" بكندا، يحضر كل سنة ما بين 1200 إلى 1500 طالب ورشة عمل تعرف باسم "البحث الاستراتيجي عن العمل". ويُعطى كل منهم كراساً من خمس صفحات بعنوان "دليل مقابلات التوظيف المعلوماتية"، والذي يحدد كيفية الحصول على فرصة المقابلة، وما ينبغي أن يقال خلالها.
كتب بيير فرانك، مدير خدمات إدارة الحياة الوظيفية في إتش إي سي مونتريال، في رسالة إلكترونية: "نميل إلى تشجيع طلابنا على استخدام مقابلات التوظيف ليس فقط كاستراتيجية للبحث عن وظيفة في مجال العمل، ولكن أيضاً من أجل الحصول على فهم أفضل لتلك الوظائف. عندما يتم الاتصال بهم بنحو لائق، فإن أكثر الناس لا يزالون يستجيبون بشكل إيجابي."
ينطبق هذا الأمر بشكل خاص إذا ما أردت الاتصال بخريجي جامعتك. ويقول غلين لومايستر، المدير التنفيذي ومؤسس شركة "كوتش-ماركت" في نيويورك في رسالته الإلكترونية: "يميل الناس بشكل أكثر للقيام بذلك، لأنه يجعلهم يحسون وكأنهم يردّون ديناً ما." ومع ذلك، فإن ذوي الخبرة من الباحثين عن عمل هم الذين غالباً ما يحتاجون إلى مساعدة أكبر لأن الوظائف العليا هي أصعب توفراً ومنالاً."
الطريقة الصحيحة
كتبت سالي ووكر التي تقيم في بريطانيا، وهي مدربة في شركة "إس دبليو" للتدريب في مجال الوظائف في رسالة إلكترونية: "كمدربة في مجال العمل، أحاول أن أشجع جميع عملائي على إنجاز أكبر عدد ممكن من المقابلات حتى ينالوا الاهتمام الذي يستحقونه." ويطلق على مقابلات التوظيف في بريطانيا تسمية أجدر بها، وهي اجتماعات جمع المعلومات، بحسب ووكر.
إنها غالباً ما تُجرى في مقاهي على شكل لقاءات غير رسمية مع أناس تعرفهم بشكل غير مباشر: مثل تلك التي تجري من خلال علاقات من الدرجة الثانية على موقع التواصل الاجتماعي ’لينكد-إن‘.
وتقول ووكر: "توفر هذه (اللقاءات) معلومات وفيرة عن القيم، وبيئة العمل لشركة أو مؤسسة ما. إنها معلومات خاصة لا يتمكن المرشح لوظيفة في شركة أن يجدها على المواقع الإلكترونية أو في تصريح رسمي صادر من الشركة. لكنها توفر لهم إحساساً أكثر مصداقية عما سيكون عليه الحال إذا ما عملوا فيها."
تشجع ووكر الناس على كتابة قائمة بأربع أو خمس أسئلة ليوجهوها في هذه اللقاءات. ينبغي للاسئلة أن "تبيّن روح المبادرة لديهم وأنهم تواقون لمثل هذا اللقاء." على سبيل المثال: ما هي التحديات التي ستواجهها الشركة في العام القادم؟ كيف يبدو اليوم العادي في الشركة؟ ما يحبه ويكرهه العاملون في الشركة؟ بأي اتجاه ستسير الأمور بالنسبة للمرشح للوظيفة؟
وتضيف: "إنها أسئلة على مستوى فردي إضافة إلى أنها على مستوى المؤسسة أو الشركة."
ما السبيل للحصول على وظيفة؟
بحسب ووكر، ما لم ترسل الشركة اسم شخص ما للاتصال به أو رقم هاتف أو رسالة إلكترونية تصف الوظيفة المعلنة أو استمارة طلب الوظيفة، فإن الفرصة في الحصول على مقابلة التوظيف تصبح نادرة، كمعيار قياسي. وإذا ما قامت بذلك وعرضت أيّاً من هذه الأمور، فذلك يعني أنها جزء من عملية التوظيف و "ستكسب نقاطاً إذا ما استجبت، وستخسر نقاطاً إذا لم تفعل."
إذا لم تتخذ الشركة خطوة في إطار عملية التوظيف، فإن ووكر تشجعنا للبحث عن شخص ما في الشركة يمكننا التحدث معه للإفادة. لكن عليك أن تكون أكثر نشاطا، فإذا كانت سمعتك قوية بما فيه الكفاية، فإن أي شخص تربطك به علاقة من الدرجة الأولى أو الثانية في ذلك المكان سيلتقي بك، حسبما تقول.
ربما سيلتقون بك أيضاً إذا ما كانت لديك علاقات من نوع آخر، مثل أصدقاء المدرسة والجامعة، أو أصدقاء وهوايات مشتركة.
صعوبات
ولأن الخطوات التي كانت في يوم ما رسمية في عملية التوظيف قد أصبحت الآن أكثر ندرة، فالأمر يعود لك كي تقوم بأعمالك التحضيرية الشاقة في حالات عديدة.
وتقول ووكر: "في السنين الأخيرة، ومع تقليص العمالة في العديد من الشركات الكبرى والنقص في المديرين الوسطيين – نأهيك عن الضغوط المفروضة على أوقاتنا جميعاً- أصبح الأمر أقل شيوعاً تدريجياً."
إذا لم يحالفك الحظ لترتيب مقابلة مع إدارة الشركة مباشرة، فإن لومايستر – من شركة "كوتش-ماركت" -يوصي بالتحدث إلى أحد المدربين المختصين في مجال التوظيف، خاصة إذا ما كنت وظيفتك بمستوى رفيع.
فلهؤلاء "مستوى أعمق من الفهم والمعرفة عن الشركة ومجالات العمل، وحتى في بعض الحالات الدور المحدد الذي يمكنك التقديم له،" كما يقول لومايستر.
نعم، سيكلّفك الأمر بعض المال لتحصل أحياناً على المشورة من مدرب – ومعظمهم يطلب أجراً لقاء أتعابه بالساعة، ما بين 150 إلى 500 دولاراً أمريكياً، حسب لومايستر- إلا أنها في الظروف المناسبة قد يستحق الأمر ذلك.
ويروي أن أحد زبائنه الجدد أخبره أنه مستعد للدفع كي يحصل على مشورة هادفة، محددة، ورفيعة المستوى تخص حياته الوظيفية بدلاً من قضاء ستة أسابيع وهو يحاول ترتيب غداء عمل.
ليست مقابلة عمل
اذا ما ضمنت مقابلة عمل، فلا تتوقع أنه سيكون لدى الشخص الذي سيقابلك وقت طويل، حسبما كتبت جين ماتسن، كبيرة نواب رئيس شركة "كيستون أسّوشيتس" (مقرها بوستن وتختص بالاستشارات الإدارية المهنية). إجعل المقابلة قصيرة، احترم وقت الشخص الذي أمامك، وكن واضحاً بشأن تريد منه أن يفعل لمساعدتك – ولا تسأله عن وظيفة.
تقول ماتسن: "الغرض من مقابلات التوظيف هو توجيه الأسئلة للحصول على المعلومات. فاسأل (قبلها) عن المشورة والأشخاص الذين قد يفيدونك بشأن هؤلاء (أصحاب العمل) الذين قد يهتمون بخلفيتك الوظيفية في سوق العمل."
ورغم أنه ليس لقاء عمل، عليك أن تتهيأ له جيدا. وتقول ماتسن: "يحتاج كل باحث عن عمل لإعلان مدروس للترويج عن نفسه، نصف دقيقة تبيّن من تكون، وما قمتَ به، وما تريد أن تقوم به كخطوة تالية، وكيف يمكن للآخرين أن يساعدوك."
وعندما تحصل على تلك الفرصة، ابدأ بالناس الذين تعرفهم، مثل مديرك السابق أو صديق أو زميل قديم. وتضيف: " كل لقاء سيزيدك معرفة عما يناسب مهاراتك وخبراتك على أفضل وجه، وحول النوع المناسب من الشركات."
وجهاً لوجه
كلما زادت لقاءاتك مع الأشخاص، كان ذلك أفضل.
ترأس آربيتا سنغ قسم برامج الإرشاد في شركة فاهورا، وهي من الشركات الهندية الرائدة في مجال أبحاث الحكم والقانون، وقد كتبت في رسالتها: "يوفر اللقاء مع شخص ما فهما ومنظوراً أعمق حول مهام ودور الوظيفة المعروضة. وقد تكتشف أحياناً مساراً جديداً لحياتك الوظيفية عبر اللقاء مع الأشخاص وجهاً لوجه."
كما يمكن لمقابلات التوظيف أن توفر للخريجين الجدد فرصة للتدرب تفيدهم عند حضور مقابلات لاحقة.
تقول سنغ عن مقابلات التوظيف: "إنها تمكّنك من توسيع شبكة علاقاتك المهنية، وتحديد توقعاتك، وتهيئتك لمقابلة واقعية. إن نتائج وردود الفعل الناتجة عن مثل هذه اللقاءات والجلسات ستساعدك لتصبح أكثر احترافاً."