![اللواء محمد رشاد اللواء محمد رشاد](uploads/2125/51_20141226155024.jpg)
اللواء محمد رشاد
أكد اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، أن إسرائيل تساند الجماعات الإرهابية في سيناء عن طريق إمدادها بالأموال والأسلحة والمعلومات، مشيرا إلى أهمية تطوير الجانب المصري من أساليبه في مراقبة الحدود مع إسرائيل لرصد عمليات التسلل وتهريب المخدرات.
وأوضح رشاد في حواره مع "الوطن" أن الموساد الإسرائيلي يضع مصر على رأس قائمة أولوياته، نظرا إلى اختلاف المصالح معها وهي المستفيد الوحيد من استنزاف القوات المسلحة المصرية، متحدثا عن خطر الجماعات الإرهابية في ليبيا على العمق المصري.
وكشف اللواء رشاد لـ"الوطن" عن أصعب عملية تجسس قابلته خلال مشواره المخابراتي ألا وهي قضية الجاسوسة "هبة سليم" التي بكت عليها رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، حزنًا على مصيرها التي وصفتها بأنها قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل.
الموساد جند الكثير من الشباب المصري بعد أن جعلهم يتوهموا بأن إسرائيل تعرف كل شيء
ما هو الدور الإسرائيلي في تزايد نشاط الجماعات الإرهابية في سيناء؟
إسرائيل تقوم بهذا الدور مع الجماعات الإرهابية القريبة من الحدود ومن المتوقع أن تقوم بتبليغهم بأوقات العمليات المصرية قبل قيام الجيش المصري بها ضدهم، حيث إنهم بعد انتهاء العمليات الجوية في سيناء ينتشر عناصر الجماعات الإرهابية مرة أخرى، و لا استبعد أن تكون إسرائيل هي الممول الرئيسي لتلك الجماعات بالأسلحة والذخيرة، حيث أن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من استنزاف القوات المسلحة المصرية في سيناء.
وتابع: "إسرائيل تأوى الجماعات الإرهابية القريبة من الحدود وبالتالي هذا يحجم ذلك النوع من الهجمات عليها من داخل سيناء، ولابد أن نكون حريصين في مجال تطوير أساليب مراقبة الحدود بيننا وبينهم بالقدر الكافي سواء كان عن طريق كاميرات المراقبة بعيدة المدى أو المناطيد، ليتم تحجيم هذا النشاط الإسرائيلي على الحدود مع سيناء ومن جانب آخر رصد عمليات تهريب المخدرات والسلاح من قبل عصابات التهريب الحدودية".
كيف تتعامل المخابرات المصرية مع الملف الإسرائيلي؟
يتم النظر لهذا الملف بعين استراتيجية بحتة بصرف النظر عما يحدث، فهناك اختلاف في المصالح بين مصر وإسرائيل، فالثانية ما هي إلا كيان صهيوني يمثل أحلام الصهيونية العالمية في منطقة الشرق الأوسط، وهي قائمة على التوسع ولا تعتبر حدودها المتواجدة حاليا هي الحدود النهائية لدولتها، وهي تهدف بخطة بعيدة المدى للتوسع في الأراضى الفلسطينية كاملة، وهذا ما أكده تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون بأنه لا توجد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وأقصى ما يمكن للفلسطينيين عمله هو الحكم الذاتي، وبالتالي لا حل لإقامة دولة فلسطينية بهذا الشكل، والآن لا يوجد تصنيفات للإسرائيليين فلا يوجد يمين أو يسار أو متشددين فجميع المستوطنين يتخذون عنصر الأمن ذريعة لوجودهم في الأراضى المحتلة.
كيف كان النشاط الإسرائيلي بعد فترة 1967 داخل مصر؟
دولاب التجسس في المخابرات المصرية قائم كل يوم مثل "الطعام والشراب" ومصر تظل حتى الآن على رأس قائمة اهتمامات الجانب الإسرائيلي، ويتم متابعة كل حركة في الشارع المصري حتى الوفيات التي يتم تجميعها والاستفادة منها في عملية تجنيد العملاء، وبعد عام 1967 جُند الكثير من الشباب المصري لأنهم توهموا بأن إسرائيل تعرف كل شئ يدور في مصر، حيث كان الموساد الإسرائيلي يعرض معلومات على العملاء تضم أسماء الأقارب والنشاطات التي يقوم بها ولكنها بالنسبة للعميل كانت تعد معلومات هامة للغاية في وجهة نظره.
الحدود الليبية مع مصر أصبحت مرشحة بقوة لدفع الإرهاب للمنطقة الغربية
ما هي أصعب قضية واجهتها خلال فترة عملك في المخابرات؟
قضية الجاسوسة هبة سليم والتي تم معالجتها دراميا فيما بعد في فيلم "الصعود إلى الهاوية" لأنها كانت قضية غير واضحة المعالم وأطرافها كانت غير معروفة، وبدأت إسرائيل تحصل على المعلومات، بالرغم من أنها تندرج تحت بند "سري للغاية" وحينما توصلنا للطرف الذي يرسل المعلومات اعترف بأن هبة سليم هي التي تستقبل تلك المعلومات.
من جند هبة سليم؟
كانت هبة سليم نتاج لفرز المخابرات الإسرائيلية عن طريق رئيس قسم الأدب الفرنسي بجامعة عين شمس، وكان أستاذ زائر من جامعة السوربون وقد اختارها ورشحها لبعثة في العام ذاته ليتم تجنيدها في باريس.
ما هو تقييمك لعملية تجنيد هبة سليم من قبل الموساد؟
هبة سليم كانت في مجال التجنيد الحقيقي لا تساوي شيئا، حيث إن التجنيد مرتبط بهدف والهدف يرتبط بمعلومة، ولكن قيمتها كانت تكمن في تجنيدها لأحد ضباط القوات المسلحة وكان ذلك سر اهتمام المخابرات الإسرائيلية بهبة سليم، التي تعد قضيتها من أخطر القضايا التجسسية في تاريخ المخابرات المصرية، وإذا تم الاستمرار في تداولها للمعلومات مع ذلك الضابط كانت مصر ستعاني كثيرا في طريقها لحرب أكتوبر 1973.
كيف ترى الوضع السوري في الوقت الحالي؟
النظام السوري لن يسقط لأن الغالبية تقدر الأوضاع فيها خطأ والحل الوحيد للأزمة هو حوار بين جميع الأطراف، وبعد انتهاء مؤتمرات جينيف بشأن الملف النووي الإيراني سيكون الحل طبقا لوجهة النظر الإيرانية.
إلى أي مدى يمثل الإرهاب في ليبيا خطرا على مصر؟
الصراع يتمثل بين جيش الكرامة الذي يتبناه البرلمان الليبي والجماعات الإسلامية المتطرفة وسيكون صراعا مستمرا لأن ليبيا تتميز بمساحتها الواسعة، واعتقد أن ليبيا أصبحت أفضل مكان يأوي تلك الجماعات المتطرفة، وبالنسبة للحدود مع مصر فقد أصبحت مرشحة بقوة لدفع الإرهاب من الداخل الليبي إلى المنطقة الغربية لمصر.
ما هو تحليلك لقضية تخابر الرئيس المعزول محمد مرسي؟
أي ورقة تحتوي على معلومة تخرج من دولة إلى دولة أخرى يتم تداولها بين أيدي العديد من العناصر حسب المصالح وتتحرك المعلومات بطريقة تحقق له مكسب معين، وبالتالي موضوع تسرب مستندات من مصر إلى دول أخرى أثناء حكم مرسي كان من تخطيط التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي تفرض له الجماعة هنا الولاء وليس لمصر، والإخوان هم جزء من مشروع الإسلام السياسي في الشرق الأوسط الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء الخلافة الإسلامية ويكون موازيا للمشروع الصهيوني في المنطقة.
وتابع: القضاء هو المتصرف الوحيد وأركان القضية ثابتة والدلائل على تخابر مرسي موجودة وليس هناك إدعاء من قبل المخابرات على مرسي.
هل ترى أن تركيا وقطر تراجعتا في الدفاع عن المعزول خلال الفترة الأخيرة؟
كل دولة لها مصلحة وتركيا وقطر لا تتوقف مصلحتهما على إعدام مرسي أو غيره، فالأولى شريكة في مشروع الخلافة الإسلامية وتحلم بأن تأخذ دعما على المستوى الإقليمي يدعم موقفها في مباحثاتها مع الاتحاد الأوروبي، ولكن ثورة 30 يونيو حطمت حلم الخلافة لدى تركيا والعودة لحقبة الخلافة العثمانية واندثر دورها في المنطقة مع زوال حكم الإخوان.
التنظيم الدولي للإخوان هو من خطط لتسريب الوثائق المصرية في عهد مرسي
لماذا تقوم قطر بمعاداة بعض العرب بهذا الشكل؟
قطر تمثل ذراع المخابرات الأمريكية في المنطقة ولا يوجد قرار قطري حر وكل ما يحدث ما هو إلا تعليمات تصدر من الولايات المتحدة تقوم بتنفيذها، وقطر تريد أن تشرف على قضايا بعينها لكي تكون متحكمة فيها، وعلى الرغم من أنها دولة صغيرة إلا أنها تقيم علاقات دولية وتمول مشاريع في بلدان أخرى.
ما رأيك في كثرة الخبراء الإستراتيجيين في وسائل الإعلام؟
التحليل السياسي له قاعدة واحدة وهو التعامل مع الواقع ويحلله وصولا إلى نتيجة وتوصية أو تنبؤ، ويجب أن يتعامل كل محلل إسترتيجي بتاريخه ويكون دارسا، ويكون لديه رصيد من المعلومات حتى يتحدث عن القضايا الإستراتيجية، ولابد أن يكون ضابط معلومات عايش خلال فترة عمله جميع الأحداث وبحث فيها جيدا، وليس كل من خرج على المعاش يصبح محللا إستراتيجيا، وهناك العديد من القنوات الفضائية تساعد على ذلك من خلال التعامل مع الأشخاص الذين يدعون أنهم "خبراء إستراتيجيين".