الأقباط متحدون - مسئولية الخبر بين الصحافة والرئاسة...
أخر تحديث ٠٩:٤٣ | الأحد ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٩كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مسئولية الخبر بين الصحافة والرئاسة...

بقلم منير بشاى - لوس انجلوس
    الخبر الذى انتشر فى مصر انتشار النار فى الهشيم يقول ان الرئيس عبد الفتاح السيسىى قد لا يرشح نفسه لفترة رئاسية ثانية، بل قد لا يكمل فترة ولايته الاولى.  جاء الخبر على لسان الاعلامى احمد موسى، الذى قال ان الخبر مصدره الرئيس السيسى نفسه، مشيرا الى انه على اتصال دائم به "الرئيس بيتكلم معايا وبلغنى انه مش هيكمل فترة حكمه".

    اذا كان الخبر صحيحا فانه يعبر عن مستوى ضحل من المهنية الصحفية تتحمل مؤسسة الصحافة مسئوليته، كما أنه يعكس غياب الحنكة السياسية التى تتحمل مسئوليتها مؤسسة الرئاسة.  خبر مثل هذا ما كان ينبغى ان يعلن، وان أعلن، فلا يجب ان يعلن بهذه الطريقة.

    ويبدو لى ان الاعلامى احمد موسى حديث الخبرة فى مهنته، ولا يعرف حدود دوره. ويبدو انه لا يستطيع ان يضبط نفسه عندما يجد نفسه فى موقف من يختار بين المكسب الشخصى الذى يخدم طموحاته وبين تغليب الواجب الوطنى الذى يراعى مصلحة الوطن.

    الخبر غامض ولا نعلم اشياء كثيرة تتعلق به.  هل للخبر ذيول لم يتم الاعلان عنها؟ هل هناك تفاصيل مكملة للخبر لا نعرفها؟  مما اعلن نعرف انه فى زيارة الرئيس للصين طلب المسئولون الصينيون من الرئيس السيسى ان ينشىء حزبا سياسيا يمثله ويكون نقطة تواصل بينهم وبينه.  ويقول الخبر ان الرئيس السيسى اجابهم ان هذا الامر غير مطروح على مائدته، وان ما يشغل ذهنه الآن هو رأب الصدع وانهاء حالة الانقسام التى تعانيها مصر.  فكيف دخل فى الموضوع الجزء الخاص بانهاء الرئيس لفترة ولايته قبل ان يضع البلاد على طريق الاستقرار؟  هل هذا الصدع من الخطورة بحيث يكون هو السبب وراء تفكير الرئيس الانسحاب المبكر من منصبه؟

    ولا ادرى ان كان الرئيس السيسى قد شارك موسى شخصيا فى هذه الأمور التى تشغل ذهنه ام انه تكلم عنها بصفة جماعية مع فريق الصحفيين المرافقين له.  أم ان موسى سمع هذا الكلام عن مصدر آخر وقدمه لنا بطريقة مخالفة.  ولكن يبدو ان موسى قد وجدها فرصة لا تقاوم ان يتباهى بان رئيس الجمهورية يتكلم معه ويبوح له بالمشاكل التى لا يعرفها احد فى مصر.  من هذه الامور قناعة الرئيس ان علاج حالة الانقسام فى مصر اهم عنده من ان ينشىء حزبا سياسيا، بل ان حالة الانقسام هذه تبدو من الخطورة بحيث انها قادته للتفكير جديا فى انهاء فترة ولايته قبل موعدها.

    شخصيا لا اعلم على وجه التأكيد ما اذا كان موسى له مع الرئيس السيسى هذه العلاقة الشخصية التى تجعل الرئيس يبيح له باسراره وحده دون سواه.  ولكن الذى اعلمه انه اذا كان للرئيس فعلا هذه العلاقة مع موسى فان موسى لا يستحقها.  الشخص الذى يحظى بصداقة رئيس الجمهورية بحيث يبوح له بقراراته الخطيرة ينبغى ان يتوافر فيه تقديره للمسئولية ازاء ما يعرف من معلومات فلا يبوح بها لأحد الا اذا طلب منه الرئيس ذلك.  كما انه يجب ان يعرف كيف يزن الكلمات التى ينطق بها بحيث لا تزيد الصدع الموجود فى الدولة وتسبب الصداع لنفس الرجل الذى وثق فيه واعطاه اسراره.

    أما بالنسبة للرئيس السيسى فلعل انتشار هذا الخبر على اليوتوب وصفحات الجرائد والفيسبوك يعطيه تحذيرا فى كيف ومع من يمكنه ان يبوح بما يجول فى خاطره.  هناك امور تتناول القرارات المصيرية لا يجب ان تعلن للجماهير قبل وقتها ويتحتم ان يحتفظ بها الرئيس لنفسه او يناقشها مع ثقاة المستشارين مع التوضيح ان يعاملوها على انها سرية للغاية.  الكلام مع الصحفيين يجب ان يكون بحرص شديد حتى وان كان على سبيل الدعابة.  فالصحافة مهنة يتسابق ويتقاتل فيها افرادها على الخبر.  والحصول على السبق الصحفى يجعل الصحفى يعمل المستحيل بما فى ذلك بيع ضميره ان كان عنده ضمير أصلا.  بعض الصحفيين لا يراعون اصول واخلاقيات المهنة ولا يجدون مانعا من نشر ما لا يجب نشره بل والبعض لا يجد مانعا من اضافة تفاصيل من عندهم لجعل الخبر اكثر اثارة.

    هذا الخبر الذى نحن بصدده يمكن ان تصبح له نتائجه الخطيرة على مجريات الأمور فى مصر فى هذه المرحلة المصيرية.  وهو قد يرسل رسائل تؤثر سلبا على قيام مصر من حالتها لتسترد عافيتها وقد يتسبب فى انتكاسة جديدة يصعب علاجها.

1-    هذا الخبر قد يعطى الارهابيين الأمل فى ان مجهوداتهم فى عرقلة مسيرة مصر تحقق النجاح وقد تدفعهم الى زيادة عملياتهم اعتقادا انهم قادرون على استعادة حكم مصر مرة اخرى.  وبذلك تضيع ثمار الثورة، ويذهب كل ما تم تقديمه من تضحيات أدراج الرياح.

2-    وهذا الخبر قد يعطى المستثمر الاجنبى الاحساس بالقلق ازاء الاستثمار فى مصر.  وقد يدفعهم الى الانتظار حتى تنجلى الامور وتستقر الأحوال.

3-    وهذا الخبر قد يعطى الدول الاجنبية الاحساس بالخوف على رعاياها وتوجيه تحذيرات لهم بعدم زيارة مصر او الابتعاد عن مناطق بالذات.  وهذا من شأنه ان يحطم السياحة اكثر مما هى عليه الآن والتى هى مصدر هام للعمالة والدخل القومى فى مصر وتنشيط قطاعات أخرى بأكملها تعتمد على السياحة مثل الفنادق والانتقالات والمطاعم وغيرها.

4-    وهذا الخبر قد يؤثر على أسواق المال والأعمال ويلعب فى مؤشرات البورصة ويسبب هزات محلية وعالمية تضر بأوضاع البلاد الاقتصادية.

5-    وهذا الخبر قد يحفز الدول الاجنبية للتدخل فى الشأن المصرى رعاية لمصالحها وبما قد يضر بمصالح مصر.

    ما ذكره احمد موسى يفتقر الى أ بسط قواعد المهنية الصحفية.  وحتى مع افتراض ان ما قاله صادقا، فيجب مساءلته مهنيا على سوء تقديره فى ترديد ما كان يجب ان يحتفظ به لنفسه.  اما اذا كان الخبر مختلقا لغرض احراز سبق صحفى فان الأمر يصبح جريمة فى حق الوطن يجب ان لا تمر دون مساءلة قانونية.

Mounir.bishay@sbcglobal.net


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter