أحد أصدقائى من رجال القضاء زارنى منتصف أكتوبر يودعنى لأنه سافر إلى قطر فى إعارة، هو واثنان من زملائه، وكان قد فاتحنى قبلها بشهر أنه معروض عليه السفر مستشاراً لمسؤول كبير هناك، وسافر الصديق وبالتأكيد نال موافقة الجهات المسؤولة هنا، ولم يكن وحده، بل هناك آخرون عرض عليهم العمل فى قطر أو السفر إليها، وأظن أن عدداً من القطريين - مواطنين - لم يتوقف ترددهم على القاهرة يوماً، والمؤكد أن السفارة المصرية فى قطر لم تغلق أبوابها يوماً وكذلك الحال بالنسبة للسفارة القطرية فى القاهرة.
الواضح أنه كان هناك حرص على ألا تمس العلاقة الحيوية بين البلدين، وأنا أتابع بين حين وآخر قناة قطر، التليفزيون الرسمى، هناك، وهو دائم عرض الأفلام والمسلسلات المصرية، وفيه حديث جيد عن مصر.
لكن الأمر المؤكد أن الحملة الإعلامية التى شنتها الجزيرة مباشر، أغضبت كثيراً من المصريين، ومن حسن الحظ أنها افتقدت مصداقيتها بسرعة شديدة، وتحولت إلى ما سبق أن وصفتها به: قناة للتدليس الإعلامى، وفى الشهور الأخيرة كان عار هذه القناة يذهب إلى القائمين عليها والعاملين بها، ولم تكن مصدر خطر أو قلق للمصريين، بل تحولت إلى موضوع للتهكم وللتندر، فضلاً عن «مقالب» بعض المواطنين المصريين الذين كانوا يتصلون بالمذيعين بها ويوجهون إليهم إهانات لاذعة، ولذا فإنها لم تكن تشكل خطراً على المصريين، بل خطرها كان على من مولها ومن عمل بها.
المشكلة الحقيقية مع قطر تتمثل فى عدة أمور.. الأول أنها صارت جزءاً من المشروع الصهيو أمريكى الذى يخيم على المنطقة.
والثانى: أن قطر بحكم ارتباطها بهذا المشروع ارتكبت جرائم فى حق ليبيا، وهى البلد المجاور لنا غرباً.
أما الثالث: هو ضخامة المال السياسى الذى يتدفق من قطر على بعض الجماعات والجمعيات السلفية وغيرها فى مصر، يحدث هذا منذ سنة ٢٠١١، وصحيح أن الحكومة القطرية قد لا تكون متورطة بشكل مباشر، وأن بعض الجمعيات تفعل ذلك، لكن تستطيع الحكومة القطرية أن توقف هذا لو أرادت.
ما تقوم به قطر فى ليبيا شأن يخص ليبيا وجيرانها، وفى المقدمة منها مصر، ولو أن جامعة الدول العربية فى عنفوانها لما حدث ذلك، لكن الجامعة هى التى أعطت التصريح للناتو بدخول ليبيا، فكان ما كان ولو كانت مصر تمارس دورها لما وصلنا إلى ما نحن فيه، والحق أن مجلس التعاون الخليجى بقيادة المملكة العربية السعودية والملك عبدالله بن عبدالعزيز يحاول تهذيب الدولة القطرية وتأديبها، وهذا أمر محمود لمجلس التعاون وللمملكة، ويحمد لقطر أنها تستجيب وتتهذب، لكن الأهم من التهذيب هو أن يوضع حد لما تقوم به قطر فى ليبيا وأن يتم وضع حد للمال السياسى الذى يتدفق من هناك، والحق أن المصالحة يجب أن تكون بين قطر وليبيا وليس بين قطر ومصر.
فى زمن الملك فيصل بن عبدالعزيز احتضنت المملكة عدداً غير قليل من الإخوان، وفرت لهم فرص العمل، وأغدقت عليهم الكثير، كان محمد قطب، شقيق سيد قطب، أحد هؤلاء، لكن لم يحدث أن حولتهم المملكة أو استعملتهم مرتزقة ضد مصر، ولم تجعل المملكة بؤرة تآمر أو تخطيط ضد مصر، حتى لو كان من يفعل ذلك مصريين، هذه شهادة يجب أن تسجل، أما قطر فقد جلبت الإخوان ليكونوا مرتزقة لديها ولتصبح قطر بؤرة تآمر ضد مصر، وهذا هو الفارق بين الدول وبين الرجال، أما الذين قبلوا أن يكونوا مرتزقة فجزاؤهم أن يتم التخلص منهم فى أى لحظة وطردهم بما يليق بهم.
نقلا عن المصرى اليوم