الظهور المباغت للشاب الداعشى إسلام يكن فى إعلامنا، منذ أيام، يعيد طرح سؤال معتاد حول دور الإعلام فى الحرب على جماعات العنف والتطرف. إسلام الذى أطلق على نفسه اسم أبوسلمة وترك عائلته فى القاهرة لينضم، بعد «التزامه»، إلى تنظيم الدولة الإسلامية، كان نجما تكرر ظهوره منذ ذاعت قصته وانتشرت صوره على شبكات التواصل الجماهيرى وهو يحمل سيفه أو يشير إلى بعض الرؤوس المقطوعة.
كتب الشاب تفاصيل تجربة «النفير» (الاستعداد أو الخروج للجهاد) ونشرها على شبكة الإنترنت. وفى غضون ساعات أصبحت قصة خروجه إلى سوريا، عبر تركيا، محل حفاوة واهتمام من أغلب الصحف ومواقع الإنترنت.
بالتأكيد ليس فى نية مسؤولى الصحف ووسائل الإعلام فى مصر أن يقدموا عمداً أى دعم لجماعات الإرهاب والتطرف، خاصة أنهم سبق أن أعلنوا تضامنهم واصطفافهم مع الدولة فى خندق الجهاد ضد جماعات العنف. وهو تضامن دعمه رؤساء تحرير الصحف فى شهر أكتوبر الماضى بوثيقة يؤكدون فيها مساندتهم للدولة فى حربها، عن طريق عدد من الآليات، من بينها الامتناع عن نشر بيانات الجماعات الإرهابية.
ويعتبر التعامل مع بيانات ومنشورات ومقاطع فيديو جماعات العنف المسلح من أكثر الجوانب حساسية فى العمل الصحفى والإعلامى. ويمكن القول إن هذه النقطة بالتحديد، وبسبب أهميتها، كانت دوما من الموضوعات الأساسية فى اختبارات المتقدمين للعمل فى مؤسسات مثل «بى. بى. سى». فالمؤسسات الإعلامية الكبرى كانت دوماً مستهدفة بشرائط الفيديو والكاسيت التى تحمل كلمات أو تصريحات لأسامة بن لادن أو أيمن الظواهرى.
التعامل بشكل مهنى مع مثل هذه الرسائل يقتضى الحذر فى اختيار ما يُعرض منها، بحيث يخدم حق الجمهور فى المعرفة دون أن يتم تجاوز ذلك إلى تضخيم ونشر رسائل جماعات العنف. وإن كانت هناك قيمة خبرية فى الإشارة إلى إعلان جماعة ما مسؤوليتها عن عمل من أعمال العنف، إلا أن الأمر لا ينبغى أن يتعدى ذلك إلى إذاعة تهديدات، أو نشر الذعر، أو الترويج للتطوع فى هذه الجماعات بشكل مباشر أو غير مباشر، أو ما حدث فى برنامج «٩٠ دقيقة» عندما عرض مقطع فيديو عن التدريب البدنى فى الغابات، قدمه إسلام يكن، عبر شاشة المحور، لغيره من الجهاديين.
بعد ما حدث مؤخرا من نشر إسلام يكن تفاصيل خروجه وتداولها فى الصحف والمواقع، كتب فتى داعش تغريدة قال فيها إنه نصب كميناً للإعلام: «أقسم بالله وأنا بعمل شير امبارح لقصة النفير كان معايا أخ فقلت له بكره الصبح تلاقى حد من اليوم السابع خدها ونشرها وكإنه جاب الديب من ديله».
وبعدها بساعات كتب تغريدة أخرى تشى بوضوح بأن من يحاربون الإرهاب ربما يكونون أكبر داعميه «عايز الناس كلها تتكلم وتكتب وتنشر. ده مصلحة كبيرة للدولة (الإسلامية) بفضل الله». وقبل أن تغلق إدارة تويتر حسابه بأيام قليلة زفّ لقرائه خبر تحقيقه هدفا آخر بمساعدة الإعلام: «عايز إعلام الدجالين يستمر ويكتب. وبالمناسبة السعيدة دى فيه أخ الآن ترك ديار الكفر وفى طريقه إلى الدولة الإسلامية حالًا وكان بسببكم بفضل الله»، فيما أعلنت جماعات أخرى أنها على استعداد لاستقبال من عجزوا عن النفير إلى خارج البلاد.. داخل مصر.
نقلا عن المصرى اليوم