الأقباط متحدون - محمد صلاح: بابا الدولة ودولة البابا
أخر تحديث ١١:٠٠ | الجمعة ٢ يناير ٢٠١٥ | ٢٤كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٣٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

محمد صلاح: بابا الدولة ودولة البابا

محمد صلاح
محمد صلاح

كانت صبيحة أول أيام 2011 تنبئ بأن هذا العام مختلف عن سابقيه، فتفجير كنيسة القديسين ليلة رأس السنة، وسقوط العديد من الضحايا بينهم النساء والأطفال وكبار السن أثار غضب الشعب المصري ككل، وزاد من لهيب الفتنة الطائفية اشتعالا، وقبل مضي اثنتي عشرة ساعة كانت دعوات للتظاهر قد خرجت من بعض المجموعات السياسية للتجمع في دوران شبرا والتضامن مع ضحايا التفجير.

بدأ التجمع في الساعة الخامسة لعدد كبير من النشطاء تزايد بمرور الوقت حتى امتلأ الكردون الأمني المحيط بالتجمع، وبدأت مجموعات من الأهالي تراقب المتظاهرين وتستمع إلى الهتافات، يشترك بعضهم ويندمج في الهتاف وتظل رهبة الموقف عند الأغلبية، قبل انتصاف الليل بساعتين يتحول شارع شبرا إلى تجمعات احتجاجية ومسيرات وعدة مواجهات مع الأمن تنتهي بانسحاب المشاركين على وعد بالعودة غدا.

تهديدات صريحة من أمن الدولة تلقاها العديد من النشطاء بعدم “اللعب في ملف المسيحيين”، ولكن إيمان الشباب بعدالة المطالب القبطية وتأكدهم من تقصير الدولة في تأمين الأعياد يجبرهم على استكمال التضامن، تنظم المجموعات الشبابية مسيرة إلى الكاتدرائية يتم منعها في شارع رمسيس بينما يتم فض مسيرات أخرى وصلت من امبابة إلى العباسية، ثم يعلن عدد من النشطاء الأقباط اعتصاما بكنيسة العذراء في مسرة مساء يوم 3يناير.

في موعد التجمع تغلق الكنيسة أبوابها وترفض استقبال المعتصمين، وتحيط قوات الأمن التجمع بكردون أمني، اعتداءات من الشرطة على المتظاهرين تزداد قسوة بعد أن شاهدوا مسيرة أخرى ضمت المئات تجوب شارع شبرا وتشتبك مع قوات الأمن، ترتفع حدة الاشتباكات في شارع شبرا ويزداد حصار المعتصمين بباب الكنيسة ضيقا.

بعد ساعات من المناوشات وهدوء العاصفة في الشارع الرئيسي تقرر الداخلية فض اعتصام الكنيسة بشكل سلمي، يخرج أحد الكهنة ليقف بجوار ضابط شرطة على باب الكردون ويشير إلى أبناء الكنيسة فيخرجهم ويأمرهم بالعودة لبيوتهم، ثم يتحول الأمر إلى أن إشارة بصليب اليد تكفي للانصراف، ويتبقى داخل الكردون النشطاء المسلمون ممن حضروا للتضامن فقط، يختار ضابط أمن الدولة 8 منهم لتحويلهم إلى النيابة بحقيبة التهم المعروفة: إشعال الفتنة والعنف وإتلاف الممتلكات.. إلخ.

اليوم التالي يحول النشطاء إلى محاكمة عاجلة، ويدعو البابا شعب الكنيسة إلى الصيام والتوقف تماما عن التظاهر، يمتثل الأقباط لحكمة البابا وتغلق قضية القديسين دون أن نعلم حتى الآن من الجاني، ويحاكم النشطاء على تضامنهم، وتأتي تصريحات البابا بأن عددا من المخربين استغلوا الحادثة ليستدرجوا المسيحيين لإحراق مصر وإشعال الفتنة.

بموقف مشابه تنتهي حادثة ماسبيرو التي راح ضحيتها عشرات الشباب برصاص قوات تأمين ماسبيرو، فتحمل الكنيسة أصحاب الدعوة مسؤولية الدم، ويصرح البابا الجديد بنفس الحكمة التي ورثها من سلفه بأنه ليس الوقت المناسب للتحدث عن الجناة، وأن هناك علامات استفهام وسنترك الأمر للدولة المصرية.

كان حلما بأن يقفز شباب الأقباط خارج أسوار الكنيسة ليطالبوا بحقوقهم السياسية والاجتماعية بأنفسهم وينخرطوا في المجتمع، وهو ما تعتبره الدولة خطرا بتسييل وحدة صلبة تتعامل معها الدولة بمبدأ الراعي، وتواجهه الكنيسة بكل قوة حرصا على استمرار هيبتها وسطوتها على المجتمع القبطي واستغلال سيطرتها للمقايضة مع النظام.

ما سماه البابا استقلال الكنيسة في حواره مع المصري اليوم ماهو إلا حزام جديد يفرض على الأقباط بخلاف أحزمة الدولة، فالكنيسة مؤسسة دينية لها مخصصات مالية وأنشطة اجتماعية، تزكي مرشحين في الانتخابات وتوجه رعاياها في الاستفتاءات وتحشد للتظاهرات.
نقلا عن البديل


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع