«سلامة»: «أسافر مرة واحدة فى السنة.. وتعودت على الشغل هناك من 11 سنة ولو ما رحتش فلوسى هتضيع»
أجبرتهم الظروف الصعبة على السفر إلى ليبيا رغم الحرب التى تدور رحاها بين الجماعات الإرهابية المسلحة والجيش الوطنى الليبى فى عدة مناطق من ليبيا. منهم من يسافر للمرة الأولى، ومنهم من يسافر منذ سنوات. اختلفت محافظاتهم وأماكن إقامتهم، لكن هدفهم واحد وهو السفر إلى ليبيا. «الوطن» التقت عدداً من العمال المصريين المسافرين إلى ليبيا قبل سفرهم بساعات لمعرفة أسباب سفرهم إلى هناك رغم الظروف الصعبة التى تعيشها الدولة الشقيقة.
سلامة على، 38 سنة، عامل جبس، يقول: «لسه سامع وزير الخارجية سامح شكرى بيحذر المصريين من السفر إلى ليبيا بسبب الحرب المشتعلة هناك، لكننا بنغامر عشان نعرف ناكل ونشرب، وبعدين أنا اتعودت على الشغل هناك، أنا بقالى فيها أكتر من 11 سنة، وليا فلوس هناك ومعدات تقدر بـ15 ألف جنيه، ولو ما رحتش الفلوس دى هتضيع عليا. عارفين إن البلد تعبانة من الحرب بين الميليشيات والجيش، بس أكل العيش مر».
يضيف سلامة قائلاً: «حضرت جميع أحداث الثورة الليبية هناك لأنى سافرت إلى ليبيا يوم 10 فبراير 2011 قبل اندلاع الثورة بأيام، ومكثت هناك لمدة 10 شهور كاملة فى مدينة سبها بالجنوب، وهى منطقة هادئة جداً إذا ما قورنت بالمناطق الشمالية طرابلس وبنغازى ومصراتة بسبب القبائل الكبيرة المسيطرة عليها. أسافر مرة واحدة إلى ليبيا فى السنة وأحصل على إجازة مدتها شهران أو 3 شهور، لكن الإجازة دى طولت بسبب نقص التذاكر».
أما محمد عباس، 34 سنة، سائق، من بولاق الدكرور بالجيزة، فقد وقف وحيداً أمام إحدى شركات الطيران بوسط القاهرة منتظراً الحصول على تذكرة سفر إلى ليبيا، وهى المرة الأولى التى ينوى فيها السفر خارج مصر، فضّل ليبيا عن غيرها بسبب سهولة السفر وعدم طلب 20 ألف جنيه للعقد كما يحدث فى دول الخليج، حسب وصفه. يقول عباس: «ليست كل المناطق بليبيا مشتعلة كما يصور الإعلام، توجد مناطق هادئة هناك، أنا ذاهب للعمل فى مدينة بنى وليد بمصراتة وسأعمل سائقاً فى إحدى الشركات، عارف إن الدنيا هناك مش مظبوطة لكن وضع ليبيا الاقتصادى أحسن من مصر».
يضيف عباس بمرارة قائلاً: «إحنا هنا مطحونين وما حدش حاسس بينا، كنت شغال سائق فى أحد أحياء الجيزة عن طريق العقد قبل ثورة يناير، وكنت بأتقاضى 500 جنيه مع إنى فاتح بيت ومتجوز ومعايا 3 بنات وبدفع إيجار للشقة 400 جنيه فى الشهر سبتها واشتغلت سائق فى شركة خاصة وتقاضيت 1800 جنيه، لكن بعد الثورة الشركة قفلت وقعدنا فى البيت من غير شغل حتى عملت أخيراً سائق تاكسى وبرضو مش كفاية، المصاريف كتيرة والحاجة بتغلا كل يوم، أنا رايح ليبيا عشان آكل عيش حتى لو هموت».
يتابع عباس: «تقدمت بطلب إلى أحد البنوك الكبيرة للحصول على قرض لشراء تاكسى وفوجئت بأنهم يطلبون فائدة 100% الجنيه يقابله جنيه، حتى البنوك الوطنية تحصل على فائدة مرتفعة، عشان كدا الحال ضاق بيا وقررت السفر.. أنا عارف إن الوضع هناك خطير وإنهم بيكرهوا المصريين ودى أول مرة أسافر لكن سايبها على الله، ومش خايف من بره لأن جوه بلدنا متهانين، نسافر سنتين تلاتة نعمل قرشين ونرجع نعمل مشروع نعيش منه».
بصحبة صديقه كان محمد طاهر البرعى، ابن مدينة دمياط، 23 سنة، يقف فى انتظار الانتهاء من أوراق سفره إلى ليبيا. يعمل محمد نجار مسلح، وهو ابن وحيد لأب يعول 3 بنات غيره، ورث مهنة النجارة عن والده وعمل بها منذ نعومة أظافره، لكنه قرر العودة إلى ليبيا بعد إجازة طويلة مدتها 6 شهور، يُعتصر قلب أبيه ألماً لفراق ابنه الوحيد وسفره إلى دولة تشتعل فيها الأوضاع ويُخطف فيها المصريون، لكنه ترك له حرية الاختيار بعد أن أتعبه الجلوس فى البيت بدون عمل حسب وصف محمد الذى أضاف قائلاً: «من ساعة ما نزلت الأجازة ما شتغلتش يوم واحد، قعدت سنة فى ليبيا كانت كويسة جداً فى الشغل، ولو كنت قعدت سنة تانية كان ممكن أرجع أخطب واتجوز على طول، لأن السنة الأولى بتضيع فى مصاريف العقد والسفر والحجز».
يوضح الشاب العشرينى قائلاً: «هسافر إنشالله اقعد سنة وارجع أخطب واتجوز، أنا مسافر عشان كده، أجرة نجار المسلح فى اليوم حوالى 100 جنيه، وهذا أجر معقول، لكن عدم انتظام العمل يومياً يسبب هذه الخسارة ويخلق لدينا نوعاً من الإحباط، فما أكسبه فى يومين أو ثلاثة أنفقه على نفسى».
يلتقط منه صديقه ضياء نهرى، 24 سنة، أطراف الحديث ويقول: «أعمل نجار موبيليا فى دمياط، ووالدى متوفى، أجرتى فى اليوم 80 جنيه، وهذا أجر لا يغطى غلاء المعيشة الحالية، والشغل فى دمياط مش زى الأول، دمياط انهارت خلاص، أنا مسافر ليبيا أصلاً عشان أساعد اخويا فى الزواج، عنده 31 سنة ومش عارف يخطب لحد دلوقتى، يدوب لسه بنسدد فى أقساط جهاز أختى اللى لسه متجوزة من كام شهر».