من المدهش أن أبرز دفاع عن الإسلام جاء من جريدة شارلى إبدو نفسها، عندما رسمت رجلا ينتمى لداعش يمسك خنجرا ويطعن به رجلا يرتدى جلبابا أبيض وله لحية بيضاء، ويقول القاتل للمقتول يا كافر، بينما يرد الأخير، فى دهشة، أنا الرسول محمد، وهو ما يعنى أن داعش تعتدى على الرسول وتكفر نبى الإسلام نفسه.
الجريدة بذلك تبرئ الإسلام من تهمة إرهاب داعش، قد يعترض البعض على رسم الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الكاريكاتير الموحى والبليغ، ولكن إذا وضعنا جملة أنا الإسلام بدلا من أنا الرسول محمد لأصبحت مقبولة تماما فى العالم الاسلامى، وربما نقلتها بعض صحفنا واحتفت بها وأعادت نشرها منسوبة إلى المجلة اللاذعة.
وقد يقول البعض كيف تدعى أن الجريدة دافعت عن الرسول صلى الله عليه وسلم رغم أنها نشرت عدة رسوم كاريكاتيرية غير مقبولة عنه أكثر من مرة؟ وهل تساوى بين هذا الكاريكاتير الوحيد، الذى نشرته المجلة منذ فترة، وبين الرسوم العديدة والمتكررة المسيئة للرسول؟، والإجابة أننى لست أساوى ولا أقبل الإساءة للإسلام ولا للأديان جميعا، تحت مسمى الحرية، ولكن الجميع انبرى للدفاع عن الإسلام ونفى تهمة الإرهاب عنه، وأكدوا أن من قاموا بجريمة الاعتداء على الصحيفة لا ينتمون إلى الإسلام الحنيف والسمح والصحيح، وإنهم ليسوا حجة على الدين، وأنهم بفعلتهم الشنعاء اعتدوا على الإسلام، وآذوا الرسول ولم يدافعوا عنه، وأن جريمتهم أضرت بالمسلمين جميعا.
ولا ندرى هل يصدق المواطن الفرنسى ونظيره الأوروبى هذه الكلمات أم لا؟ وهل يتأثر بها الشارع هناك ويعرف أن الإسلام لا يقر القتل والإرهاب أم أنه سيلصق به تهمة التطرف هو وأتباعه دون تمييز؟، ولذا فإن هذا الرسم سيكشف للمتابعين للقضية، وهم أكثر من المتابعين للجريدة بكثير، أن المعتدين المنتمين للقاعدة وداعش لا علاقة لهم بالرسول صلى الله عليه وسلم ، والدليل ما نشرته الجريدة نفسها، وبطريقة وشهد شاهد من أهلها، وأن أقوال الضحية قبل قتله هى أصدق شهادة عن القاتل وأفكاره المرفوضة، وأنه لا يمت للإسلام الصحيح بصلة.
إننا نحتاج ونحن نحاول إقناع أهل الغرب بعدالة قضيتنا أن نخاطبهم بلغتهم، وأن نعرف كيف يفكرون؟، وما الذي يؤثر فيهم؟، وبأي وسيلة نصل إليهم؟، لا أن نخاطب ونكلم أنفسنا ونحن نظن أنهم يسمعوننا ويفهموننا، ثم نفاجأ بحادث إرهابى جديد، ونعيد مرة أخرى نفس حجج الدفاع وبنفس الطريقة، التى لا تؤدى إلى شئ.
نقلا عن مبتدا