الأقباط متحدون - أهالى منشأة ناصر من «طابور الشقق» إلى «طابور الأنابيب»
أخر تحديث ١٤:٣٩ | الاربعاء ١٤ يناير ٢٠١٥ | ٦ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٤٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أهالى منشأة ناصر من «طابور الشقق» إلى «طابور الأنابيب»

طابور من الأهالى فى منشأة ناصر فى انتظار «أنبوبة البوتاجاز»
طابور من الأهالى فى منشأة ناصر فى انتظار «أنبوبة البوتاجاز»

«الوطن» ترصد رحلة البحث عن أنبوبة: طابور يبدأ فى الخامسة فجراً وينتهى عصراً
أنهت صلاتها فجراً واستعدت للخروج، فهى لم تحصل بالأمس على الأنبوبة بسبب نزولها المتأخر، ارتدت «الست زينب» عباءتها وتحتها كل ما ثقل من ملابس اتقاء للصقيع، وفوقها شال تربط بعضه بعضاً كى لا يعيق حملها للأنبوبة، قبل أن تكمل الساعة دقات السادسة صباحاً أغلقت «زينب» باب منزلها وراءها مودعة أهلها لليوم الثانى على التوالى فى رحلة البحث عن أنبوبة بعشرة جنيهات من مستودع منشية ناصر «الأنبوبة بتيجى لحد البيت بـ60 جنيه هناكل ونشرب ولا هندفع حق الأنبوبة؟»، طريق طويل قطعته سيراً على الأقدام من أزقة المنشية إلى طريق صلاح سالم الرئيسى حيث يقع المستودع «يا رب بس المرة دى تبقى الزحمة أقل وأعرف أروّح قبل الضهر وقبل ما تقوم العركة بتاعة كل يوم».

لم تكن السيدة الأربعينية وحيدة حين وصلت إلى المستودع فقد وجدت هناك حشداً ظل يتسع حتى ما لبث أن أضحى الطابور لا ينتهى «صليت الفجر ونزلت من بيتى وبرضو مفيش فايدة المستودع لازم يدى شباب الخريجين الأول وعربية الأنابيب لو اتأخرت بتبقى الواقعة أكبر» يتحدث الحاج «حسن» عن معاناة أهالى المنشية التى أضحت كل يوم تبدأ فصلاً جديداً، معاناة تبدأ بانهيار صخرى ولا تتوقف عند حدود ارتفاع أسعار الأنابيب كل شتاء «كان الحزب الوطنى بيحلها وبينزل عربيات للناس بأسعار مخفضة، ومن بعده الإخوان عملوا كده، دلوقتى البلد عشان مافيهاش حزب إحنا لايصين»، يدرك الحاج «حسن» أن عدم تدخل مرشحى مجلس النواب فى الأمر ليس عن ترفع كما يدعى بعضهم «هما خايفين ما يقدروش يحلوها نقولهم مع السلامة.. إحنا مفيش حد وقف معانا غير ربنا».

قبل يومين سار «عمرو» مع السائرين، لم يملك لهم رجعة ولم ير سوى طريقهم حلاً، كان القرار هو تعطيل طريق صلاح سالم وكانت النتيجة أن تولى قسم الشرطة وقوات من الجيش تأمين مستودع الأنابيب وتنظيم المواطنين «هنسكت على إيه ولا إيه؟ حتى الأنبوبة مش لاقيينها، وفى عز البرد والتلج اللى الناس متدفية فيه فى بيوتها إحنا نازلين نقف فى الشارع عشان الغلابة مش معاهم 50 جنيه يدفعوها تمن أنبوبة»، لم يمنع «عمرو» أهالى المنشية من التجمهر وإغلاق الطريق بالأنابيب لكن الشرطة فعلت، لا يعرف الشاب العشرينى ماذا يحمل الغد لأهالى المنشية فى حال بقى الوضع على ما هو عليه «الناس هنا صعايدة ويوم ما الحال هتضيق بيهم هيقولوا علىّ وعلى أعدائى واللى يحصل يحصل».

على جانب الطريق تحتل عربات شباب الخريجين موقعها، تبتعد قليلاً عن التجمهر حتى لا ينال الأذى أصحابها، يبتعدون قدر المستطاع عن الأنظار بأنابيب يحصل عليها صاحبها بـ10 جنيهات ليبيعها بـ60 جنيهاً إن ابتعد عن المستودع وبـ40 فقط إن اقترب صاحب النصيب «فيه ناس ما بتتحملش الوقفة فى الطابور وبيشتروا مننا من هنا أرخص ما ياخدوها عند بيتهم بعشرين جنيه»، محمد الشاب الحاصل على دبلوم صنايع يعتبر موسم الشتاء هو موسم الرزق له ولغيره من بائعى الأنابيب «إحنا ما بنعملش المشكلة ولا الأزمة إحنا سببها ولو الحكومة حلتها إحنا مالناش دعوة».

الأحاديث الجانبية فى الطابور لا تبتعد عن أحوال المنشية فتحتل الحكومة والمحافظة الجانب الأكبر منها «شفت اللى عمله المحافظ بيقولوا هيراقبنا ليل ونهار.. كان غيره أشطر» يتحدث الرجل الذى تخطى الستين، يجلس على أنبوبته فى انتظار الدور، لا يخشى من سيجارته المشتعلة بالقرب من مستودع أنابيب «ماهى فاضية لو كانت مليانة كنت طفيتها»، يطالع الرجل الجريدة الصباحية التى اشتراها قبل قدومه «للتسلية» كما يقول «بنشوف بيقولوا علينا إيه النهارده والحكومة ناوية على إيه للمنشية»، لم تكن الجريدة هى وسيلة التسلية الوحيدة فى الصباح الذى لم تدفئ شمسه بعد، لكن أكواب الشاى التى يصبها «ربيع» للطالبين تدفئهم قليلاً فى انتظار حصولهم على الأنبوبة «جيت يوم بالأنبوبة واليوم التانى جيت بترمس الشاى والعدة.. هعمل إيه بلم حق الأنبوبة الجديدة».

طابور السيدات الذى بدأ بالست «زينب» فى السادسة صباحاً، زاد عليه عشرات أخريات، حملت كل منهن الأنبوبة وحملت معها سيلاً من الشتائم لكل واحدة لا تلتزم بالصف «إحنا كلنا جايين من آخر الدنيا والواحد خلقه فى مناخيره مش ناقصين كمان واحدة تيجى ترمى بلاها علينا كفاية اللى فينا» تتحدث «أم أحمد» التى عادت من جديد للمنشية بعد أن غادرتها أياماً قليلة إلى مدينة بدر «خدوا الشقة منى بالعافية وادونى شقة فى الصحرا، أجرت أوضة إيجار جديد.. أنا زى السمكة لو طلعت من المنشية أموت»، رغم توصيلات الغاز والكهرباء فى الشقة الجديدة، فإنها لم تغن «أم أحمد» عن المنشية «الجنة من غير ناس ما تنداس والمنشية جنة حتى لو طلعت عنينا».


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.