يزور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دولة الإمارات غداً الأحد، وتستغرق الزيارة يومين، وتعد الأولى له منذ توليه الرئاسة في شهر (يونيو) حزيران 2014، ويرى خبراء أن الزيارة تعزز العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتدشن مرحلة جديدة من التعاون الإقتصادي والسياسي والعسكري بينهما.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في إطار العلاقات المتينة التي تربط بين البلدين الشقيقين، يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، يهدف من خلالها إلى تقديم الشكر إلى الإمارات حكومة وشعباً على دعمها لبلاده في أعقاب الإطاحة بنظام حكم الإخوان في تموز )يوليو( 2013، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، ولاسيما الإقتصادية والعسكرية.
وتحظى زيارة السيسي بأهمية خاصة لدى البلدين، الذين تعززت العلاقات بينهما إلى أقصى درجة في أعقاب تدخل الجيش للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، بعد مظاهرات مليونية امتدت ثلاثة أيام في 30 )يونيو( حزيران 2013، لاسيما أن العلاقات بين البلدين شهدت حالة من التوتر الفتور أثناء حكم جماعة الإخوان، التي وجهت قيادات إتهامات مستمرة إلى أسرة آل نهيان بقيادة الثورة المضادة، والتخطيط للإطاحة بحكم الجماعة في مصر.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف، إن زيارة السيسي إلى الإمارات "تشكل مناسبة لتسجيل تقدير وامتنان مصر للمواقف الداعمة والمساندة التي أبدتها دولة الإمارات قيادة وشعباً إزاء مصر، ووقوفهم بجانبها في أعقاب ثورة 30 يونيو".
ترحيب الشعب الاماراتي
ويشارك السيسي في قمة القمة العالمية لطاقة المستقبل، ويقدم كلمة مصر في المؤتمر، وقال السفير الإماراتي في القاهرة ومندوب الإمارات الدائم لدى جامعة الدول العربية محمد بن نخيرة الظاهري، إن زيارة السيسي "تحظى باهتمام غير مسبوق من قبل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأضاف الظاهري، في تصريحات له، أن هذه الزيارة هي محل ترحيب وتقدير من قبل الشعب الإماراتي، حيث تعد توثيقًا وترسيخًا للعلاقات الوثيقة والعميقة التي تجمع الإمارات ومصر على جميع الأصعدة، التي رسخها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله - بين البلدين والشعبين.
ولفت إلى أن زيارة الرئيس السيسي تأتي للمشاركة في القمة العالمية لطاقة المستقبل التي تستضيفها الإمارات والتي يشارك فيها زعماء الدول وقادة الفكر وصناع القرار والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التحديات المتعلقة بمستقبل الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، مشيراً إلى أن القمة تعد الحدث الأبرز على مستوى العالم ومحل اهتمام غالبية الدول، والتي أولى الرئيس عبد الفتاح السيسى اهتماما بالمشاركة فيها، وخاصة في أعقاب استعادة مصر لمكانتها الإقليمية والدولية، وقبيل انعقاد القمة العربية في القاهرة آذار (مارس) المقبل، واللذان يحتلان درجة عالية من اهتمام البلدين لما لهما من تأثير على مستقبل مصر والمنطقة العربية خلال الفترة المقبلة.
دعم مصر
ونبه إلى أن دولة الإمارات ستواصل دعمها لمصر بما ينعكس على استقرارها وبناء اقتصادها، معتبراً أن زيارة السيسى للإمارات ستستشرف أبعادًا سياسية وإقتصادية وستضع آفاقًا جديدة للتعاون المشترك بين البلدين على جميع المستويات.
ووفقاً للسفير محمد يوسف، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإن زيارة السيسي للإمارات سوف تشتمل على عدة أهداف رئيسية، وأوضح لـ"إيلاف" أن الهدف الظاهر هو المشاركة في القمة العالمية لطاقة المستقبل، التي تشارك فيها مختلف الشركات الدولية في هذا المجال، مشيراً إلى حضور القمة فرصة للتواصل مع هذه الشركات وجذب استثمارات جديدة لها سواء إماراتية أو أجنبية. وأضاف أن الهدف الأصلي هو توجيه الشكر إلى قادة الإمارات على الدعم غير المحدود الذي قدموه لمصر بعد الإطاحة بنظام حكم الإخوان.
ونبه إلى أن السيسي يرغب في إستمرار الدعم الإقتصادي الإماراتي لبلاده، ولكن عبر الإستثمارات، وليس الهبات، منوهاً بأن تعزيز العلاقات السياسية من أهم أهداف زيارة السيسي للإمارات أيضاً، لاسيما في ظل تدهور الأوضاع في المنطقة، وانهيار العديد من الدول العربية، ومحاولة المحور المصري الخليجي الحفاظ على ما بقي من الدول العربية متماسكاً.
ودعم مالي
قدمت دولة الإمارات إلى مصر دعماً مالياً وسياسياً غير محدود في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، ودفعت لمصر نحو ملياري دولار مساعدات بترولية، إضافة إلى نحو 4.9 مليار دولار مساعدات مالية واستثمارات في مختلف المجالات.
ولم يقف الدعم الإماراتي عند حد المساعدات البترولية والمالية، بل قدمت دعماً في صورة مشروعات، وقالت وزارة التخطيط المصرية، إن الإمارات مولت مشروعات تتعلق بالبنية التحتية، ومنها: بناء 50 ألف وحدة سكنية، وإنشاء 25 صومعة قمح، واستكمال شبكات الصرف الصحي في 151 قرية، بالإضافة إلى بناء 100 مدرسة وإنشاء 479 مزلقانا، فضلاً عن توفير 600 أتوبيس نقل عام، وإنشاء 78 وحدة طب أسرة في المحافظات.
وقال النائب السابق مصطفى بكري، إن "الشعب المصري لا يمكن أن ينسى للإمارات دورها الداعم لمصر منذ زمن حكيم العرب الراحل الشيخ زايد بن سلطان مروراً بأولاده وحكام وشعب الإمارات". وأضاف في تصريح له: إنها مسيرة من العطاء بلا حدود". مشيراً إلى أن "الرئيس السيسى سيوجه باسم شعب مصر الشكر والتقدير إلى الإمارات قيادة وشعبا على وقفتهم النبيلة".
لم يتوقف التعاون بين البلدين على المجال الإقتصادي والسياسي، بل امتد إلى المجال العسكري، ونظم القوات المسلحة في مصر والإمارات العديد من المناورات الحربية، منها: "زايد 1" و"زايد 2"، و"سهام الحق"، وساهم قادة الجيش المصري، لاسيما عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيراً للدفاع، إضافة إلى الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع الحالي، في تعزيز العلاقات بين مصر والإمارات.
وقال اللواء حسين عبد الرازق، الخبير العسكري، إن العلاقات بين مصر والإمارات متعمقة ومتينة منذ عشرات السنين، مشيراً إلى أنهما بلدين شقيقين. وأضاف لـ"إيلاف" أن العلاقات بين البلدين فيها جانب عسكري، لاسيما أن ثمة تهديدات خطيرة تواجهها دول المنطقة. ولفت إلى أن التعاون العسكري شهد ازدهاراً منذ وصول السيسي إلى منصب وزير الدفاع، ثم توليه منصب الرئيس. ونوه بأن زيارة السيسي للإمارات تستهدف في جزء منها تعزيز هذا التعاون، في مجالات تبادل الخبرات العسكرية والتسليح، تنظيم المزيد من المناورات العسكرية بين القوات المسلحة في البلدين.
ونفى ما نشر بشأن إقامة قاعدة عسكرية مصرية في الإمارات أو العكس، مشيراً إلى أن التعاون بين البلدين، لا يحتاج إلى إقامة قواعد عسكرية، مشيراً إلى أن الأمن القومي لدول الخليج بما فيها الإمارات جزء من الأمن القومي المصري، منوهاً بأن البلدين قريبين ولا يحتاج الأمر إقامة قواعد عسكرية.
وأكد السيسي في أكثر من لقاء أن أمن الخليج حزء من الأمن القومي المصري، وقال السيسي أثناء ترشحه للإنتخابات الرئاسية: "حينما يتعرض الأمن القومي العربي لتهديد حقيقي ونستدعى فهي مسافة السكة"، في إشارة منه إلى سهولة وسرعة الجيش المصري في تلبية النداء.
وجدد السيسي تأكيد لقدرة الجيش المصري على الدفاع عن دول الخليج، مرة أخرى أثناء زيارة للكويت، وقال في مقابلة تلفيزيونية مع قناة كويتية: " "أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر"، وأضاف: "أنا قلت من شهور مسافة السكة لحماية أشقائنا في الخليج والدول العربية، وفعلًا هي مسافة السكة ضد أي تهديد لأشقائنا في الكويت ودول الخليج، فالخليج خط أحمر".