الأقباط متحدون - جنازة العملية المعكوسة والأحزاب المقلوبة
أخر تحديث ٠٧:١٦ | الأحد ١٨ يناير ٢٠١٥ | ١١ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٥٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

جنازة العملية المعكوسة والأحزاب المقلوبة

ريال مدريد
ريال مدريد

فكرت أن أتنحى عن هذا المقال، استشعاراً بالحرج، لكننى تراجعت. تحتاج «الجنازة» الناجحة إلى العديد من المقومات مثل جمهور المعزين وبعض المال وجثمان الفقيد وغيرها. ومن الممكن أن يغيب عنصر أو أكثر، فجنازات البسطاء مثلاً تُقام عادة مثل مباريات الدورى بدون جمهور! كما أن الأموال ليست ضرورية، رغم قول نجيب سرور: «لا شىء بالمجان غير الموت، لكن لا مفر من الكفن!»، ولكن هل يمكن أن تُقام جنازة دون جثمان؟!

فى أواخر عشرينيات القرن الماضى عندما قرر مصطفى كمال أتاتورك أن يستبدل حروف اللغة العربية بحروف التركية اللاتينية، خرجت جنازة وهمية تحمل نعشاً فارغاً كُتب عليه «الحرف العربى». أما فى كينيا، العام الماضى، فقد تم تنظيم جنازة شعبية وهمية لأعضاء البرلمان الكينى، بسبب فسادهم وإقرارهم قانوناً يمنحهم تأميناً كبيراً لتمويل جنازاتهم!

وهناك المزيد، ففى أوكرانيا نُظمت جنازة وهمية، وكان النعش هو «حلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى». أما فى مدينة البندقية الإيطالية، فقد خرجت منذ خمس سنوات جنازة حارة للمدينة نفسها، نظراً لانخفاض عدد سكانها إلى النصف بسبب الهجرة.

وأغرب جنازة وهمية تلك التى تُقام فى قرية «سانتياغو دى لاس فيغاس» الكوبية، حيث يتم فى فبراير من كل عام، عمل مراسم الجنازة لأحد أبناء القرية، وينتهى اليوم بإنزاله القبر حياً! وهذا يشبه ما فعله المواطن الكورى «ها يو سون» الذى تخطى الستين وشعر باقتراب الموت، فأحب أن يعيش التجربة، فأجرى على نفسه بروفة حية للجنازة! جنازة وهمية أخرى تم تنظيمها فى ألمانيا لتهريب عالم روسى بدعم من عميل بريطانى، وكل ذلك فى أحداث رواية الإنجليزى «لين ديتون» التى تحمل اسم «جنازة فى برلين».

وفى إحدى مرات خسارة فريق «ريال مدريد» الإسبانى أمام غريمه فريق «برشلونة»، قام مشجعو الأخير فى العراق بتشييع جنازة الأول! وفى إسبانيا نفسها، تم تنظيم جنازة لعملة «البيزيتا» الشهيرة عندما حل اليورو محلها أوائل الألفية الجديدة. كما أن الصيادين الإسبان يقيمون سنوياً جنازة، حزناً على انتهاء موسم السردين! كلها جنازات وهمية معبرة.

وأكبر جنازة وهمية نعيشها الآن هى جنازة ومولد الانتخابات البرلمانية، فالعملية نفسها معكوسة، والأحزاب ذاتها مقلوبة، فأصل الداء أن الديمقراطية ليست موضة لنقلدها أو صنماً لنعبده، فالمجتمع البدائى لا يستخدم الديمقراطية لكى يتقدم، ولكن المجتمعات تتقدم، فتصل إلى الديمقراطية، وعلينا إعادة النظر فى الأمر. أما الأحزاب فهى بالفعل مظلومة، ولكنها أيضاً مقلوبة، فالأصل أنها تتكون من الأسفل للأعلى، فالتيار يتواجد فى الشارع كأساس، ثم يتفاعل معه كقاعدة، ثم يتم تنظيم الأمر صعوداً إلى القمة لنكون أمام كيان منتظم ومنضبط، أما ما يحدث فى مصر فهو أن كل حزب لدينا عبارة عن رأس هرم طائر وحده فى الهواء دون قاعدة أو هيكل أو أساس وكأنه رأس الذئب الطائر، ولذلك تجد عشرين حزباً تعبر عن تيار واحد! إذا لم نعتمد على الحوكمة، فعلينا تغيير الثقافة والقانون والإجراءات وإلا سنكون فى المستقبل أمام جنازات انتخابية وهمية.

نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع