الأقباط متحدون - الحزن مابقالهوش جلال يا فاتن
أخر تحديث ١٣:٠٧ | الثلاثاء ٢٠ يناير ٢٠١٥ | ١٢ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٥٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الحزن مابقالهوش جلال يا فاتن

خالد منتصر
خالد منتصر

رحلت سيدة الشاشة فاتن حمامة وأبت إلا أن يكون فى رحيلها دروس للشعب المصرى كما كانت أفلامها دروساً فى الفن، كإبداع وانضباط والتزام، أهم درس كان رسالة قصيرة مختصرة تقول ما زلتم يا مصريون تعانون من عشوائية وفوضى ولا بد أن تفيقوا وتتغيّروا قبل أن تطلبوا تغييراً هابطاً من السماء، إعلان خبر وفاتها أثبت أن الإعلام يعانى عشوائية مزمنة وتخبّطاً حاداً وهبوطاً فى الدورة الدموية للمهنية والمصداقية والحرفية،

أما ما حدث فى جنازتها فحدّث ولا حرج، فقد كانت قمة فى العشوائية وتطبيقاً مثالياً لرباعية صلاح جاهين الخالدة التى يقول فيها «الحزن مابقالهوش جلال يا جدع»، فقد شاهدنا جنازة لأول مرة يطلب فيها المعزون صوراً «سيلفى» مع النجوم!! ويبتسمون من الأذن للأذن أمام الفلاشات، ينهار سلم مسجد ويسقط نعش ويتقاتل رجال على مصافحة فنانين وممارسة الغلاسة عليهم، شكلاً هو حزن وتأبين ووداع، أما فعلاً ومضموناً فقد كان إثبات حضور للتربّص بفلان الفنان أو علانة الفنانة!، وكما كان السبق فى «السيلفى» وتصوير الموبايلات فى الجنازة، كان السبق أيضاً فى إعلان الخبر بمثابة فضيحة إعلامية وطرحاً لسؤال مهنى مهم، وهو هل المهم السبق أم المهم الصدق؟، هل المهم من يُعلن أولاً أم المهم من يُعلن الحقيقة ويتحراها ولو بعد 24 ساعة؟!، ظل المشاهدون أكثر من ساعة يتنقلون ما بين الفضائيات، قناة تقول ماتت فاتن حمامة وأخرى تقول لم تمت،

يذهبون إلى الصحف ومواقع الإنترنت ورسائل الموبايل، فيجدون خبراً يؤكد وآخر ينفى، موقع يقول أنا الأجدع وآخر يصرخ أنا البريمو، وأنا اللى كنت فى شقة فاتن حمامة وقت الوفاة مختبئاً أسفل السرير، ماتت فى المستشفى، لأ لأ ماتت فى البيت، ماتت فى الخامسة بعد العصر، لأ لأ ماتت صباحاً، يضرب الجميع أخماساً فى أسداس لتنفضح الشاشات فى سعار السبق الإعلامى الرخيص الذى يصعد على سلم الشهرة بعد أن يركل الجثة!! يقولون عنا إننا شعب عاطفى، وكانت هذه هى حسنتنا الوحيدة، للأسف لم نعد بهذا العطف أو التعاطف،

انظر إلى سرادقات عزاء النجوم تجد أن معظم الحاضرين جاءوا للتصوير، كل شىء حاضر من القهوة السادة حتى كاميرات الفضائيات، الكل موجود وحاضر بقوة إلا الحزن الحقيقى، إلا الدموع الحقيقية، المعزون مهتمون بوضعية التصوير، فلانة تعدل من تسريحة شعرها حتى لا ترصد اللقطة زحف التجاعيد، تهمس للمصور بلاش البروفايل صورنى «فاس»، السرادق تحوّل بقدرة قادر إلى لوكيشن تصوير، والجالسون على الكراسى يحتسون القهوة فى بروفة جنرال، والموسيقى التصويرية هى لعلعة المقرئ وصدى صوته المجلجل فى الميكروفونات.

فعلاً الحزن مابقالهوش جلال يا جدع.. الحزن بقى زى البرد زى الصداع وعجبى!!

نقلا عن الإعلامى الطبيب خالد منتصر


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع