الأقباط متحدون - أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله
أخر تحديث ٠٣:٤٨ | الجمعة ٢٣ يناير ٢٠١٥ | ١٥ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٥٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله

بقلم : لطيف شاكر
 
ماذا تحمل  هذه الآية  من معني الذي  تفوه بها السيد المسيح بفمه الطاهر ؟ هل تعني هروب من الحياة في الوادي ؟
وأن يتركوا لقيصر ما لقيصر، ولا شأن لهم بالوطن، وان السعى الحق هو إلى ملكوت السماء وليس لمجد الوطن وتعميره".
هذا الكلام ممكن يقبل لو جاءت الاية بالعكس اعطوا مالله لله ومالقيصر لقيصر , وارجو  الرجوع الي النص كاملا .
ها هو نص الآية: "ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْمًا مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ، لِأَنَّكَ لَا تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللّهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟ نُعْطِي أَمْ لَا نُعْطِي؟« فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: »لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِي بِدِينَارٍ لِأَنْظُرَهُ«. فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: »لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟« فَقَالُوا لَهُ: »لِقَيْصَرَ«. فَأَجَابَ يَسُوعُ: »أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ«. فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ« (إنجيل مرقس  12:12-17). 
كانت  حيلة اليهود  أنهم  ارادوا  ان يصطادوا المسيح  ويمسكوه بكلمة، فيسلِّموه إلى حكم الوالي وسلطانه. فتقدموا إليه  وسألوه إن كانوا يدفعون الجزية للحكومة الرومانية أو لا يدفعونها، أملًا أن يمسكوه في شبكتهم مهما كانت إجابته، فإن قال بدفع الجزية ينفر الشعب منه، لأنهم ضجروا من هذه الضريبة التي هي علامة استعبادهم للرومان، ولأنهم ينتظرون مجيء المسيح ليحررهم منها. وكانوا يسألون:  كيف يمكن أن يكون المسيح ملك إسرائيل - كما هتف له الشعب في اليوم السابق- ويحكم أن ندفع الجزية لقيصر ؟ وإن أجاب بعدم دفعها كما يرغب اليهود (وهو ما كانوا يرجّحونه) يحصلون على حجة كافية ليسلموه للحكومة، كمثير للفتنة ضد القيصر الذي وضع هذه الضريبة
وسألهم يسوع بعد ان نظر الي الدينار لمن هذه الصورة ؟ فأجابوا لقيصر فقال لهم أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ. اي اعطوا كل ذي حق حقه .
وبهذا الجواب حطم الشَّرَك المنصوب له، ونطق بهذا القول المأثور قاعدة للواجبات في الدين والدولة. فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدام الشعب وتعجبوا من جوابه وسكتوا، وتركوه ومضوا. 
من تعليم المسيح هذا نرى أن الواجبات للدولة مقدسة وضمن الواجب الديني... ليس السؤال: هل نخضع لقيصر أم لله ، لأن الخضوع للاثنين واجب، والخضوع لقيصر في ما لا يخالف الخضوع لله هو من أصل الخضوع لله، لأن الله هو الذي سمح لقيصر أن يتسلَّط عليهم. فعليهم أن يخضعوا له. وكما تذكِّرهم صورة القيصر على الدينار، بما عليهم له، يجب أن تذكّرهم صورة الله التي خُلق فيها الإنسان، بما عليهم لله.   
يطالبنا السيد المسيح بالطاعة والاحترام للسلطة الحاكمة (اعطوا ماليقيصر لقيصر)، علينا أن نبتهل إلى الله من أجل الذين يحكموننا من ملوك وحكام وسلاطين، علينا أن نحب الوطن وأن نخلص له ونخضع لشرائعه وأن نذود عنه بكل وسيلة.وهذا مانردده في القداس الذي وضعه مرقس الرسول .
 ويقول القديس بولس في هذا الصدد: "فأسأل قبل كل شيء أن يقام الدعاء والصلاة والابتهال والشكر من أجل جميع الناس ومن أجل الملوك وسائر ذوي السلطة، لنحيا حياة سالمة مطمئنة بكل تقوى ورصانة، فهذا حسن ومرضي عند الله مخلصنا"
اعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله هو الولاء للوطن الذي نعيش فيه  بامانة وعندما نكونوا امناء في القليل يقيمنا علي الكثير وهو الابدي  يقول السيد المسيح  في متي 25 "كنت امينا في القليل اقيمك علي الكثير " ويقول القديس يوحنا في رسالته الاولي ص5: لان من لايحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره ولنا هذه الوصية منه أن من يحب الله يحب أخاه ايضا (والمسيحية تعتبر كل البشر اخوة في الرب دون فوارق)
اخيرا : فالعدل ياتي من خلال هذا التمييز المنصف بين ماهو سياسي دنيوي وبين ماهو ديني ، ويظهر هذا الإنصاف في مقولة السيد المسيح ( أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله ) ولم يقل لقيصر أن يأخذ مالله ولم يقل للناس أن يأخذوا مالقيصر.
اضافة الي ماسبق ليس كل المسيحيين ذهبوا الي الاديرة لانه لو حدث هذا لمابقينا حتي تاريخه  رغم مرارة الاضطهادات وظلم الحكام  في حين ان  الاضطهادات لحقتهم في الاديرة التي هربوا اليها  
اما "لاشأن لهم بالوطن وليس لمجد الوطن وتعميره "  افضل رد علي هذا الكلام ماكتبه المؤرخ عبد العزيز جمال الدين في مقدمة تحقيقه عن يوحنا النيقوسي.
ان وجود المصريين الاقباط رغم الاحتلال والقهر الي يومنا هذا يعد من معجزات البقاء فعلي الرغم من الاضطهادات العاتية التي مر ويمر بها المصريون الاقباط علي مر العصور الي يومنا هذا,  فمازالوا يعيشون صراعاتها ويتعايشون مع احداثها وباقون لاستكمال مسيرتهم. 
ثم يستكمل قائلا: المصريون الاقباط هم امتداد مصر كحضارة واستمرارية مصر ممتدة في ابنائها الاقباط الذين يدينون بالولاء بوطنهم وارضهم , بصرف النظر عن دينهم , حتي وهم يعيشون في ارض الغربة والمنافي , ويعد هذا من الاسباب الاساسية التي تدفعنا  لبعث تراثنا المصري القبطي الذي طال عليه التجاهل لاسباب كثيرة ليس منها اي سبب علمي جدير بالاحترام
و سوف اسطر قريبا  مقال  عن دور الرهبنة  المصرية  في مصر  وتأثيرها في الحضارة الغربية , قال هزياك  احد اباء الرهبان في الغرب  : "أن الفن والشعر والعلوم والفلسفة قد وجدت في الرهبنة داخل  أسوار الاديرة" ويقول توماس كاهيل في كتابه "كيف انقذ الايرلنديون الحضارة " حيث اكد فيه ان الايرلنديون استطاعوا الحفاظ  علي الحضارة الاوربية كلها من خلال اديرتهم والفضل يرجع الي المصريين  في وضع بذور الرهبانية في ايرلندا والغرب  .
ان الرهبنة لم تكن  في اصلها هروب بل هو الانحلال عن الكل للارتباط بالواحد , لكن شدة الاضطهاد المريرة اضطر البعض بسببها الهروب الي الصحراء  بدلا من الشروط الثلاث الجزية او الاسلام او القتل 
وبالرغم من هروبهم الي الصحراء لم يرحمهم الغزاة العرب لاحقوهم بالاديرة وحصلوا الجزية منهم وختموا رقابهم بالرصاص وقطعوا اطرافهم وقتلوا بعضهم ومازالت الرهبنة قائمة والاقباط باقون ..انهم معجزة الدهور ....

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter