نفى حفيد جوزيف ستالين أن الدكتاتور السوفياتي كان "وحشا متعطشا للدماء من آكلي لحوم البشر" وحمل بشدة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلا إنه "بلا عقل".
إعداد عبدالاله مجيد: دافع حفيد جوزيف ستالين عن جده الذي اتهمه المؤخرون الغربيون بقتل ملايين من مواطني بلده معتبرًا أنه الدكتاتور السوفياتي لم يكون وحشًا محملًا بشدة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واصفًا إياه أنه "بلا عقل".
وكان يفغيني جوغاشفيلي (79 عاما) يتحدث بعد ان خسر قضية في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان أراد برفعها الدفاع عن سمعة جده الذين يتهمه مؤرخون غربيون بقتل ملايين من مواطني بلده.
بهلوانيات بوتين
وأكد جوغاشفيلي في هجوم كاسح على بوتين أن الرئيس الروسي ليس قائدًا قويًا مثل ستالين وانتقد بشدة ما سماها "بهلوانيات" بوتين، عميل المخابرات السوفيتية السابق، بظهوره في صور عاري الصدر قائلا انه يرأس حكومة "من الحرامية والمحتالين".
كما أصر حفيد ستالين في مقابلة خاصة مع ميل اونلاين ان بريطانيا ما زالت "عدو" روسيا رغم انه ارسل ابنه جاكوب لدراسة الفن في اسكتلندا.
وكان جوغاشفيلي طالب بتعويضات عن تعرضه للتشهير بعد أن ادعت صحيفة روسية ان ستالين تنصل من المسؤولية الاخلاقية عن مجزرة كاتين التي قُتل فيها 22 الف أسير حرب بولندي واصفة ستالين بأنه "متعطش للدم من آكلي لحوم البشر".
مسؤول عن موت نحو 40 مليون شخص!
واتُهم ستالين بالمسؤولية عن موت نحو 40 مليون شخص خلال حكمه الدموي للاتحاد السوفيتي. ولكن المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان في مدينة سالسبورغ الفرنسية اصدرت قرارا ضد جوغاشفيلي قائلة ان أعمال جده ستالين "تبقى مفتوحة للتمحيص والنقد العام".
وقال جوغاشفيلي الذي أغضبه القرار أنه ساخط على المحكمة. وأضاف "ان من الصعب اليوم إيجاد أي منطق في كل ما يُقال عن ستالين لأن وصفة عامة أُعطيت لمجتمعنا، تقول ان ستالين يجب ان يكون مسؤولا عن كل شيء".
ويُعتقد أن شرطة ستالين السرية أعدمت نحو 22 الف بولندي في كاتين خلال شهري نيسان (أبريل) وآيار (مايو) 1940 في حين أعلن الاتحاد السوفيتي ان النازيين هم الذين قتلوهم في عام 1941. وفي عام 1990 اعترف الكرملين رسميا بالمسؤولية عن قتلهم.
نظرية مؤامرة
ولكن جوغاشفيلي يذهب إلى أنّ جده بريء وان الاعلام البولندي والروسي جزء من نظرية مؤامرة لتحميل ستالين المسؤولية. وقال جوغاشفيلي ان صحيفة نوفايا غازيتا الروسية الليبرالية التي طالبها بتعوض قدره 160 الف جنيه استرليني "لا تهمها الحقيقة".
واقترح "أن ننظر إلى كاتين من جديد. إذا كان الروس من ارتكبوا المجزرة فلماذا لم يقل هتلر شيئا عنها عندما هاجم الاتحاد السوفيتي؟ ان هتلر ما كان ليفوِّت فرصة كهذه".
رواية خاطئة
وأعرب جوغاشفيلي عن اقتناعه بان غوبلز وزير دعاية هتلر كان يشير إلى مجزرة كاتين حين كتب "نحن الذين زرعنا مثل هذه القنبلة". قال إن جده ستالين هو الذي أعاد تجميع الجيش البولندي "فلماذا كان يحتاج إلى اطلاق النار على الضباط" الذي أُعدموا في كاتين.
وأعرب جوغاشفيلي عن استغرابه من قبول الشعب البولندي لهذه الرواية قائلا "أنا لا أفهم لماذا يصدق الشعب البولندي هذه الرواية الخاطئة. أين المنطق هنا؟"
وهاجم حفيد ستالين بشدة الكرملين لعمله مع الحكومة البولندية بتشكيل لجنة وكشف وثائق سوفيتية سرية تشير إلى مسؤولية السوفيت عن المجزرة. وقال إن الأدلة التي كُشف عنها من ارشيف الاتحاد السوفيتي "مزيفة" واعدا باستخدام كتاب جديد عن جده لتصويب ما يقول انها "افتراءات التاريخ".
وقال جوغاشفيلي بتهكم ان مكافأة بوتين على اعترافه بذنب روسيا كانت دعوته إلى المشاركة في احياء ذكرى مرور 70 سنة على تحرير الجيش الأحمر لمعسكر الموت النازي في اوشفيتز.
لصوص ومحتالون
واعلن جوغاشفيلي "ان العجيب ان تُشكل لجان يديرها الكرملين نفسه، فان قيادتنا في الكرملين من الحرامية والمحتالين". وحمل على بوتين قائلا "إذا كنت لا تحب شعبك ووطنك، ولا تحب تاريخك كيف نستطيع ان نطالب به من الغرباء؟"
ويرى حفيد ستالين ان جده "لو عاش خمس سنوات أخرى لمُنعت الكارثة التي حدثت في روسيا ولكن ستالين رحل ونيكيتا خروشيف تسلم مقاليد السلطة وبدأ يدمر الاقتصاد، وأدى هذا إلى وضع سيطر فيه على السلطة اعداء السوفيت من امثال غورباتشوف ويلتسين وبوتين".
واتهم جوغاشفيلي الرئيس الحالي بالمسؤولية عن الأزمة الاوكرانية قائلا ان بوتين يهتم بصورته أكثر من اهتمامه بالسياسة. وأضاف ان منصب الرئاسة كبير على بوتين متسائلا "ما الذي يفعله؟ وما هو هدفه؟".
ومضى جوغاشفيلي قائلا في حديثه مع ميل اونلاين انه "ليس هناك اذكياء في ادارة بلدنا بل لصوص فقط". وقال إن من يريد استعادة القرم كان عليه "ان يبدأ بخطوات قانونية وليس بعمل عسكري".
التنازل عن القرم
وخاطب بوتين قائلا "اذهب وادرس الأساس القانوني، وكيف جرى التنازل عن القرم اصلا" في إشارة إلى قرار خروشوف عام 1954 فصل شبه جزيرة الرقم عن روسيا وربطها اداريا باوكرانيا في اطار الاتحاد السوفيتي.
وأكد جوغاشفيلي ان روسيا كانت تستطيع استعادة القرم بالطرق السلمية وكان بمقدور بوتين ان يشتريها من احتياطات روسيا الضخمة من النفط والغاز. وأضاف "ان ايام الالحاق والضم ولَّت فنحن نعيش في القرن الحادي والعشرين وما زال قادتنا يستخدمون الأساليب القديمة".
وأيد جاكوب (42 عاما) نجل جوغاشفيلي الذي درس في كلية غلاسكو للفنون قضية والده بشأن مجزرة كاتين. وقال "ان واقعة قتل البولنديين رميا بالرصاص في كاتين أُدرجت في وثائق محكمة نورمبرغ العسكرية، وفي الحكم الصادر بتاريخ 1 تشرين الأول (اكتوبر) 1946 ثبتت المسؤولية الشخصية للمتهمَين هيرمان غورنغ والفريد يودل عن تنظيم جريمة كاتين".
ولاحظ "أن ملف كاتين كان مغلقا حتى اوائل التسعينات ولكن غورباتشوف اعلن فجأة وجود وثائق مصنفة من الملف السري رقم واحد تثبت، على ما يُزعم ان الاتحاد السوفيتي قتل البولنديين في كاتين". وذهب جاكوب إلى أنّ الباحث يوري موخين وجد في هذه الوثائق 10 أشارات إلى أنّها كانت ملفقة وازدادت هذه الأشارت اليوم إلى 49 أشارة.
وحين رفضت المحاكم دعوى جوغاشفيلي على صحيفة نوفايا غازيتا في 2009 لجأ إلى المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان حيث خسر القضية هناك ايضا. ولكنه أكد ان هذه الهزيمة لن تنال من تصميمه على انقاذ سمعة جده ستالين.
وكثيرا ما يُتهم جوغاشفيلي الذين كان ضابطا برتبة كولونيل في سلاح الجو السوفيتي السابق، بتبرير افعال جده ستالين وفترة حكمه إلى حد الدفاع عن قرار ستالين رفض مبادلة نجله ياكوف الذي وقع في أسر النازيين وقُتل في الأسر.
ستالين "كان عبقريا"
وقال جوغاشفيلي عن بطله ان ستالين "كان عبقريا. وان جدي عمل كل ما بوسعه للحفاظ على الامبراطورية التي ورثها من الحقبة القيصرية" مضيفا ان ستالين "قام بتصنيعها وتقويتها وتركها وهو لا يملك إلا قميصا وسترتين".
وقال جوغاشفيلي عن ستالين "انه كان اشبه بالمسيح مقارنة مع قادة اليوم بحساباتهم في المصارف السويسرية". وأكد جوغاشفيلي، وهو الأسم الحقيقي لعائلة ستالين، انه ما زال على رأيه بأن هناك من يريدون تحميل ستالين المسؤولية عن كل شيء واقناع الشباب بأن ستالين كان طاغية.