د. ممدوح حليم
يمر هذه السنة 150 عاما ً على صدور الترجمة العربية المتداولة للكتاب المقدس، إذا تم الانتهاء من ترجمتها في أغسطس عام 1864 ، لتصدر النسخ الأولى منها من المطبعة في مارس عام 1865
وتدعى هذه الترجمة ترجمة "سميث – فانديك – البستاني" ، إنهم الرجال الثلاثة العظماء الذين كانوا وراء القيام بها وصدورها. ولقد صدرت وتمت في العاصمة اللبنانية بيروت.
وكانت " لجنة المرسلين الأمريكيين" في بيروت قد قررت الشروع في ترجمة الكتاب المقدس من لغاته الأصلية عام 1847 ، وتعد هذه المرة الأولى التي يترجم فيها الكتاب من اللغات الأصلية إلى العربية حيث كانت الترجمات السابقة تتم من الترجمة السبعينية الوسيطة.
عهدت اللجنة إلى المستشرق الأمريكي الكبير د. إيلاي سميث للقيام بهذا العمل، وقد ولد عام 1801، وعمل كمرسل في مالطه، ومنها إلى بيروت عام 1827 حيث تعلم اللغة العربية واتقنها فصحة وعامية. إلا أنه مات صغيرا ً في 11 يناير 1857 قبل اكتمال العمل.
عاون سميث في الترجمة المعلم اللبناني الكبير بطرس البستاني( 1819 – 1883 ) الذي دعي " أبو التنوير العربي" وهو صاحب أول دائرة معارف عربية. وكان ضليعا ً في اللغة العربية واللغات القديمة، كما علًم نفسه الإنجليزية. وفي عام 1840 وصل إلى بيروت بعض المرسلين الأمريكان فتواصل معهم وترجم لهم. يعتبر بطرس البستاني من أعظم رواد النهضة الأدبية في العالم العربي، ومن أوائل من نادى بتعليم المرأة، وقد ألًًف قاموس محيط المحيط.
تولى التدقبق اللغوي وضبط اللغة الشيخ ناصيف اليازجي، وهو نحوي قدير.
وبعد وفاة سميث، تولى العمل د. كورنيليوس فان دايك (1818 – 13 / 11 /1895 )، وهو مستشرق وطبيب وعالم أمريكي، كان يتقن 10 لغات قديمة وحديثة. وقد استعان بالشبخ يوسف الأسير الأزهري لتدقيق اللغة العربية.
إذ نذكر هؤلاء العلماء الأجلاء الذين بذلوا جهدهم وعلمهم من أجل صدور هذه النسخة المرموقة من الكتاب المقدس، والتي مازالت لها قيمة علمية رفيعة رغم مرور السنين، فإننا نرجو لكلمة الله كل الانتشار والإثمار.