القمص اثناسيوس جورج
لا يوجد مصري واØد معرو٠ومشهور ÙÙŠ التاريخ المسيØÙŠ كله أكثر من أنطونيوس الكبير؛ بل أن سيرته Ù…Ù„Ù…Ø Ù…Ù† صياغة الهوية المسيØية ÙÙŠ التاريخ القديم.. والمعجزة أن ذاك الذي ترك العالم وتØاشى كل رباطاته وعاش منÙردًا ÙÙŠ جبل قد صار مشهورًا ذائع الصيت ÙÙŠ العالم كله، لأنه لم يتكلم عن الإيمان المسيØÙŠØ› ولم يصنع له (دعاية) بلغة اليوم؛ لكنه بأعماله أظهر إيمانه (تكلم بأعماله وعمل بأقواله).
كان غنيًا؛ لكنه باع كل شيء وتبع المسيØØŒ ولم تكن Øياته قصبة تØركها Ø§Ù„Ø±ÙŠØ ÙƒÙ…Ø§ تشاء؛ لكنه مضى بوعي وإرادة تاركًا كل شيء من أجل تنÙيذ عملي للوصية “اتبعني” متى Û²Û±:Û±.. Ùصار هو واقعًا إلهيًا على مستوى الØياة والقدوة وإنجيل ØÙŠ Ù…Ùعاش؛ لأنه لم يعر٠الوصية ككلمات مجردة؛ بل ÙƒÙعل وكنسمة Øياة، أمسك بها ÙÙŠ ثبات؛ وألقى Ù†Ùسه على نعمة الله بالتمام.
استمد ÙلسÙته الروØية من Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø¥Ù†Ø¬ÙŠÙ„ ووصيته، Ùعاشها وعمل بها كقانون Øياة؛ ولم ÙŠØد عنها مهما ثقلت عليه الØروب؛ لكنها صارت له قوة داÙعة ليمتد إلى ما هو قدام؛ وليتØسس الخيرات السماوية ÙÙŠ Øياة موصولة التيار بØياة Ù…Ø³ÙŠØ Ø§Ù„Ø¨Ø±Ø§Ø±ÙŠ والأصوام؛ Ù…Ø³ÙŠØ Ø¬Ø¨Ø§Ù„ التجربة والتجلي والجلجثة.
عاش أنطونيوس ÙÙŠ البرية الجوانية وجاهد ضد الشياطين وكسب الصØراء Ù„Ù„Ù…Ø³ÙŠØ ÙˆÙ†Ø´Ø± الرهبنة الأنطونية بصورة سريعة ومذهلة للعقل؛ لا يعر٠أØد سر بداياتها ونموها إلا الذي عاشها.. كان Ùكره ساجدًا وعقله مستنيرًا وجسده ناسكًا وروØÙ‡ عالية متوازنة، Ùصار أبا الرهبان وأبا اللاهوتيين وعلامة عظمى ÙÙŠ ضمير الكنيسة المسكونية، وسيرته ÙÙŠ جملتها ترجمة Øية للاهوت الكريستولوجي الذي جسّده القديس أثناسيوس الرسولي؛ والتي وردت ÙÙŠ سيرة القديس أنطونيوس وتضمنت الأدلة الØياتية الواقعية على لاهوت المخلص وعمله العجيب، وهي التي جعلت دعوته لا انعزالية هروبية أو نرجسية؛ لكنها دعوة روØية عاملة بالإيمان لطلب ملكوت الله بواسطة الطريق الضيق.
صارت سيرته وسيلة Ø¥ÙŠØ¶Ø§Ø Ø¹Ù…Ù„ÙŠØ© للرد على الهرطقات والبدع، ÙÙÙŠ إطار صراعه مع الشيطان؛ انتصر ÙÙŠ Øروب البرية؛ وانتصر عندما أتى إلى الاسكندرية المدينة العظمى لمواجهة بدعة أريوس، وكذلك ÙÙŠ زمن الاستشهاد، وكان نصره ÙÙŠ Øقيقته ليس نصره هو؛ بل نصر المخلص Ùيه.
أتت سيرته ÙÙŠ إطار أدب السير (Biography) ضمن علم الأجيولوجيا المتعلق بقديسي الكنيسة؛ متضمنة الأسانيد الكتابية تأكيدًا على إنجيلية الرهبنة ÙÙŠ التبعية وترك الغنى والتر٠والمال Ù„Øمل الصليب من أجل التجرد والتوزيع ومعاشرة الملائكة، Ùتتلمذ القديس على ملائكة علموه الجهاد وسلموه الزي وعمل اليدين، لذلك تسمت طغمته (ملائكة أرضيين أو بشر سمائيين)Ø› ناسكًا بØسب الإنجيل متعلمًا من الكتب المقدسة، ذاكرته غنية بالكلمة، وبهذا قدم كاتب سيرته Ø£Ùضل وأذكى رد على الهجوم ÙÙŠ الادعاء بأن الرهبنة لا تنبع من Ùكر إنجيلي.
كان أنطونيوس ØصيÙًا Øاضر الذهن ÙˆÙÙŠ غاية الذكاء وغزارة الÙهم والØÙظ؛ لكنه لم يكن يجيد اليونانية، أما وجه العجب كان ÙÙŠ رسائل الأباطرة له ÙˆÙÙŠ اعتماده على المترجمين؛ ÙˆÙÙŠ رÙضه للمجد الباطل ÙˆÙÙŠ تسليم Øياته لله؛ الذي لم يجعله عاطل العقل، ماهرًا ÙÙŠ الإرشاد والخبرة الروØية؛ متعلمًا من السموات؛ بØكمة لم تكن بشرية ويكÙÙŠ النظر إليه.
أكدت سيرة أنطونيوس النارية على الوØدة والانسجام بين الرهبنة والكنيسة، وكي٠صارت الرهبنة خط الدÙاع الأول عن الكنيسة، كذلك أكدت على التوازن والاتساق، Ùأنطونيوس Øينما خرج من مغارته التي عاش Ùيها عشرين سنة ÙÙŠ عزلة كاملة؛ ÙˆÙجد لا بدينًا مترهلاً ولا Ù†Øيلاً؛ ÙˆÙجد لا ضØوكًا أو مكتئبًا؛ لكنه معتدلاً متعقلاً؛ وهذا هو التواÙÙ‚ بين Øالته الطبيعية الأصلية والثبات الداخلي الكامل كأيقونة الله ومثاله.. وعندما بلغ Û±Ù Ù¥ سنة كان Ù…ØتÙظًا بنضارته، وعيناه لم تكلا ولم ÙŠÙقد ولا ضرسًا من أسنانه، ويداه ورجلاه ÙÙŠ صØØ© كاملة، صاØيًا باشًا، يعر٠الله ويعر٠نÙسه ويعر٠زمانه.
روØانيته وتكوينه ديناميكي، Ùلم يكن يرÙض وجود علاقات له مع الآخرين أو مع المØتاجين؛ أو Ù†ØÙˆ الكنيسة العامة؛ لكنه ساند Ù…ÙŽÙ† أتوا إليه لطلب المساعدة والإرشاد والشÙاء.. تØاور مع الÙلاسÙØ©ØŒ وراسل الأباطرة، وصنع المعجزات والسلام بين المتخاصمين، ودØض البدع، واÙتقد الشهداء، وارتبطت سيرته ببولا أول السÙÙˆØ§Ø ÙˆØ¨Ø§Ù„Ø¨Ø§Ø¨Ø§ أثناسيوس الرسولي وبالقديس ديديموس الضرير، وبالقديس مكاريوس الكبير وبتلاميذ كثيرين، لكنه ومع ذلك اØتÙظ بمساÙØ© متوازنة Øققت سلامة المعادلة... Ùعلاقته مع الأباطرة والسلاطين إنما كانت تتم عبر الرسائل، ومواجهته للهراطقة إنما كان يضع Ù†Ùسه Ùيها خل٠رؤساء الكنيسة؛ مبتعدًا عن Øدود المكان والزمان؛ لكنه Øاضر ÙˆÙاعل بقوة دون أن يكون مرتبطًا بأي شيء، ÙاØتÙظ بانسجامه الداخلي المتأصل ÙÙŠ روØانية الرهبنة الÙريدة القائمة على ÙˆØدة المعرÙØ© والكيان.
Ùلننزع من قلوبنا Ø£Ùكار الشر والظنون الخداعة التي تظلم العقل؛ كي نتÙهم ونتأمل المعجزات العالية التي لأبينا العظيم أنطونيوس الذي صار لنا مرشدًا وميناء خلاص؛ ودعانا بÙØ±Ø Ø¥Ù„Ù‰ الØياة الأبدية.. ولنثبت ÙÙŠ الإيمان المستقيم على طريق هذا العنبر المزهر؛ مؤمنين أن الله سيÙØªØ Ù„Ù†Ø§ عندما نقرع؛ وسنجد كلما نطلب؛ وسنأخذ كلما نسأل من الله إله أنطونيوس معيننا أجمعين.