بقلم : صلاح عيسي | السبت ٣١ يناير ٢٠١٥ -
٣٧:
١٢ م +02:00 EET
جماعة الإخوان المسلمين
أسقطت أحداث الأسبوع الماضى ما تبقى من ورقة التوت التى حاولت جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها، على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة، أن تتقنع بها، وتتستر خلفها، لكى تخدع المصريين عن حقيقة مشروع النهضة، الذى كانت تعده للبلاد وللعباد، وجوهر شعارات «الإسلام هو الحل» و«دولة مدنية ذات
مرجعية إسلامية» و«لا نبغى إلا الإصلاح»، وغيرها من الأكاذيب التى كانت تحاول أن تسوّق بها نفسها لهم، مدعومة بزجاجات الزيت ومدسوسة فى شكائر السكر وملصقة على كراتين فطرة رمضان، لكى يبتلعوا أكذوبة أن جماعة الإخوان هى جماعة سياسية مدنية، تسعى لتحقيق أهدافها بالأساليب الديمقراطية السلمية، وأن كل ما تريده هو أن يكون لها موقع قدم على الخريطة السياسية، ضمن غيرها من الأحزاب الدينية، لكى تشارك فى تحقيق المصالح العامة لبلد هو دار المصريين جميعاً، تساوى بينهم أمام القانون فى الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن ألوانهم وأنواعهم وأديانهم ومعتقداتهم السياسية، ويقوم نظامها السياسى على التعددية الحزبية وتداول السلطة، وعلى أن الأمة هى مصدر كل السلطات.
وخلال الأسبوع الماضى- وللمرة الألف- تأكد للمصريين جميعاً، أنهم كانوا على حق حين انتفضت جموعهم يوم 30 يونيو 2013 لكى تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد أن اكتشفوا خلال عام واحد من حكم الجماعة أنهم منحوا ثقتهم لمن لا يستحقها، وأنهم خدعوا أنفسهم حين صدقوا ادعاء الجماعة الكاذب بأنها فصيل مدنى ديمقراطى يسعى للإصلاح، وحين قبلوا توسلات قادتها بأن يمنحهم الغاضبون ثقتهم لكى يطبقوا منهجهم وينفذوا مشروع النهضة، باعتبارهم التيار الوحيد الذى لم يأخذ فرصته فى الحكم، فكانت النتيجة عاماً من الفوضى الشاملة، اكتشف المخدوعون من المصريين الذين منحوا الإخوان ثقتهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية لعام 2012، أنهم أعطوها لفريق أقرب للعصابة منه إلى الجماعة السياسية، وأنهم لا يعرفون عن الإسلام الذى رفعوا راياته إلا أنه وسيلة للارتزاق السياسى، فلم يسبق لأحدهم أن اجتهد فى شؤونه، على نحو يوائم بين أصوله وضرورات الدولة المدنية الديمقراطية، وأن مشروع النهضة الذى وضعوه هو أكذوبة للضحك على الذقون، ولأنهم جسد بلا رأس، وعضلات بلا عقل، فقد رفضوا بعناد مطلب الشعب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فأتاحوا له بذلك أن يتخلص من سرطان كاد يقود البلاد إلى حرب أهلية!
وما جرى بعد ذلك، ووصل إلى إحدى ذراه فى الأسبوع الماضى، هو الترجمة العملية للشعارات التى ظل الإخوان يرفعونها ويضحكون بها على الناس من «الإسلام هو الحل» إلى «نحن نبغى الإصلاح» ومن «مشروع النهضة» إلى انخفاض سعر كيلو المانجو إلى ثلاثة جنيهات، وغيرها من اللافتات التى تخلو من أى مضمون، فالإسلام والإصلاح والنهضة والدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية فى مفهومهم وممارساتهم العملية هى نشر الخراب فى كل مكان يحلون به، والأخ المسلم فى رأيهم ليس هو الذى يسلم المسلمون من يده ولسانه، ولكنه الذى يؤذى المسلمين وغير المسلمين بيده ولسانه، ومولوتوفه ومتفجراته، والعمل الصالح الذى يقود إلى الجنة ليس فى تعمير الكون وإماطة الأذى عن الطريق، ولكن الذى يضمن لك قصراً فى الجنة، طبقاً لفقه المخربين، هو تفجير محولات الكهرباء وأبراجها فى القرى والأحياء ليسود الظلام، وسكب زيت الطعام على الطرق التى تربط بين المحافظات، وتفجير جرارات القطارات ووضع المتفجرات على قضبانها، ودس القنابل فى محطات المترو، لكى يعود الناس إلى ركوب الإبل والجمال والانتقال بالدواب، لأن تلك هى السنة النبوية، كما يفهمونها، وهى فى تفجير ماكينات الصرف الآلى فى البنوك، ومحاولة حرق مكاتب البريد، لأن الأولى حرام، بينما الحلال هو شركات توظيف الأموال على طريقة «الريان» و«السعد»، ولأن مشروع النهضة يقضى باستبدال الحمام الزاجل بوسائل الاتصال التى اخترعها الطاغوت!
ما حدث فى الأسبوع الماضى هو تنفيذ لما طالب به سيد قطب، الذى كان يدعو إلى هدم الحضارة المعاصرة، بدعوى أنها من صنع الطاغوت البشرى الذى ارتدّ بالعالم إلى جاهلية كالجاهلية التى سبقت الإسلام، وهو البرنامج الذى سينفذونه لو عادوا إلى الحكم.. وهذا هو «عشم إبليس فى الجنة»!
ومرة أخرى: كان غيركم أشطر.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع