الأقباط متحدون - طوبى لكم إذا عيَّروكم واضطهدوكم، وقالوا عليكم كل كلمة سوء من أجلي كاذبين
أخر تحديث ٢٢:٤٩ | الاربعاء ٤ فبراير ٢٠١٥ | ٢٩ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٦٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

طوبى لكم إذا عيَّروكم واضطهدوكم، وقالوا عليكم كل كلمة سوء من أجلي كاذبين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د. ندى الحايك خزمو*
تحدثت في مقالات عديدة حول التآخي المسيحي الاسلامي، وبخاصة في فلسطين حيث تم الغاء هذا الشعار من قبل فئة من الناس الذين لا يريدون هذا التآخي، بل ويتصيدون أية فرصة للتعرض للمسيحيين والاعتداء عليهم اما جسدياً أو لفظياً أو عن طريق الاعتداء على مقدساتهم ورموزهم الدينية.

نستغرب هذا الموقف من هؤلاء، والذي وللأسف قد بات عددهم يكبر ويتنامى، وقد صُدمنا عندما شاهدنا مظاهرة تخرج من المسجد الأقصى المبارك تحمل شعارات مسيئة للمسيحيين مثل  "الا الحبيب يا عباد الصليب"، والأنكى من ذلك أن تقوم الزميلة صحيفة القدس في عددها الصادر يوم السبت 17/1/2015  باختيار فقط الصورة التي تحتوي على هذا الشعار في صدر صفحتها الأولى عند نقل الخبر عن المظاهرة التي خرجت ونددت بالرسومات الساخرة المسيئة للاسلام في صحيفة تشارلي ابدو الفرنسية، وهذا مما أثار الاستياء بأن تقوم وسيلة اعلامية، يفترض أن تدعو الى الوحدة والتآخي، بنشر مثل هذه الصورة التي تشعل نار الفتنة الطائفية، هذا مع العلم بأن صحيفة تشارلي ابدو لم تسء فقط للمسلمين بل سبق وأن تطاولت أيضاً على الدين المسيحي كون أصحابها ليبراليين وملحدين.

باستمرار وقف المسيحيون في خندق واحد مع أخوتهم المسلمين في أي حدث أو اعتداء عليهم وعلى مقدساتهم ورموزهم وبخاصة في فلسطين، وباستمرار استنكروا واصدروا البيانات التي تشجب أي اعتداء مهما كان على الرموز الاسلامية، وغضبوا حتى أكثر من المسلمين على ما نشرته صحيفة تشارلي ابدو، فهل يقابل المسيحيون في فلسطين بهذه الطريقة التي تسيء ليس فقط الى المسيحيين، بل تسيء للتآخي المسيحي الاسلامي، بل وتسيء أكثر الى وحدة شعبنا، وكأننا بحاجة الآن الى خلافات واختلافات تدمر هذه الوحدة وتقوضها.

ان المسيحيين عندما يقفون مع اخوتهم المسلمين فان ذلك ليس من باب الخوف أو رفع العتب، بل موقفهم هذا يأتي تطبيقاً لشعار التآخي المسيحي الاسلامي الحقيقي النابع عن مبدأ المحبة للآخر التي أوصانا بها يسوع المسيح له المجد عندما قال "هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ" (إنجيل يوحنا 15: 12)، بل وأوصانا أيضاً بمحبة الأعداء بقوله: "سمعتم انه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فأقول لكم: احبوا اعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا الى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم" (متى 5: 43-44)،

فالمسلمون هم أخوة لنا نحبهم ونحترمهم ونحترم مبادئهم وديانتهم،  فلماذا لا يبادلنا بعضهم هذه المحبة بالمثل، بل وانهم يعتبرون المسيحيين من الكفار ويتحينون الفرص للاعتداء عليهم بل وقُتل المسيحيون وارتكبت بحقهم جرائم شنيعة بغيضة أمام مرأى ومسمع من العالم بأجمعه، ولا أحد حرك ساكناً لوقف هذه المجازر، وما نشاهده في سورية والعراق ومصر ولبنان، وما فعله البعض من حرق للكنائس بعد نشر الرسوم المسيئة للاسلام، كما حدث في النيجر أكبر دليل على ذلك. وما يؤلمنا أكثر أننا رغم وقوفنا مع المسلمين في كل اعتداء عليهم لم نرَ مسيرات تندد بما يتعرض له المسيحيون في الدول العربية، بل ونفاجأ بمواقف عدائية ضد المسيحيين هنا في فلسطين وفي قلب القدس رغم أنه كان يضرب المثل بنا في التآخي المسيحي الاسلامي.

أما عن الشعار الذي رفعوه "الا الحبيب يا عباد الصليب" فنحن لسنا بعباد الصليب، بل نحن نكرم الصليب لأنه رمز لآلام السيد المسيح الذي صلب عليه، فنحن لا نعبد الا الله "نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل"، وما يقال عدا عن ذلك فهو يعتبر اعتداء على المسيحيين ومبادئهم وديانتهم، لذلك فإننا نرفض ما جاء في الشعار، ونطالب بالاعتذار من المسيحيين عن رفع مثل هذا الشعار، لنصدق ان هناك فعلاً تآخياً مسيحياً اسلامياً وليس مجرد شعار نرفعه في المناسبات ولكن على أرض الواقع يتم الصمت على كل ما يتعلق بالمسيحيين من اعتداءات.

وان كنا كمسيحيين نتسامح مع الآخرين عملاً بوصية سيدنا يسوع المسيح، فان ذلك لا يعني بأننا ضعفاء، فالتسامح قوة وليس ضعفاً، أما الاعتداءات فهي الضعف بعينه، وقوتنا بالله تعالى هي أكبر قوة "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" أي على الكنيسة، وان أمهل الله تعالى فانه لا يهمل، وقد جاء في الكتاب المقدس "لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (إنجيل متى 10: 28؛ إنجيل لوقا 12: 4، 5).. نعم اتقوا الله والا فعقابه لكم سيكون شديداً.  (البيادر).

* كاتبة وصحافية في مجلة البيادر المقدسية


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع